أسئلة وأجوبة مختارة من فتاوى الحج (1)
أسئلة وأجوبة مختارة من فتاوى الحج أسئلة وأجوبة مختارة من فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن باز
ج: ننصح بقراءة الكتب التي بينت أحكام الحج مثل: "عُمْدة الحديث" للشيخ عبدالغني المقدسي، ومثل: "بُلوغ المَرَام"، ومثل: "المُنْتَقى". هذه موجودة ومُهِمَّة، وهناك مَناسِك فيها كفاية وبركة إذا قرأتها استفدت منها. ومنها مَنْسَك كتبناه في هذا، وسميناه: "التحقيق والإيضاح لكثير من أحكام الحج والعمرة والزيارة"، وهو جيد ونافع ومفيد، وهناك مناسك أُخْرى لغيرنا من المشايخ والأخوة مثل: "منسك الشيخ عبدالله بن جاسر"، وهو جيد ومفيد. س: ما حكم من أَخَّر الحج بدون عُذْر، وهو قادِرٌ عليه ومُسْتَطيع؟[2] ج: مَنْ قدر على الحج ولم يحج الفريضة وأَخَّره لغير عُذْر، فقد أتى مُنْكرًا عظيمًا، ومعصية كبيرة، فالواجب عليه التوبة إلى الله مِنْ ذلك، والبدار بالحج؛ لقول الله - سبحانه -: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[3]، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((بُنِيَ الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإِقَام الصَّلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت))[4]؛ مُتَّفَق على صحته، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا سأله جبرائيل - عليه السلام - عن الإسلام، قال: ((أن تشهدَ أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتُؤْتِي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن اسْتَطَعْتَ إليه سبيلاً))[5]؛ أخرجه مسلم في صحيحه، من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - والله ولِيّ التوفيق. العُمْرَةُ واجبة في العُمْرِ مرة. س: حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((إنَّ الله كتب عليكم الحج))، فقام الأَقْرَع بن حَابِس فقال: "أَفِي كل عام يا رسول الله؟" قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لو قُلْتُها لَوَجَبَتْ؛ الحج مرة فمن زاد فهو تطوع))[6]؛ رواه الخمسة إلا الترمذي، وأصله في مسلم من حديث أبي هُرَيْرة. ألا يدل على عدم وجوب العمرة؟[7]. ج: الأدِلَّة متنوعة وهذا في الحج، والعُمرة لها أدلتها، والصوابُ أنها واجبة مرة في العمر؛ كالحج وما زاد فهو تطوُّع؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح لعائشة - رضي الله عنها - لما سألته: "هل على النساء جهاد؟" قال: ((نعم، جِهَاد لا قتال فيه: الحج والعمرة))[8]، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - لما سأله جبرائيل - عليه السلام - عن الإسلام، قال: ((الإسلام أن تشهدَ أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتُقيم الصلاة، وتُؤْتِي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج وتعتمر))[9]؛ أخرجه ابن خُزَيْمة، والدَّارقُطْني بإسناد صحيح. ولأدلة أُخْرى.
ج: الحج واجبٌ على المُكَلَّف على الفَوْر مع القُدرة إذا استطاع، قال الله - عَزَّ وَجَلّ -: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[12]. فالحج: هو الرُّكْن الخامس مِنْ أركان الإسلام، وهو واجب مع الاستطاعة، أما العاجز فلا حج عليه، لكن لو اسْتَطَاع ببدنه وماله وَجَب عليه، وإذا استطاع بماله، ولم يَسْتَطِع ببدنه؛ لكونه هرمًا أو مريضًا لا يُرْجَى بُرْؤُه، فإنه يقيم من ينوب عنه، ويحج عنه.
س: سمعت مِنْ بعض الناس: أن الحج قبل الزواج لا يصح فريضة؛ بل لا بُدَّ من تأدية الفَرِيضة بعد الزَّوَاج، هل هذا صحيح؟[16]. ج: هذا القول ليس بصحيح، فالحجُّ يجوز قبل الزواج وبعد الزواج، إذا كان قد بلغ الحُلُم فحجه صحيح، ويؤدي عنه الفريضة، أما إذا حَجَّ قبل أن يبلغ فيكون نافلة، والبلوغ يحصل بأمور ثلاثة: بإكمال خمس عشرة سنة، وبإنبات الشعر الخشن حول الفَرْج، وبإنزال المَنِيّ عن شهوة في الليل، أو في النهار، أو في النوم، أو في اليقظة. إذا نظر أو فَكَّر فأنزل المني يكون بذلك قد بلغ الحُلُم بإنزال المني عن تفكير، أو ملامسة، أو احتلام، وبإكمال خمس عشرة سنة، وبإنبات الشعر الخشن حول الفرج، هذه الأمور الثلاثة يحصل بها البلوغ للرَّجل والمرأة جميعًا، وتزيد المرأة أمرًا رابعًا وهو: الحَيْض، فإذا حاضَتْ صارت بَالِغة، فإذا حج بعدها أو بعد أحدها على الوجه الشرعي فحجه صحيح، ويُؤَدِّي عنه الفريضة ولو لم يتزوج.
ج: لا شَكَّ أن تَكرار الحج فيه فضلٌ عظيم للرجال والنساء، ولكن بالنظر إلى الزحام الكثير في هذه السنين الأخيرة؛ بسبب تيسير المواصلات، واتساع الدنيا على الناس، وتوفُّر الأمن، واختلاط الرجال بالنساء في الطَّواف وأماكن العبادة، وعدم تحرُّز الكثير منهن عن أسباب الفتنة، نرى أن عدم تَكرارهن الحج أفضل لهن، وأسْلَم لدينهن، وأبعد عن المَضَرَّة على المجتمع الذي قد يفتن ببعضهن، وهكذا الرجال إذا أمكن ترك الاستِكْثار من الحج؛ لقصد التَّوْسعة على الحُجَّاج، وتخفيف الزحام عنهم، فنَرجُو أن يكون أجره في الترك أعظم من أجره في الحج إذا كان تركه له؛ بسبب هذا القصد الطيب، ولا سيَّما إذا كان حجه يترتب عليه حج أتباعٍ له قد يحصل بحجهم ضرر كثير على بعض الحجاج؛ لِجَهْلِهِم أو عدم رفقهم وقت الطواف والرَّمْي وغيرهما من العِبَادات التي يكون فيها ازدحام، والشريعة الإسلامية الكاملة مبنية على أصلينِ عَظِيمَيْنِ: أحدهما: العناية بتحصيل المصالح الإسلامية وتكميلها ورعايتها حسب الإمكان. والثاني: العِنَاية بِدَرْء المفاسد كلها أو تقليلها، وأعمال المصلحينَ والدعاة إلى الحق وعلى رأسهم الرُّسل - عليهم الصلاة والسلام - تدُور بين هذَينِ الأصْلَينِ، وعلى حسب علم العبد بشريعة الله - سبحانه - وأسرارها ومقاصدها وتَحَرِّيه لِمَا يرضي الله، ويقرب لديه، واجتهاده في ذلك يكون توفيق الله له - سبحانه - وتَسْدِيده إياه في أقواله وأعماله. واسأل اللهَ - عزَّ وجَلَّ - أنْ يوفِّقنا وإياكم، وسائر المسلمينَ لكل ما فيه رِضَاه، وصلاح أمر الدين والدنيا، إنه سميعٌ قريبٌ.
ج: لا نعلم في ذلك حدًّا محدودًا؛ بل تُشْرَع في كل وقت؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((العُمْرَة إلى العُمْرَة كَفَّارة لما بينهما، والحج المَبْرُور ليس له جزاءٌ إلا الجنة))[19]؛ متفق على صحته، فكُلَّما تَيَسَّر للرجل والمرأة أَداءُ العمرة فذلك خيرٌ، وعملٌ صالح، وثَبَت عن أمير المؤمنينَ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: "العُمْرَة في كل شَهْر". وهذا كله في حق من يقدم إلى مَكَّة من خارجها. أما من كان في مَكَّة: فالأفضل له الاشتغال بالطواف والصلاة وسائر القُرُبات، وعدم الخروج إلى خارج الحرم لأداء العمرة إذا كان قد أَدَّى عمرة الإسلام، وقد يُقال باستِحْبَاب خروجه إلى خارج الحرم؛ لأداء العمرة في الأوقات الفاضلة كرمضان؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((عمرة في رمضانَ تَعْدِل حجة)) [20]، ولكن يجب أن يُرَاعَى في حَقِّ النساء عِنَايتهن بالحِجَاب، والبُعْد عن أسباب الفِتْنة، وطوافهن من وراء الناس وعدم مُزَاحمة الرجال على الحَجَر الأَسْود، فإن كن لا يَتَقَيَّدْن بهذه الأمور الشرعية فينبغي عدم ذهابهن إلى العمرة؛ لأنه يترتب على اعْتِمَارِهن مَفَاسد تضرهن، وتضر المجتمع، وتَرْبُو على مصلحة أدائهن العمرة، إذا كن قد أَدَّيْن عمرة الإسلام، والله - سبحانه وتعالى - أعلم. س: أرجُو من سماحتكم توضيح الآية: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}[21]، وهل الأحسن للمُقيم بمكة الطواف بالبيت، أم الصلاة، أثابكم الله؟[22]. ج: الله - تعالى - أَمَر أن يُطَهَّر بيته للطَّائفينَ، والعاكفينَ: وهم القائمونَ المُقيمون في هذا البلد، وتطهيره يكون بإبْعَاد ما لا خيرَ فيه للطائفينَ، والمُقيمينَ وجميع ما يُؤْذيهم من أعمال أو أقوال أو نَجَاسة أو قَذَر وغير ذلك، يجب تطهير بيته للطائِفينَ، والراكعينَ، والقائمينَ، والرُّكَّع السجود، فيكون ما حول البيت كله مُطَهَّرًا ليس فيه أذًى للعَاكِف، ولا الطائف، ولا المصلي، يجب أن يُنَزَّه عن كل ما يُؤْذِي المُصلِّينَ، ويشق عليهم، أو يحول بينهم وبين عبادة ربهم جل وعلا. أمَّا تفضيل الصلاة على الطَّوَاف، أو الطواف على الصلاة فهذا مَحلّ نَظَر، فقد ذكر جَمْع من أهل العلم أنَّ الغريب الأفضل له أن يكثر من الطواف؛ لأنه ليس بمُقِيم ولا يحصل له الطواف إلا بمكة، أما المُقيم بمكة فهو نازل مُقيم. وهذا: الصلاةُ أفضلُ له؛ لأن جنس الصلاة أفضل من جنس الطواف، فإذا أكثر من الصلاة كان أفضل. أما الغريب الذي ليس بمقيم: فهذا يُسْتَحَبّ له الإكثار من الطواف؛ لأنه ليس بمقيم؛ بل سوف ينزح ويخرج ويبتعد عن مكة، فاغتِنَامه الطواف أَوْلَى؛ لأن الصلاة يمكنه الإتْيَان بها في كل مكان يعني كل هذا في النافلة؛ أعني: طواف النافلة، وصلاة النافلة.
ج: ليس ما ذكرته صحيحًا، ولم يصدر ذلك مني، والصواب أن الحَجَّ والعمرة أفضل من الصَّدقة بنفقتهما لِمَنْ أخلص لله القصد، وأتى بهذا النُّسُك على الوَجْه المشروع، وقد صَحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((العُمْرة إلى العُمْرة كَفَّارة لما بَيْنَهُما، والحج المبْرُور ليس له جزاءٌ إلا الجنة))[24]؛ متفق على صحته، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((عُمْرة في رمضان تعدل حجة))[25]، مُتفق على صحته أيضًا. والله ولِيّ التوفيق.
ج: مَنْ حَجَّ الفريضة فالأفضل له أن يتبرع بنفقة الحج الثاني للمُجاهدينَ في سبيل الله؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا سُئِل: "أي العمل أفضل؟"، قال: ((إيمان بالله ورسوله))، قال السائل: "ثم أي؟"، قال: ((حج مبرور))[27]؛ مُتَّفق على صِحَّته. فجعل الحجَّ بعد الجِهَاد، والمرادُ به حج النافلة؛ لأن الحج المفروض رُكْن من أركان الإسلام مع الاستطاعة، وفي الصحيحينِ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((مَنْ جَهَّز غَازِيًا فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا))[28]. ولا شك أن المجاهدينَ في سبيل الله في أشَدّ الحاجة إلى المُساعدة المادية. والنفقة فيهم أفضل من النفقة في التطوع للحدِيثَيْنِ المذكورَيْنِ وغيرهما.
ج: إذا كانت الحاجة ماسَّة إلى تعمير المسجد فتُصْرف نفقة الحج تطوعًا في عمارة المسجد؛ لعظم النفع واستمراره، وإعانة المسلمينَ على إقامة الصلاة جماعة. أما إذا كانت الحاجة غير ماسَّة إلى صرف النفقة – أعني: نفقة حج التَّطَوُّع - في عمارة المسجد لوُجود من يعمره غير صاحب الحج، فحجه تَطَوّعًا عن والدَيْه بنفسه، وبغيره من الثِّقَات أفضل - إن شاء الله - لكن لا يجمعان في حجة واحدة؛ بل يحج لكل واحد وحده.
