منتديات انفاس الحب

منتديات انفاس الحب (https://a-al7b.com/vb/index.php)
-   ۩۞۩ انفاس الخيمة الرمضانية ۩۞۩ (https://a-al7b.com/vb/forumdisplay.php?f=162)
-   -   صيام الجوارح (https://a-al7b.com/vb/showthread.php?t=109488)

غيمہّ فرٌح 08-03-2024 10:57 AM

صيام الجوارح
 
صيام الجوارح

الحمد لله على نعمة الإسلام والإيمان، وعلى ما منَّ به علينا من شهر الصيام والقيام، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلاَ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، خير من صَلَّى وصام، وقام بالليل والناس نيام، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وعلى من تبع هداه إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

أمًا بعد: فأوصيكم ونفسي - أيها الناس - بتقوى الله، فهي الكنزُ العظيم، والحصن الحصين، إن خيري الدنيا والآخرة مجموع فيها ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197] قبول الأعمال معلق بها ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27] والغفران والثواب موعود عليها ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5].

لكن مادية الحياة وزخرف الدنيا كسَتْ قلوب المتعلقين بها سحابةً من الغفلة، وأعمَتْ أبصارَهم غشاوة من الضلالة، حتى أصبحت المادة هي المقياس عندهم، فالمحظوظ -في نظرهم القاصر- هو من ترقَّى في جاه الدنيا وأموالها وسلطانها، والخاسر والشقيُّ - حسب زعمهم - هو مَن قلَّتْ مادَّتُه، أو تناساه الناس.

وقد نسِيَ هؤلاء أو تناسَوا قول الحق تبارك وتعالى: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 131].
يُقَال ذلك - أيها المسلمون - ونحن في هذا الشهر الكريم، شَهْرٌ فرَض الله عليكم صيامه لعلكم تتقون.
غاية الصوم - أيها الإخوة - تقوى الله عز وجل، وذلك في جميع الجوارح، بما فيها القلب، فالقلب إذا صلح صلحت الجوارح والأعمال، وسلمت الحياة من العطب، والاستقامة على الدين تكون باستقامة الجوارح.

ومن فضل الله علينا أن شرع شهر رمضان المبارك، وأوجب علينا أن نكف عن الطعام والشراب والشهوة، ليس لأن الله تعالى في حاجةٍ إلى جوعنا، فحاشا وكلا! هو الغنى ونحن الفقراء، وهو الذي لا تنفعه طاعة المخلوقين، ولا تضره معصيتهم، وإنما أمر الله الناس بذلك لأن الجميع يستطيع التوقف عن الأكل والشرب والشهوة، وحتى يكون الصومُ عن هذه المفطرات قائداً إلى صوم جميع الجوارح عن المحرمات.

وقد جاء في الحديث الصحيح التقريع والتوبيخ لمن تصوم أفواههم عن الطعام والشراب ولا تصوم جوارحهم عن المعاصي والمنكرات؛ لأن الصيام شُرع وسيلةً تقوِّى إرادة الإنسان على ضبط تصرفاته، وإلزام جوارحه الصيام عن المحرمات، فمَن أبَى إلاَ الاستمرار في المعاصي مكتفياً بالامتناع عن الطعام والشراب فهو لم يستفد شيئاً من هذا الشهر المبارك.

وقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالكف عن أي أمر يخدش الصيام أو يذهب معناه، وذلك بقوله (فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم، إني صائم) رواه البخاري ومسلم.

وقال جابر -رضي الله عنهما-: إذا صمتَ فليصُمْ سمعُكَ وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك سكينة ووقار يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء، وقال بعض السلف أهون الصيام ترك الشراب والطعام. وقال بعضهم:
إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي السَّمْعِ مِنِّي تَصَامُمٌ
وَفِي مُقْلَتِي غَضٌّ وَفِي مَنْطِقِي صَمْتُ
فَحَظِّي إِذَاً مِنْ صَوْمِيَ الجُوعُ والظَّمَا
وَإِنْ قُلْتُ إِنِّي صُمْتُ يَوْمَاً فَمَا صُمْتُ


ورحمةُ الله وسِعَت كلَّ شيء -أيها المسلمون-، فمن رحمة الله بالعباد كي يستفيدوا من شهر الصيام أن صُفِّدَت الشياطين في رمضان ليستريح الصائمون من وسوستهم بالإثم، وتزيينهم للشر، ولتسهل عليهم الطاعة والالتزام.
عن أبى هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (إذا جاء شهرُ رمضانَ فُتحَتْ أبواب الجنة، وغُلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين) رواه البخاري ومسلم.

