منتديات انفاس الحب

منتديات انفاس الحب (https://a-al7b.com/vb/index.php)
-   ۩۞۩{ انفاس القرآن الكريم وعلومه }۩۞۩ (https://a-al7b.com/vb/forumdisplay.php?f=96)
-   -   تفسير الربع الأول من سورة الحجر ~ (https://a-al7b.com/vb/showthread.php?t=69932)

- شقاء.. 31-05-2022 10:32 AM

تفسير الربع الأول من سورة الحجر ~
 
-
,





• الآية 1: ﴿ الر ﴾: سَبَقَ الكلام عن الحروف المُقطَّعة في أول سورة البقرة، (واعلم أنَّ هذه الحروف تُقرأ هكذا: ألِف لام را).
﴿ تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِين ﴾ أي: هذه هي آيات الكتاب المُنَزَّل على محمد صلى الله عليهوسلم، وهي آياتُ قرآنٍ مُوَضِّح للحقائق والأحكام.
♦ واعلم أنّ الواو التي بين كلمة (الْكِتَاب)، وبين كلمة (قُرْآَن)، تُسَمَّى (عَطْف بَيان)، يعني عَطْف توضيح، لِتُبَيِّن أنّ القرآن هو نفسه الكتاب، وليس معناها أنّ (الْكِتَاب) شيئٌ، وأنّ (القرآن) شيئٌ آخر،فكأنّ المعنى: (تلك آيات الكتاب الذي هو هذا القرآن المُبين)، وهذا مِثل قوله تعالى: ﴿الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ﴾أي (الكتاب الذي يُفرِّقبين الحق والباطل)، ومِثل قوله تعالى: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾أي (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِنُورٌ، وهو هذا الكتاب المُبين).
• الآية 2:﴿ رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ أي: سيَتمنى الكفار - حينَ يَرون خروج عُصاة المُوَحِّدين من النار - أنْ ﴿ لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ﴾ مِثلهم ليَخرجوا من النار كما خرجوا.
• الآية 3، والآية 4، والآية 5: ﴿ ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا ﴾: أي اترك - أيها الرسول - هؤلاء الكفار يأكلوا ﴿ وَيَتَمَتَّعُوا ﴾ بدُنياهم الزائلة ﴿ وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ﴾ أي: ويُشغلهم طول العُمر - وبلوغ الشهوات الرخيصة العاجلة - عنطاعة ربهم، وعن التفكير في عاقبة أمْرهم، ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ أنهم هم الخاسرون في الدنيا والآخرة.
♦ وإذا طلبوا إنزال العذاب بهم (تكذيبًا لك أيها الرسول)، فأخبِرهم أننا ﴿ وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ ﴾: يعني إننا لا نُهْلِكُ قريةً ظالمةإلا عندما يَبلغوا أجَلَهم المُقدَّر (مِثل مَن سَبَقهم)، فإذا حانَ وقت العقوبة: فـ﴿ مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا ﴾: أي لا تتجاوزُ أُمَّةٌ أجَلَها فتزيد عليه ﴿ وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ ﴾: أي ولا يَتأخرون عن ذلك الوقتلحظة.
• الآية 6، والآية 7، والآية 8: ﴿ وَقَالُوا ﴾ أي وقال المُكَذِّبونَ لمحمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ ﴾ - أي القرآن - ﴿ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ﴾ أي ذاهب العقل، وهم يَعلمونَ أنهم كاذبونَ في ذلك، فقد كانوا يَشهدونَ له بالصدق والأمانة، ورَضوا بحُكمه عندما أرادوا إعادة بناء الكعبة (وذلك قبل بعْثَتِهِ صلى الله عليه وسلم)، فكيف إذاً يَقبلونَ حُكمَه ثم يَتهمونه - كَذِباً - بالجُنون؟!، فعُلِمَ مِن ذلك أنهم يقولون ذلك على سبيل العِناد، وحتى يَصُدّوا الناسَ عن دِينه.
♦ ثم قالوا له: ﴿ لَوْ مَا تَأْتِينَا ﴾ أي هَلاَّ جِئتَنا ﴿ بِالْمَلَائِكَةِ ﴾ لِتَشهد لك بأنّاللهَ قد أرسلك إلينا ﴿ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾، فرَدَّ اللهُ عليهم بقوله: ﴿ مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ ﴾ يعني إلا بالعذاب على المُكذبين، لأنه - عند نزول الملائكة بالعذاب - سيُصبح الأمْرُ يَقينِيَّاً، وليس قضية إيمانبالغيب، وهذا ما لا يُريده اللهُ لهم، ﴿ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ ﴾ أي: وحينئذٍ لن يُمهَلوا ليتوبوا أو يعتذروا.
• الآية 9: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ ﴾ أي القرآن ﴿ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾: أي نتعهدبحِفظه مِن أن يُزادَ فيه، أو يُنْقَصَ منه، أو يَضِيعَ منه شيء، لأنه حُجَّتنا على خَلْقنا إلى يوم القيامة.
♦ فسُبحانَ اللهِ العظيم، مَن يَجرؤ مِن البشر أن يقول هذا الكلام، ثم يَفِي بما وَعَدَ - بالحرف الواحد - غير المَلِك القدير جَلَّ وَعَلا؟، هل هناك أحَدٌ مِن الخَلق يَضمن ماذا سيحدث له بعد ساعة مِن الآن؟! إنَّ الذي يستطيع أن يقول هذا الكلام بهذا اليقين هو الذي يَملِكُ القدرة سبحانه وتعالى، إننا نقول - وبمنتهى البَسَاطة -: (إنَّ الذي قالَهُ هو الذي حَفظَه).
♦ واعلم أنّ اللهَ تعالى قد حَفظ السُنَّة الصحيحة كما حَفظ القرآن، لأنّ لفظ (الذِكر) يَشمل جميع الشريعة: (القرآن والسُنَّة)، كما قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَلِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾، وقال تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ أيالقرآن والسُنَّة، والدليل على أنَّ الحِكمة هي السُنَّة: هو قولُ اللهِ تعالى لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾، وإلاَّ، فماذا كانَ يُتلَى في بيوت النبي صلى الله عليه وسلم غير القرآن والسُنَّة؟!
♦ ولقد رأينا كيف قيَّضَاللهُ للسُنَّةِ رِجالاً، وسَخَّرَ لها علماءً، ليَتَتبَّعوا الأسانيد، وليُظهِرواللناس الأحاديث الصحيحة مِن غيرها، أليس هذا التوفيقُ دليلاً على أنّ اللهَ تعالى قدحَفظ السُنَّة الصحيحة كما حَفظ القرآن؟
• الآية 10، والآية 11: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ ﴾ - أيها الرسول - رُسُلاً ﴿ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ ﴾ أي في فِرَق السابقين وأُمَمِهم، ﴿ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ أي كانوا يَسخرونَ منه ومِن دَعْوته (وفي هذا تصبير للرسول صلى الله عليه وسلم، إذ كمافَعَل مُشرِكوا قومه به، فكذلك فَعَلَ الذين مِن قبلهم برُسُلهم، حتى أَهْلَكهم اللهُ تعالى).
• الآية 12، والآية 13:﴿ كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ يعني: كما أدْخَلنا الكفر في قلوب الأمم السابقة (عقوبةً لهم على استهزاءهم برسلهم)، فكذلكنَفعل بمُشرِكي قومك، بسبب استهزائهم بك وتكذيبهم بالقرآن، إذ هم ﴿ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾: أي لايُصَدِّقون بالقرآن (رغم وضوح حُجَّته وقوة بَيانه) ﴿ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ ﴾ أي: وقد مَضت طريقةُ اللهِ في الأوَّلين، وهي إهلاكُ الظالمين إذااستمرواعلى تكذيبهم وعِنادهم، كما حدث مع عادٍ وثمود (وفي هذا تهديدٌ عظيمٌ لهم).
• الآية 14، والآية 15: ﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ ﴾ أي على كفار "مكة" ﴿ بَابًا مِنَ ﴾ أبواب ﴿ السَّمَاءِ ﴾ ﴿ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ﴾ أي فاستمَرّوا صاعدينَ فيه حتى يُشاهدواما في السماء مِن عجائب مَلَكُوتِ اللهِ تعالى، لَمَا صَدَّقوا، و﴿ لَقَالُوا ﴾ تكَبُّراً وعِناداً: ﴿ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا ﴾ أي مُنِعَتْ أبصارُنا من النظر الحقيقي فلم نُشاهد الملائكة، ﴿ بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ﴾ لأننا أصبحنا نرى أشياء لا حقيقيةَ لها، وهذه الآية كَقَوله تعالى: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا﴾أي مِن السماء﴿فِي قِرْطَاسٍ﴾ أي في أوراقٍ﴿فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ﴾وتَيَقنوا أنه حق: ﴿لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواإِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾.
• الآية 16، والآية 17، والآية 18: ﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا ﴾ أي مَنازل تسير فيها الكواكب والنجوم والشمس والقمر،لِيُستَدَلّ بها على الطُرُقات والأوقات، وغير ذلك مِن مَصالح العباد، ﴿ وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ﴾ أي زَيَّنَّا السماءَبالنجوم لمن يَنظرون إليها، ليَتأملوا في قدرة اللهِ ويَعتبروا، ﴿ وَحَفِظْنَاهَا ﴾ أي السماء ﴿ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ﴾ أي مَطرودٌ مِن رحمة اللهِ تعالى، مَرجومٌ بالشُهُب، حتى لا يَسمع كلامَ الملائكة في المَلأ الأعلى ﴿ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ ﴾: يعني إلا مَن استطاعَ أن يَختلس السمع من كلام الملائكة ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ﴾: أي فهذا يَلحقهشهابٌ مُضيئ يَحرقه، (واعلم أنّ الشيطان قد يُلْقي إلى الساحر بعضَ ما سَمِعَه قبل أن يَحرقهالشهاب).
• الآية 19، والآية 20: ﴿ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا ﴾: أي جعلناها مُمتدة مُتسعة، وبَسَطناها لتستطيعوا العَيش فوقها ﴿ وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ ﴾ أي وَضَعْنا في الأرض جبالاً راسيةً لتُثَبِّتها، ﴿ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ ﴾ يعني: وأَنْبَتنا في الأرض من أنواعالنباتات والمعادن ما هو مُقدَّرٌ بمقدارٍ معلوم (بحسب حاجة العباد وما يُصلحهم)، ﴿ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ ﴾ أي: وجعلنا لكم في الأرض ما تعيشونَ به من المَطاعم والمَشارب والملابس والمراكب (وغير ذلك من أنواع الرزق)، ﴿ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ ﴾ أي: وخَلَقنا لكم من الأولاد والخَدَم والبَهائم ما تَنتفعونَ به، وليس رِزقهمعليكم، وإنما هو على اللهِ رب العالمين.
• الآية 21: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ ﴾ يعني: وما مِن شيئٍ مِن مَنافع العباد ﴿ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ ﴾ من جميع الأصناف، وقد كانَ النبي صلى الله عليه وسلم يقولُ في دعائه: (اللهم إني أسألك مِن كل خيرٍ خزائنه بِيَدك، وأعوذُ بك مِن كل شَرٍّ خزائنه بِيَدك)، ﴿ وَمَا نُنَزِّلُهُ ﴾ أي هذا الشيئ ﴿ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾ يعني إلا بمِقدار مُحَدَّد كما نَشاء، في الوقت الذي نُريد، بحسب حاجة العباد، وهذا كقوله تعالى: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾، (فخزائنُ الأشياء كلها بِيَد اللهِ تعالى وحده، يُعطي منها مَن يشاء، ويَمنعها عَمَّنيَشاء، وذلك بحسب حِكمته البالغة ورحمته الواسعة، وهذا يَجعل القلب لا يَتعلق إلا به سبحانه، لأنّ كل شيئٍ بِيَده).
• الآية 22: ﴿ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ ﴾ أي سَخَّرْنا الرياحَ لتُلَقِّح السحاب فيَمتلىء بالماء، (مِثلما يَحدث عندما تُنقَل مادة اللقاح مِن ذَكَر الشجر إلى أُنثاه)،﴿ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ﴾ أَعْدَدناهُ ليكونَ صالحاً للشُرب، كما قال تعالى: ﴿ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا ﴾ أي مالحاً ﴿ فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴾؟، ﴿ فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ ﴾: أي فأسقيناكم هذا الماء العذب (أنتم ومَواشيكم وأرضكم)، ﴿ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ﴾ أي: وما أنتم بقادرينَعلى تخزين هذا الماء وادِّخاره، ولا بمُنشئينَ له عندما تريدونه، ولكننا نُنشِئه لكم، ونُخَزِّنه لكم (في يَنابيع الأرض وغيرها)، رحمةً بكم وإحسانًا، (ومِن رحمته أيضاً بكم أنْ جَعَلَ خزائن الماء بِيَدِهِ وحده، إذ لو كان الأمْرُ بأيديكم، لأَعطيتموه لمن شِئتم، ولَمَنعتموه عَمَّن شِئتم بحسب أهوائكم، فللهِ الحمدُ والمِنَّة).
♦ فكُلّ هذه المنافع الضروريةلِلخَلق تدلّ على عناية اللهِ تعالى بمَصالح خلقه، وأنّه الإلهُ الحق الذي يَجب أن يُعبَد ولا يُعبَد غيره.
• الآية 23: ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي ﴾ مَن كانَ مَيّتاً (وذلك بخَلقه من العدم)، ﴿ وَنُمِيتُ ﴾ مَن كانَ حَيّاً (بعدانقضاء أَجَله)، ﴿ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ ﴾ للأرض وما عليها.
• الآية 24، والآية 25: ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ ﴾ (وهُم جميع مَن ماتَ مِن البشر منذ آدم عليه السلام)، ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ ﴾ (وهُم الأحياء الآن، وكذلك الذين سيأتون إلى يومالقيامة)، ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ ﴾ جميعاً للحساب والجزاء، ﴿ إِنَّهُ ﴾ سبحانه ﴿ حَكِيمٌ ﴾ في تدبيره وقضاءه (ومِن حِكمته أن يأمر عباده ويَنهاهم، ثم يُحاسبهم ويُجازيهم)، ﴿ عَلِيمٌ ﴾ لا يَخفى عليهشيئٌ من أعمالهم.
• الآية 26، والآية 27:﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ ﴾ - والمقصود به هنا: آدم عليه السلام (أبو البشر) - إذ خَلَقه اللهُ تعالى ﴿ مِنْ صَلْصَالٍ ﴾ أي مِن طين يابس (إذا نُقِرَ عليه: سُمِعَ له صوت)، وهذا الطين اليابس خَلَقه اللهُ ﴿ مِنْ حَمَإٍ ﴾ أي مِن طين أسود ﴿ مَسْنُونٍ ﴾: أي مُتغيرٌ لونه ورائحته بسبب مرور السنين عليه.
♦ وعلى هذا فإنّ الطِينة التي خُلِقَ منها آدم عليه السلام يكونُ ترتيبها كالآتي: (تراب - كما قال تعالى -: ﴿ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ﴾ - ثم وُضِعَ على هذا الترابِ ماء فأصبح طِيناً، ثمّ تُرِكَ هذا الطين حتى تَغيّرَ لونه ورائحته فأصبح (حمأ)، ثمّ تيَبَّسَ فأصبح صلصالاً)، ﴿ وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ ﴾ - أي مِن قَبْل خَلْق آدم - ﴿ مِنْ نَارِ السَّمُومِ ﴾ أي مِن نارٍ شديدة الحرارة لا دخانَلها.
• الآية 28، والآية 29: ﴿ وَإِذْ ﴾ أي: واذكُر - أيها النبي - حينَ ﴿ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ ﴾: ﴿ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ﴾ ﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ ﴾ أي أَكْمَلتُ صورته ﴿ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ﴾ فأصبح حَيّاً: ﴿ فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾ أي فخِرُّوا له ساجدين (سجود تحيةٍوتكريم، وليس سجود عبادةٍ وخضوع).
• الآية 30، والآية 31: ﴿ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ﴾ كما أمَرهم ربهم، فلم يَمتنع منهم أحد ﴿ إِلَّا إِبْلِيسَ ﴾ الذي كانَ يَعبد اللهَ معهم ﴿ أَبَى ﴾ أي امتنع ﴿ أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ﴾، حَسَدًا لآدم على هذا التكريم العظيم.
• الآية 32: ﴿ قَالَ ﴾ اللهُ تعالى - مُنكِرًا على إبليس تَرْكَ السجود -: ﴿ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ﴾؟
• الآية 33: ﴿ قَالَ ﴾ إبليس مُظهرًا كِبْره وحسده: ﴿لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ ﴾: أي لا يَليقُ بي أن أسجد لإنسانٍ ﴿ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ ﴾ أي مِن طينيابس، وهذا الطين اليابس خلقته ﴿ مِنْ حَمَإٍ ﴾ أي مِن طين أسود ﴿ مَسْنُونٍ ﴾: أي متغيرٌ لونه ورائحته بسبب مرور السنين عليه.
• الآية 34، والآية 35: ﴿ قَالَ ﴾ اللهُ تعالى له: ﴿ فَاخْرُجْ مِنْهَا ﴾ أي اخرج من الجنة ﴿ فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ﴾ أي مَطرودٌ من كل خير، ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ ﴾ أي البُعد مِن رحمتي ﴿ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ﴾: يعني إلى يوم الجزاء، كما قال تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ ﴾ أي جزاءهم الحق.
• الآية 36، والآية 37، والآية 38:﴿ قَالَ ﴾ إبليس: ﴿ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ أي أخِّرني في الدنيا إلى اليوم الذي تَبْعَث فيه عبادك (وهو يومالقيامة)، فـ ﴿ قَالَ ﴾ اللهُ له: ﴿ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ﴾ أي فإنك مِمَّن أخَّرْتُ هَلاكهم ﴿ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ﴾ وهو اليوم الذي يموت فيه جميع الخَلق بعدالنفخة الأولى - لا إلى يوم البعث -، (وقد أجابَ اللهُ طلبه اختباراً لعباده).
• الآية 39، والآية 40:﴿ قَالَ ﴾ إبليس: ﴿ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي ﴾ أي بسبب إضلالك لي: ﴿ لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾: أي سوف أُحَسِّنُ لذرية آدم مَعاصيك فيالأرض ﴿ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ أي: وسوف أُضِلُّهم جميعاً عن طريق الهُدى (انتقامًا لنفسي مِن آدم) ﴿ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ ﴾ أي مِن بني آدم، ثم خَصَّهم بقوله: ﴿ الْمُخْلَصِينَ ﴾: يعني إلا عبادك الذين أخلصوا لكالعبادة، فخَلَّصتَهم من السُوء والفَحشاء، فهؤلاء لن أستطيع إضلالهم.
• من الآية 41 إلى الآية 44: ﴿ قَالَ ﴾ اللهُ تعالى لإبليس: ﴿ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ﴾ أي: هذا طريقٌ مستقيم مُوَصِّل إلى جنَّتي، وعَليَّ الوفاءُ به، وهو:﴿ إِنَّ عِبَادِي ﴾ الذينأخلصوا عبادتهم لي ﴿ لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾: أي ليس لك تَحَكُّم وتَسَلُّط على قلوبهم (لِتُضِلُّهم عن الطريق المستقيم) ﴿ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾ يعني: لكنّتسلُّطَك سيكون على الذين اتَبعوك مِن الضالينَ المشركين (الذين رضوا بطاعتك بدلاًمن طاعتي) ﴿ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ ﴿ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ﴾ أي لها سبع طبقات (لكل طبقةٍ منهم باب)، و﴿ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ﴾ أي: لِكُلّ بابٍ مِن أبواب جهنم: فريقٌ من أتْباع إبليس يَدخلون منه، ولِكُلّ طبقة من طبقات جهنم: قِسمٌ ونصيبٌ من العذاب (وذلك بحسب أعمال العباد) (نسألُ اللهَ أن يُحَرِّم أجسادنا على النار).
• من الآية 45 إلى الآية 48:﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ ﴾ الذين خافوا عذابَ ربهم - فامتثلوا أمْره واجتنبوا نهيه - أولئك ﴿ فِي جَنَّاتٍ ﴾ أي في بساتين عجيبة المَنظر، ﴿ وَعُيُونٍ ﴾ أي أنهارٌ جارية.
♦ وتقول لهم الملائكة:﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ﴾ أي ادخلوا هذه الجنات سالمينَ مِن كل سُوء، ﴿ آَمِنِينَ ﴾ مِن كل خوف، ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ﴾: أي لم يُبقِ اللهُ في صدور أهل الجنة ما يُنَغِّصُ نعيمهم، أو يُكَدِّرُ صَفْوَهم وسعادتهم (كحِقدٍ أو حسدٍ أو عداوةٍ أو غضب)، فهم يَعيشونَ في الجنة ﴿ إِخْوَانًا ﴾ مُتحابِّين، يَجلسونَ ﴿ عَلَى سُرُرٍ ﴾ عظيمة (والسُرُر جمع سرير) ﴿ مُتَقَابِلِينَ ﴾: أي تتقابل وجوههم في حُبّ، يَجمعهم مَجلس واحد يَتسامرونَ فيه على السُرُر، فإذا أرادوا الانصراف: تدورُ بهم السُرُر إلى قصورهم (اللهم إنا نسألك الجنة يارب)، وهُم ﴿ لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ ﴾: أي لا يُصيبهم فيها تعبٌ ولا إعياء (وهذا هو نعيم الراحة الأبدية في الجنة)،﴿ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴾ أي: وهُم باقونَ في هذا النعيم لا يَخرجون منه أبدًا.