ج: إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل، فإن حجه لا يبطل ولا يلزمه حجة أخرى؛ لأن الأعمال الصالحة إنما تبطل إذا مات صاحبها على الكُفْر. أما إذا هداه الله وأسلم، ومات على الإسلام، فإن له ما أسلف من خير؛ لقول الله - عز وجل - في سورة البقرة: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[31]؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم - لحكيم بن حزام لما سأله عن أعمال صالحة فَعَلَها في الجاهلية، هل تنفعه في الآخرة؟ فقال له - صلى الله عليه وسلم -: ((أَسْلَمْتَ على ما أَسْلَفْتَ من خير))[32]، والله وَلِي التوفيق.
ج: مَنْ حج وهو تارك للصلاة: فإنْ كان عن جَحْد لوُجُوبها؛ كَفَر إجماعًا ولا يصِحّ حجه، أما إذا كان تركها تساهُلاً وتهاونًا، فهذا فيه خلافٌ بين أهل العلم: منهم من يرى صحة حجه، ومنهم من لا يرى صحة حجه، والصوابُ أنه لا يصح حجه أيضًا؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((العَهْد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمَنْ تَرَكها فقد كَفَر))[34]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((بَيْن الرجل وبين الشرك والكُفْر تَرْك الصلاة))[35]، وهذا يعم من جَحَدَ وجوبها، ويعم من تركها تَهَاوُنًا، والله ولي التوفيق.
ج: لا حَرَجَ أن يحجَّ الصبي، بحيث يعلم ويحج ويكون له ذلك نافلة، ويُؤْجر عن حجه؛ لكن لا يجزئه عن حجة الإسلام، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أَيُّما صبي حجَّ ثم بلغ الحِنْث فعَلَيْه أن يحجَّ حجة أخرى))[37]، وقد قالت امرأة للرسول - صلى الله عليه وسلم - ومعها صبيٌّ صغير: "يا رسول الله ألِهَذا حج؟" فقال: ((نعم، ولك أَجْر))[38]، وقال الصحابة: "كُنَّا نُلَبِّي عن الصبيان، ونَرْمِي عنهم".
لو حَجَجْتُ بطفلي الصغير ولبَّيْتُ عنه؛ ولكننا لم نستَطِعْ أن نكمل حجه فهل علينا شيء؟ نرجو التَّكَرُّم بالإفَادة[39]. ج: يُسْتَحَبّ لِمَنْ حج بالطفل من أب أو أم أو غيرهما أن يُلَبِّيَ عنه بالحج، وهكذا العمرة؛ لما ثَبَت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن امرأةً رفعت صبيًّا فقالت: "يا رسول الله، ألهذا حج؟" قال: ((نَعَم، ولك أَجْر))[40]؛ أخرجه مسلم في صحيحه. ويكون هذا الحج نافلة للصبي، ومتى بلغ وَجَب عليه حَجّ الفريضة إذا استَطَاع السبيل لذلك، وهكذا الجارية، وعلى مَنْ أحرم عن الصبي، أو الجارية أن يَطُوف به، ويَسْعَى به، ويَرْمِي عنه الجِمَار، ويذبح عنه هديًا إن كان قارنًا أو مُتَمَتِّعًا، ويطوف به طَوَاف الوَدَاع عند الخُروج؛ للحديث المذكور ولما جاء في مَعْناه من الأحاديث والآثار عن الصحابة - رضي الله عنهم - ومن قصر في ذلك فعليه أن يتمم. فإن كان قد ترك الرَّمْي عنه، أو ترك طَوَاف الوَدَاع، فعليه عن ذلك دمٌ يذبح في مكة للفُقراء من مال الذي أحرم عنه، وإن كان لم يطف به طَوَاف الإفاضة أو لم يسعَ به السَّعْي الواجب، فعليه أن يرجعَ به إلى مكَّة ويطوف ويسعى، وإذا كان من معه الصبي أو الجارية يخشى أن لا يقوم بالواجب فليترك الإحرام عنه؛ لأن الإحرام ليس واجبًا؛ ولكنه مستحبٌّ لمن قدر على ذلك. والله ولي التوفيق.
ج: أعمال الصبي الذي لم يبلغ - أعني أعماله الصالحة - أجرُها له هو لا لوالده ولا لغيره؛ ولكن يؤْجَر والده على تعليمه إياه، وتوجيهه إلى الخير وإعانته عليه؛ لما في صحيح مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن امرأة رفعتْ صبيًّا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع فقالت: "يا رسول الله: ألهذا حج؟"، قال: ((نعم، ولك أَجْر))[42]. فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ الحج للصبي، وأن أمه مأْجُورة على حَجّها به. وهكذا غير الولد له أجرٌ على ما يفعله من الخير؛ كتعليم من لديه من الأيتام، والأقارب، والخَدَم، وغيرهم من الناس؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ دَلَّ على خَيْر فَلَهُ مِثْل أجر فَاعِلِه))[43]؛ رواه مسلم في صحيحه؛ ولأن ذلك من التَّعاوُن على البر والتَّقْوى، والله - سبحانه - يثيب على ذلك. س: حديث جابر أنه قال: "عندما حَجَجْنا مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - لَبَيْنَا عن الصبيان، ورمينا عنهم"؛ هل يصِحّ هذا الحديث؟[44] ج: في سَنَدِه مقالٌ؛ لكن الرَّمْي عن الصبيان وعن العاجزين لا بأس به؛ لأن الصحابة رموا عن الصبيان، ومثلهم المرأة العاجزة، والرجل العاجز، فإنهم يوكلون من يرمي عنهم. وهذه قاعدة شرعية في مثل هذا الأمر الذي تدخله النيابة. س: هل يشترط أن يكون الصبيُّ مميزًا؟[45] ج: ليس بشرط؛ بل يصح الإحرام عنه، ويطوف به ولِيّه، ويسعى به، ويرمي عنه؛ لما روى مسلم في صحيحه أن امرأة رفعت للنبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع صبيًّا صغيرًا وقالت: "يا رسول الله، ألهذا حج؟"، قال: ((نعم، ولك أجر))[46].
ج: لا يجب عليها الحج ولا العمرة إلا عند وجود المَحْرَم، ولا يجوز لها السفر إلا بذلك، وهو شرط للوجوب.
ج: الصواب أنهم يَأْثَمُون إلا بمَحْرم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تُسافر المرأة إلا مع ذي مَحْرَم))[49]، وهو يعم سفر الحج وغيره. وليس على المرأة حج إذا لم تجد مَحْرمًا يُسافر معها، وقد رَخَّصَ بعض العلماء في ذلك إذا كانت مع جماعة من النساء بصُحْبة رجال مؤمنينَ؛ ولكن ليس عليه دليل، والصواب خلافُه للحديث المذكور.
ج: ليستِ المرأة مَحْرَمًا لغيرها، إنما المَحْرَم هو الرجل الذي تحرم عليه المرأة بنسب: كأبيها وأخيها، أو سبب مُباح: كالزوج، وأبي الزوج، وابن الزوج، وكالأب من الرضاع، والأخ من الرضاع ونحوهما. ولا يجوز للرجل أن يخلوَ بالمرأة الأجنبية، ولا أن يسافر بها؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تُسافر المرأة إلا مع ذي مَحْرم))[51]؛ متفق على صحته؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يخلُوَنَّ رجل بامرأة، فإن ثالثهما الشيطان))[52]؛ رواه الإمام أحمد، وغيره من حديث عمر - رضي الله عنه - بإسناد صحيح.
ج: أبو الزوج مَحْرم لزوجة الابن في الحج وغيره.
ج: أدنى سن يكون به الرجل مَحْرمًا للمرأة هو البلوغ، وهو إكمال خمسة عشر سنة، أو إنزال المني بشهوة، أو إنبات الشعر الخشن حول الفرج، ويُسمى العانة. ومتى وُجِدَتْ واحدة من هذه العلامات الثلاثة صار الذَّكَر بها مكلفًا، وجاز له أن يكون مَحْرَمًا للمرأة، وهكذا وجود واحدة من الثلاث تكون بها المرأة مكلفة، وتزيد المرأة علامة رابعة وهي الحيض، والله ولي التوفيق.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد: كتابكم المؤرخ في 15/1/1394هـ وصل، وصلكم الله بهداه، وما تضمنه من الإفادة: أنك اختلفت مع أحد زملائك في جواز سفر المرأة المُسْلِمة بالطائرة بدون مَحْرم، مع أن وليها يكون معها حتى تركب الطائرة، ومحرمها الآخر يكون في استقبالها في البلد المُتَوَجِّهَة إليه، ورغبتك في الفتوى كان معلومًا. ج: لا يجوز سَفَر المرأة المسلمة في الطائرة ولا غيرها بدون مَحْرم يرافقها في سفرها؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تسافر المرأة إلا مع ذي مَحْرم))[56]؛ مُتَّفق على صحته؛ ولأنَّه من المحتمل تعرضها للمَحْذور في أثناء سير الطائرة بأية وسيلة من الوَسائل، ما دامت ليس لديها من يَحْمِيها، وأمر آخر وهو أن الطائرات يحدث فيها خرابٌ أحيانًا، فتنزل في مطار غير المطار الذي قصدته، ويقيم ركابها في فُندق أو غيره في انتظار إصلاحها، أو تأمين طائرة غيرها، وقد يمكُثون في انتظار ذلك مدة طويلة أو يوم أو أكثر، وفي هذا ما فيه مِنْ تعرض المرأة المسافرة وحدها للمحذُور، وبالجملة فإن أسرارَ أحكام الشريعة الإسلامية كثيرة، وعظيمة، وقد يخفى بعضها علينا، فالواجبُ التَّمَسُّك بالأدلة الشرعية، والحَذَر من مُخَالفتها من دون مسوغ شرعي لا شَكَّ فيه. وَفَّق الله الجميع للفِقْه في الدين، والثبات عليه. إنه خير مسؤول، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج: كلها ضعيفة؛ لكن يشهد بعضها لبعض، فهي من باب الحَسَن لغيره، وأجمع العلماء على المعنى. والأصل في ذلك قوله – تعالى -: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[58]، فمن استطاع السبيل إلى البيت لزمه الحج، ومن لم يستَطِع فلا حَرَج عليه، وكل إنسان أعلم بنفسه. حكم من حج من مال أبيه وفيه كسب حرام س: حججتُ وأنا طالب في الجامعة، وأخذت مالاً من والدي لمصاريف الحج، وذلك لعدم استطاعتي توفير المال بنفسي، ولكن والدي كان يعمل آنذاك في أعمال مُحَرَّمة وأرباح من تلك الأعمال المحرمة، فهل حجي صحيح أم أعيده؟[59] ج: الحج صحيح - إن شاء الله - إذا كنتَ أَدَّيْتَه على الوَجْه الشرعي، ولا يبطله كون المال فيه شُبهة أو كَسْب مُحَرَّم؛ لأن أعمال الحج كلها بدنية؛ ولكن يجب على المسلم أن يَحْذر الكسب الحرام، ويتوب إلى الله مما سلف، ومن تاب تابَ الله عليه؛ كما قال – تعالى -: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[60]
لذا أرغب من سماحتكم إفادتي في هذا الموضوع على العُنوان المذكور، وذلك قبل الحج لهذا العام على أن أقوم بالحج من عدمه؟[61]، وفقكم الله وأطال في عمركم. ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فإذا كان عندك ما يوفيهم فلا حاجة للاستئذان؛ لكونك قادر على الوفاء، وإن كان لديك قدرة على الحج والوفاء جميعًا فلا حاجة للاستئذان منهم؛ لأن الحج لمن استطاع إليه سبيلاً. وَفَّق الله الجميع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج: إذا كان لديك مال يتسع للحج ولقضاء الدين فلا بأس، أمَّا إذا كان المال لا يتَّسِع لهما، فابدأ بالدَّيْن؛ لأن قضاء الدَّيْن مُقَدَّم، والله - سبحانه وتعالى - يقول: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[63]، وأنت لا تستطيع؛ لأن الدَّيْن يمنعك من الاستطاعة، أمَّا إذا كان لديك مال كافٍ لسَداد الدَّيْن، وأداء الحج فلا بأس أن تحج وأن تفي بالدَّيْن؛ بل هو الواجب عليك للآية المذكورة وما جاء في معناها من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ج: لا حرج في ذلك، إذا سمح له المسؤول بذلك، ولا حرج في الاقتراض إذا كان يستطيع الوفاء، والله ولي التوفيق. س: هل يجب على الزَّوْج دفع تكاليف حج زوجته؟[65] ج: لا يجبُ على الزَّوْج دفع تكاليف حج زوجته، وإنما نفقة ذلك عليها إذا استطاعت؛ لقول الله - عز وجل -: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[66]، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا سأله جبرائيل - عليه السلام - عن الإسلام، قال: ((الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً))[67]؛ أخرجه مسلم في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وهذه الآية الكريمة والحديث الشريف يعمان الرجال والنساء، ويعمان الزَّوْجات وغير الزوجات، لكن إذا تبرع لها بذلك فهو مشكور ومأجورٌ، والله ولي التوفيق.
ج: يجوز له أن يدعها في البيت، ويذهب للحج أو العمرة أو للصلاة أو للجهاد أو لحاجاته الخاصة في التجارة، لا بأس بذلك كله. وإذا كانت الزوجة تستوحش فعليه أن يجعل عندها من الخَدَم من يؤنسها، أو يسمح لها أن تذهب عند أهلها للوحشة التي تصيبها، أو إذا كان عليها خطر، فيجمع بين المصلحتَيْنِ، ولا يلزم أن تذهب معه كُلَّما سافر.
ج: من مات قبل أن يحج فلا يخلو من حالَينِ: إحداهما: أن يكونَ في حياته يستطيع الحج ببدنه وماله، فهذا يجب على ورثته أن يخرجوا من ماله لمن يحج عنه؛ لكونه لم يؤدِّ الفريضة التي مات وهو يستطيع أداءها، وإن لم يوصِ بذلك، فإن أَوْصى بذلك فالأمر آكد، والحُجَّة في ذلك قول الله – سبحانه -: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}[69]، والحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له رجل: "إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع الحج ولا الظعن، أفأحج عنه؟"، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((حج عن أبيك واعتمر))[70]. وإذا كان الشيخ الكبير الذي يشق عليه السفر وأعمال الحج يحج عنه، فكيف بحال القَوِيّ القادر إذا مات ولم يحج؟! فهو أَوْلَى وأَوْلَى بأن يُحَج عنه. وللحديث الآخر الصحيح أيضًا، أن امرأة قالت: "يا رسول الله، إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟" قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((حجي عن أمك))[71]. أما الحال الثانية: وهي ما إذا كان الميت فقيرًا لم يستطِع الحج، أو كان شيخًا كبيرًا لا يستطيع الحج وهو حَيّ، فالمشروع لأولياء مثل هذا الشخص: كابنه وبنته أن يحجوا عنه؛ للأحاديث المتقدِّمة؛ ولحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلاً يقول: ((لبيك عن شبرمة))، قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ شبرمة؟))، قال: "أخ لي أو قريب لي"، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((حججت عن نفسك؟))، قال: "لا"، قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة))[72]. ورُوي هذا الحديث عن ابن عباس - رضي الله عنهما - موقوفًا عليه. وعلى كلتا الروايتَينِ، فالحديث يدل على شرعية الحج عن الغير: سواء كان الحج فريضة أو نافلة. وأما قوله – تعالى -: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[73]، فليس معناه أن الإنسان ما ينفعه عمل غيره، ولا يجزئ عنه سَعْي غيره، وإنما معناه عند علماء التفسير المحققينَ أنه ليس له سَعْي غيره، وإنما الذي له سعيه وعمله فقط، وأما عمل غيره فإن نَوَاه عنه وعمله بالنِّيابة، فإن ذلك ينفعه ويُثاب عليه؛ كما يثاب بدعاء أخيه وصدقته عنه، فهكذا حجه عنه وصومه عنه إذا كان عليه صوم؛ للحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((من مات وعليه صيام صام عنه ولِيُّه))[74]؛ أخرجه البخاري ومسلم من حديث عائشة، وهذا يختص بالعبادات التي ورد الشرع بالنيابة فيها عن الغَيْر، كالدُّعاء والصدقة والحج والصوم، أما غيرها فهو محل نظر واختلاف بين أهل العلم، كالصلاة والقراءة ونحوهما، والأَوْلَى التَّرْك؛ اقتصارًا على الوارد؛ واحتياطًا للعبادة، والله الموفق. س: ما حكم الحج عن الوالدين اللذينِ ماتَا ولم يحجَّا؟[75] ج: يجوز لك أن تحج عن والديك بنفسك، وتنيب من يحج عنهما إذا كنت حجَجْتَ عن نفسك، أو كان الشخص الذي يحج عنهما قد حَجَّ عن نفسه؛ لما رُوي عن عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما - من حديث شبرمة[76]. س: رجل مات ولم يقضِ فريضة الحج، وأَوْصَى أن يُحَج عنه من ماله، ويسأل عن صحة الحجة، وهل حج الغير مثل حجه لنفسه؟[77] ج: إذا مات المسلم ولم يقضِ فريضة الحج، وهو مستكمل لشروط وجوبها وجب أن يُحَج عنه من ماله الذي خلفه، سواء أوصى بذلك أم لم يوصِ، وإذا حج عنه غيره ممن يصح منه الحج وكان قد أدى فريضة الحج عن نفسه، صَحَّ حجه وأجزَأَه في سقوط الحج عنه؛ كما لو حج عن نفسه، أما كون ذلك أقل أو أكثر فذلك راجع إلى الله - سبحانه وتعالى - لأنه العالِم بأحوال عباده ونِيَّاتهم، ولا شك أن الواجب عليه المُبادرة بالحج إذا استَطَاع قبل أن يموت للأدلة الشرعية الدالة على ذلك، ويُخْشَى عليه من إِثْم التأخير.
ج: إذا حج عنه ابنه المسلم الذي قد حج عن نفسه سقَطَتْ عنه الفريضة بذلك، وهكذا لو حج عنه غير ابنه من المسلمينَ الذين قد حجوا عن أنفسهم؛ لما ثبت في الصحيحَينِ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن امرأة قالت: "يا رسول الله: إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع الحج ولا الظعن، أفأحج عنه؟" قال: ((نعم حجي عنه))[79]. وفي الباب أحاديث أخرى تدل على ما ذكرنا.
ج: إن تَيَسَّر من بعض الوَرَثة أو غيرهم أن يحج عنه فذلك مُسْتَحَب وفاعله مأجور، وإلا فليس عليه شيءٌ؛ لقول الله – سبحانه -: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[81]، مثل الدَّيْن إذا قضوا عنه فقد أحسنوا، وإلا فلا حرج إذا لم يخلف تَرِكة.
ج: إن حججتَ عنهما بنفسك، واجتهدت في إكمال حجك على الوَجْه الشرعي فهو الأفضل، وإن استأجرتَ مَنْ يحج عنهما من أهل الدِّينِ والأمانة فلا بأس. والأفضل أن تؤدي عنهما حجًّا وعمرة، وهكذا من تستنيبه في ذلك، يشرع لك أن تأمره أن يحج عنهما ويَعْتَمِر، وهذا من بِرِّك لهما وإحسانك إليهما، تَقَبَّل الله منَّا ومنك.
ج: حجك عنهما من البر الذي شَرَعَهُ الله - عز وجل - وليس واجبًا عليك؛ ولكنه مشروع لك ومستحبّ ومُؤَكَّد؛ لأنه من برهما؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح لما سأله رجل: "هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به؟" قال: ((نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما))[84]. والمقصود أن من برهما بعد وفاتهما أداء الحج عنهما. وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه سألته امرأة، قالت: "يا رسول الله، إن أبي أدركته فريضة الله على عبادِه في الحج وهو شيخٌ كبيرٌ لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟"، قال: ((حجي عن أبيك))[85]، وسأله آخر عن أبيه، قال: "إنه لا يثبت على الراحلة، ولا يستطيع الحج ولا الظعن، أفأحج عنه وأعتمر؟" فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((حج عن أبيك واعتمر))[86]. فالمشروع لك يا أخي أن تحج عنهما جميعًا، وأن تعتمر عنهما جميعًا، أما التقديم فلك أن تقدم من شِئْت: إن شئت قَدَّمْت الأم، وإن شئت قَدَّمْت الأب، والأفضل هو تقديم الأم؛ لأن حقها أكبر وأعظم، ولو كانت متأخرة الموت وتقديمها أَوْلَى وأفضل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئِل فقيل له: "يا رسول الله، من أبر؟" قال: ((أمك))، قال: "ثُمَّ مَنْ؟"، قال: ((أمك))، قال: "ثم من؟"، قال: ((أمك))، قال: "ثم من؟" قال: ((أبوك))[87] فذكره في الرابعة. وفي لفظ آخر سُئِل - عليه الصلاة والسلام - قيل: "يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟"، قال: ((أمك))، قال: "ثم مَنْ؟"، قال: ((أمك))، قال: "ثم من؟"، قال: ((أمك))، قال: "ثم من؟" قال: ((أبوك))[88]. فدل ذلك على أن حقها أكبر وأعظم، فالأفضل البداءة بها ثم تحج بعد ذلك عن أبيك، وأنت مأجورٌ في ذلك، ولو بدأت بالأب فلا حَرَج. |
جزاك الله خير
وجعله فى ميزان حسناتك وانار دربك بالايمان ويعطيك العافيه على طرحك ماننحرم من جديدك المميز خالص تحياتي |
سلمت كفوفكِ ..:ff1 (12):
لطيب الجهد وَ تمُيز العطاء:ff1 (210): لاحرمنا الله روائِع مجهوداتكِ:ff1 (209): لقلبكِ الفرح.’:ff1 (210): |
-
جزآك الله عنا كل خير ولا حرمك الأجر وفي موازين حسناتك أدآمك الرحمن ..:ff1 (3): |
-
جزاك الله خير .. وَ جعله في ميزان حسناتك. |
جزاك اللهُ خَيرَ الجَزاءْ وجَعَلَ يومك نُوراً وَسُرورا وَجَبالاُ مِنِ الحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحورا جَعَلَهُا آلله في مُيزانَ آعمآلَك |
/
جزاك الله خيراً وَ بارك الله فيك وَجعله في ميزان حسناتك شكراً جزيلاً لك |
|
جزاك الله خير
طرح قيم في ميزان حسناتك |
جزاك الله خير
يعطيك العافيه .. |
الساعة الآن 03:39 AM |
تصحيح تعريب
Powered by vBulletin® Copyright ©2016 - 2024
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة آنفاس الحب