وثمة أمر آخر - أيها المسلمون - فيه ترغيبٌ من الله تعالى في الاستفادة من هذا الموسم العظيم، جاء فيه بيان فضل صيام هذا الشهر، ففي الصحيحين عن أبى هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم قال (مَنْ صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه) وفي حديث أخر (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفِّرات ما بينهنً، إذا اجْتُنِبَت الكبائر).

أيها الإخوة في الله: مع هذا الفضل العظيم من الرب الرحيم نجد أن الكثير منا قد فرط في الاستفادة من هذا الموسم العظيم، فالشهر يبدأ ثم ينتصف ثم ينتهي وهو لم يستفِدْ منه شيئاً، ولم يتغير من سلوكه أو من تفكيره شيءٌ، إنما الذي تغير هو مواعيد الأكل والنوم والتجمعات، فلَذَّة الطاعة لم يستمتع بها، وحلاوة الإيمان لم يتذوقها؛ هذا إن لم يبارز الله بالمعاصي والآثام، عياذاً بالله من الخذلان.

وبعد أيها المسلمون: هل حقق معنى الصيام من خلا بطنه من الطعام والشراب وامتلأ بأكل المال الحرام؟ وهل صام فعلاً من أمسك عن المفطرات وأطلق لسانه و سمعه في الحرام؟ وهل صام رمضان مَن تعدى على الآخرين في أعراضهم أو أموالهم أو أجسادهم أو شارك في ذلك؟
وهل صام حقاً من أمسك عن الغذاء وقلبه وفكره مليئان بالأحقاد والدسائس على المسلمين وقضاياهم؟.

وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لما قال (مَنْ لم يدَعْ قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).
فَحَرِيٌّ بالمسلم أن يبدأ بتدريب نفسه عملياً على الاستفادة من هذا الشهر، وأن يؤمن بأنها فرصة سنوية لبقية شهور العام، وأن من حِكَم مشروعية الصيام الوصول للتقوى، وكفى بها من فائدة.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].

AL7AN 08-03-2024 01:38 PM

جزاك الله خير

خالد 08-03-2024 01:38 PM

جزاك الله خير
وجعله فى ميزان حسناتك
وانار دربك بالايمان
ويعطيك العافيه على طرحك
ماننحرم من جديدك المميز
خالص تحياتي

أميرة أميري 08-03-2024 02:05 PM

الله يجزاك كل خير على مجهودك...
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتك...
كل الشكر لك على ماقدمت

رِيتآن 09-03-2024 07:05 AM









انتقاء مُفيد ورائع ، شكراً لجهُودكم.،:ff1 (68):

_ ريِمآ . 09-03-2024 08:18 PM

--


















جَزاك الله جنّةٌ عَرضها السّمواتِ والأَرض
ولا حَرمك الأجِر ..:241:

ودق الحروف 11-03-2024 09:10 AM

جزاك الله خيرا
ونفع بك ع الطرح القيم والمفيد
وعلى طيب ماقدمت
اسعد الله قلبك بالأيمان
وسدد خطاك لكل خير وصلاح
وفي ميزان حسناتك ان شاء الله
دمت بطاعة الرحمن

https://4.bp.blogspot.com/-sqcdp4Lo8...65r4ew32q1.png



كاسبر 12-03-2024 11:14 AM

الأنيقة غيمة فرح
توفقتي في الطرح والأنتقاء
شكرا لك ولحضورك الراقي
لاخلا ولاعدم

رِيتآن 12-03-2024 10:12 PM









إنتقآء رائع ، شكراً لجهودكُم.،/:ff1 (68):

قَـلـبْ 14-03-2024 02:28 AM




جزاك الله خير:241:
وجعله في موازين حسناتك:241:
وانارالله دربك بالايمان:241:
ماننحرم من جديدك المميز:241:
امنياتي لك بدوام التألق والابداع:241:
دمـت بحفظ الله ورعايته:241:


الساعة الآن 03:58 AM

تصحيح تعريب Powered by vBulletin® Copyright ©2016 - 2024 
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة آنفاس الحب

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant