منتديات انفاس الحب - كرستينا ... الجزء الثالث

ما إن دخلت آنا وكرستينا مع لمى وأمها حتى وجدتا البيت نظيفاً جداً
وأنيقاً رغم أن جدة أنس تعيش فيه لوحدها بعد وفاة زوجها وبجوارها
أخوان أم أنس في البيوت المجاورة لبيت والدهم ... وبدأت كرستينا
تكتب في جوالها رؤوس أقلام ما وجدت في البيت من قيام جدة أنس
بمساعدة الخادمات في التنظيف والطبخ وحتى القهوة تصنعها بنفسها
ورأت أن أحفاد الجده يقومون بتقبيل يد جدتهم ورأسها وسجلت أيضاً
ما أصابها من شعور وهي تسمع صوت عبدالباسط عبدالصمد يرتل
وسألت عنه فقالوا هذا القرآن ... شعرت بحبها الشديد لهذا البيت
ولا تدري سبباً لذلك ... وجدت الإبتسامات من الجميع وأن الجميع
متحمّس لخدمة هذه الجدة ... غير أن هناك شيئاً صدح بصوت بهيّ
جعل الجدّة والخادمات يتركن المطبخ ويتّجهن لغرفة الطعام حيث
تناول كل واحدةً قماشاً وضعنه بهدوء على كامل لبسهن ووقفن على
السجادة يصلين وهدأ مع هذا الهدوء كل المكان وتبع الخادمات
أخوات أم أنس يفعلن ذلك بسكينه ويبقى البيت هادئاً حتى من الأطفال
حيث خرجوا من المنزل ولا تعلم أين ذهبوا ... وفي غضون عشر
دقائق تعود الحياة للمنزل ويبدأ لعب الأطفال دون عتب من أحد
فسألت كرستينا الخادمة الأندونيسيه ما الذي حدث ؟! قالت: صلينا
الظهر ... وأين ذهب الأطفال قبل قليل وعادوا ... ذهبوا للمسجد
وبدت تدوّن كل ما يحدث في بيت الجدة ومما دوّنت كرستينا (غريب
أمر هذا الفرق بين الهدوئين في البيت أو في الفيلا ... وينقص هذه
الرومانسية والهدوء النفسي شيئاً من الموسيقي الهادئه حتى يكتمل
هذا الجمال الروحاني الذي نعيشه في بيت الجده) وإستغربت من أن
تقوم الجده بممازحة الخادمات المسلمات وكأنهن صديقاتها ... وأيضاً
لماذا لا يتجاوز السائقين عتبة المنزل لتكون العتبه فاصل بين السائق
والخادمات بينما سائق الفيلا يدخل عليهن في وسط المطبخ وهن
يعددن الطعام ... ولم يقتصر سؤالها عن هذا فقط بل كيف
لسيدة كبيرة في السن ألا تشاهد التلفاز ولا يوجد إلا في غرف
الخادمات ويقتصر سماعها فقط على ذلك المذياع الذي يصدح ليلاً
نهاراً ولا يصمت .. تساءلت في مذكراتها لماذا لا توجد طبقية في
تعامل الجده مع خادماتها بعكس ما يجدنه في الفيلا ... ولم تكتفِ
الجده بهذا التعامل مع خادماتها بل أيضاً معها واستغربت أن تقول
لها (يا ابنتي) كيف تقول ذلك ودينهم يحرّض على معاداة غير
المسلمين ... وقبل أن ينتهي كل شيء ويعودوا للفيلا إستفزها هذا
السؤال ووجهته للخادمة الأندونيسية وبدورها أخبرت الجدة بذلك
فقالت الجدة: الدين المعامله فوضحت الخادمة الأندونيسيه مفهوم
الكلمه لكرستينا ... بأن من لا يحسن التعامل مع أي إنسان فهذا يؤثر
على معتقده ... أندهشت كرستينا مما سمعت ... فسألت: هل غير
المسلمين يشملهم هذا التعامل قالت الجده : نعم ... وأهدت كرستينا
خاتم ذهب وقالت لها : إقرأي عن الإسلام وستجدين عجباً وتدركين
أن كل من إتهم الإسلام بشيء فهو غير صادق ... شكرت كرستينا
الجده وودّعتها ... وفي الفيلا أخذت تقرأ عن الإسلام والتاريخ
الإسلامي من خلال النت وجذبها الحديث عن الإسلام حتى طلع
الصبح ... ثم أخبرت آنا أنها ستنام حتى بعد صلاة الجمعه وعليها
أن تهتم في ظل نوم كل من في البيت عن الصلاة .... ولما استيقظت
وجدت أن آنا تجهز لهم الإفطار ودون أن يعلم أحد بتأخر كرستينا
وكلما وجدت وقتاً كانت تقرأ عن شيء تتحرّق لتعرفه وهو السكون
الذي يحتويهم في صلاتهم والغريب أنها كلما تقرأ تجد هناك تزداد
حماساً أكثر وركزت على الصلاة لتعرف سبب أنهم لا يتحدثون مع أحد
حتى ينتهون ثم يبتسمون في وجهها بعد مراقبتها لهم ... قالت في
نفسها : لم يبق إلا أن أجرب كيف هي صلاتهم ... وأمسكت الكتاب
تريد تطبيق ما جاء في الصلاة وما إن قالت : الله أكبر حتى إقشعرّ
جسدها ورغبت في البكاء ولا تعلم سبباً لذلك وفجأه بكت ثم ازداد
بكاءها ولم تستطع قراءة سورة الفاتحه فتركت الصلاة وشعرت بهذا
السكون الذي يصيب من يصلي رغم أنها لم تصلي ... دخلت عليها
الفتاة الصغيرة لمى فاستغربت كرستينا فعل ذلك من لمى ... كيف
لها أن تفعل شيئاً لم تكن تفعله من قبل ... قال لمى: ما الذي تفعلينه
إرتبكت كرستينا وقالت: ما الذي رأيتني أفعله ؟! .... رأيتك تصلين
... وهل صليتي من قبل يا لمى ... لا ولكن هذا الذي ندرسه في
المدرسه ... ما الذي يمنعك أن تصلين؟! ... لا أحد يصلي في البيت
... وماذا عنكِ أنتي؟! ... لا أصلي في البيت لكنهم يجبرونا على
الصلاة في المدرسه ... وهل الصلاة شيء جميل أم لا ؟! ... أكيد
شيء جميل ... ولماذا لا تصلين مع جدتك ... أحب جدتي لكن!
... لكن ماذا يا لمى ... أمي لا تحب جدتي لكثرة نصائحها لها ...
هل تحبين أمك يا لمى ... أكيد ... وهل تحبين جدتك ... نعم خاصة
إذا ضمتني إلى صدرها وهمست في أذني أنها تحبني كثيراً ... هل
تجبرك أمك على الذهاب لها ... لا أنا من يجبر أمي لمرافقتها ...
لماذا ؟! ... جدتي حين ترى أمي منشغله تمسك بي وتهمس في أذني
بحديث لا أفهمه ، فأعرف أنها تدعو لي ... وما معنى الدعاء؟! ...
لا أستطيع شرحه بالإنقليزي لكننا نسأل الله أي شيء نريده فيحققه لنا
... وهل حقق الله لك شيئاً تريدينه ... نعم أشياء كثيره أطلبها منه
ويرسلها لي ، هذا ما تعلمته من جدتي ... هذا الحوار كتبته كرستينا
في مذكراتها ... وختمت أحرفها عن ذلك الموقف أنها أخبرت لمى
أنها إذا قابلت أو تحدثت لجدتها فلتخبرها بأن هناك أسئله كثيره تودّ
كرستينا طرحها على الجده ... ولم يكن التواصل بعيداً مع الجده
فبمجرد أن إتصلت الجدة بالأم حتى أخبرت الأم لمى أن تجيب على
جدتها وسألتها الجده أيهم كرستينا هل هي الطويله أم القصيره ... لا
يا جدتي هي تلك التي أهديتي إياها الهديه ... وفي اليوم التالي زارت
الجدّه منزل إبنتها ... ورغم أن أحفادها في المنزل لم يبادر أحد منهم
للحضور والسلام عليها غير لمى ... حتى إبنتها أم أنس إعتذرت من
البقاء معها وتعذّرت بموعد مستشفى لها ولم يكن زوجها بالمنزل
فشكرت الجده ربّها أن سخّر لها من لا يعيق إجابتها على أسئلة تلك
الخادمه ... وطلبت من لمى البقاء معهم لتترجم الحديث الدائر بينهن
وقبل الحديث قالت الجدّه لكرستينا: قبل أن أجيبك على أسئلتك تخيلي
معي ... الله عز وجل جعل والد لمى يحضر لها مدرسة لغه إنجليزيه
حتى قبل دخولها للمدرسه حتى أنهت المرحلة الإبتدائيه ، وكأنه يريد
أن تكون هذه الفتاة هي وسيلة التواصل بيننا، وهيأ لنا الجوّ في ذلك
تابعوا معي الجزء الرابع من رواية كرستينا ... لنعرف الأسئلة ... تحيتي لكم