~

eyes beirut 31-05-2022 12:39 PM

/

تسلم ايدك ع الطرح
يعتيك العافية

- وَرد. 31-05-2022 02:15 PM

-












اسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتك
وَ يجعل الفردوس الأعلى سكنك
تقديري :241:.

غيمہّ فرٌح 01-06-2022 03:21 AM

جُزاكّ الله خُير علىّ مُـا قُدمتّ
ورزُقكّ بُكُل حَرف خّطتهَ أناملكّ جُزيل الحُسناتّ

- آتنفسك❀ 02-06-2022 08:45 PM

جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك ..
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمت بحفظ الله ورعآيته ..
لِ روحك

قَـلـبْ 06-06-2022 08:48 AM

جزاك الله خير
وجعله في موازين حسناتك
وانارالله دربك بالايمان
ماننحرم من جديدك المميز
امنياتي لك بدوام التألق والابداع
دمـت بحفظ الله ورعايته

صمتاً 07-06-2022 07:36 AM

.
.

بآرك الله فيك على جمآل هذا الطرح
وروعة هذه الفرآئد والفوآئد
جزآك الله خيراً
و كتبها الله في موآزين حسنآتك :100:

يــوسف 04-07-2022 08:15 PM

جــــزاك الله خيـراً على ما قدمت
جعلـه الله في ميزان حسنـاتك
دمت بحفظ الرحمان

ʂąɱąя 28-09-2022 08:53 PM

سَلِمت الأنَامِل المُتألِقة لِروعَة طَرحهَا
دَام العطَاء والتَميّز المُتواصِل
لرُوحك السّعادة

_ ريِمآ . 25-10-2023 11:44 PM

-



جزآك الله عنا كل خير
ولا حرمك الأجر وفي موازين حسناتك
أدآمك الرحمن .. :-ff1 (8):


الساعة الآن 08:43 AM

تصحيح تعريب Powered by vBulletin® Copyright ©2016 - 2024 
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة آنفاس الحب

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant