منتديات انفاس الحب

منتديات انفاس الحب (https://a-al7b.com/vb/index.php)
-   ۩۞۩ أنفاس الرسول والصحابة الكرام ۩۞۩ (https://a-al7b.com/vb/forumdisplay.php?f=125)
-   -   من مشكاة النبوة (2) فيك جاهلية! (https://a-al7b.com/vb/showthread.php?t=88222)

فروله توت ♩ 03-02-2023 01:53 PM

من مشكاة النبوة (2) فيك جاهلية!
 
الحمدُ لله عدد ما خلق، والحمدُ لله ملء ما خلق، الحمد لله البصيرِ التواب، الفتّاحِ الوهّاب، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له السميعُ الخبير، المتينُ القدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وصفيّه وخليله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه عدد قطر الندى وما تعاقب الإصباح والمساء، أما بعد:



فأوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ فرصة الحياة هي زمن تحيق التقوى ومجاهدة النفس وما عمرنا وحياتنا إلا مجموع الساعات واللحظات ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴾ [الأنبياء: 94].



عباد الرحمن: ما أجمل الاستضاءة من مشكاة النبوة! وما أحسن النهْل من مَعينها!.



وحديثنا اليوم عن موقف نبوي حصل مع رجل سبق إلى الإسلام أخبر عن نفسه فقال: " كُنْتُ رُبُعَ الإسلامِ أسلَم قبْلي ثلاثةٌ وأنا الرَّابعُ أتَيْتُ نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ له: السَّلامُ عليكَ يا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا عبدُه ورسولُه فرأَيْتُ الاستبشارَ في وجهِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: (مَن أنتَ؟) فقُلْتُ: إنِّي جُنْدُبٌ رجُلٌ مِن بني غِفَارٍ" (أخرجه ابن حبان في صحيحه). وكان لسابقته هذه فضلها، إذ لمّا هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم كان عليه الصلاة والسلام يبتدئ أبا ذر إذا حضر ويتفقّده إذا غاب، ولكنه وهو بهذه المنزلة حصل له هذا الموقف الذي أثّر في نفسه، فتعالوا نتأمل هذا الخبر، أخرج مسلم في صحيحه عن المعرور بن سُوَيد قال: مَرَرْنَا بأَبِي ذَرٍّ بالرَّبَذَةِ وَعليه بُرْدٌ وعلَى غُلَامِهِ مِثْلُهُ، فَقُلْنَا: يا أَبَا ذَرٍّ لو جَمَعْتَ بيْنَهُما كَانَتْ حُلَّةً، فَقالَ: إنَّه كانَ بَيْنِي وبيْنَ رَجُلٍ مِن إخْوَانِي كَلَامٌ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً، فَعَيَّرْتُهُ بأُمِّهِ، فَشَكَانِي إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَلَقِيتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: يا أَبَا ذَرٍّ، إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، مَن سَبَّ الرِّجَالَ سَبُّوا أَبَاهُ وَأُمَّهُ، قالَ: يا أَبَا ذَرٍّ، إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، هُمْ إخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فأطْعِمُوهُمْ ممَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ ممَّا تَلْبَسُونَ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ، فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فأعِينُوهُمْ.



وفي رواية للبخاري: "أسَابَبْتَ فُلَانًا قُلتُ: نَعَمْ، قالَ: أفَنِلْتَ مِن أُمِّهِ قُلتُ: نَعَمْ، قالَ: إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ قُلتُ: علَى حِينِ سَاعَتِي: هذِه مِن كِبَرِ السِّنِّ؟ قالَ: نَعَمْ، هُمْ إخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أيْدِيكُمْ، فمَن جَعَلَ اللَّهُ أخَاهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ ممَّا يَأْكُلُ، ولْيُلْبِسْهُ ممَّا يَلْبَسُ، ولَا يُكَلِّفُهُ مِنَ العَمَلِ ما يَغْلِبُهُ، فإنْ كَلَّفَهُ ما يَغْلِبُهُ فَلْيُعِنْهُ عليه ".



أيها الأحبة تعالوا إلى بعض الدروس والعبر:


أولا: نستفيد قُرْب النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة كلهم، فإن هذا الرجل الذي عُيِّر بأمه فقيل له: " يا ابن السوداء " وَجَدَ في النبي صلى الله عليه وسلم ملاذًا قريبًا يشكو إليه ويستعذر منه ممن عيَّره ؛ وقد اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بشَكَاته وعاتب أبا ذر رضي الله عنه هذا المعاتبة الشديدة.



إن عبوديةَ هذا الرجل واختلافَ لونه لم تكن تعوقه عن الوصول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعَرْضِ شكاته؛ إذ كان عليه الصلاة والسلام قريبًا من الناس كلهم.



ومن الوقفات: نرى قوة الاستئصال للنّعْرَة العنصرية، والتي لا زالت بقاياها مُتَرَسِّبة في بعض النفوس من آثار الجاهلية حيث قال عليه الصلاة السلام لأبي ذر: " أفَنِلْتَ مِن أُمِّهِ قُلتُ: نَعَمْ، قالَ: إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ ".



فسواد أمه ليس عارًا! ثم هي لم تختر لوها الأسود كما أن أبا ذر لم يختر لونه! فهذا أمر ليس للإنسان فيه اختيار، لكن العار في التخلق بأخلاق الجاهلية! ولذا كان وقْعُ الكلمة على أبي ذر شديدا " إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ " قال أبو ذر: علَى حِينِ سَاعَتِي: هذِه مِن كِبَرِ السِّنِّ؟ قالَ: " نَعَمْ ".



ثانيا: في الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحطّم نعرات الجاهلية وتفاخرها بالأنساب والألوان والأعراق كان يشيّد بناءً متينًا من الأُخُوَّة بين المسلمين، وهذا ظاهر في قوله "، هُمْ إخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فأطْعِمُوهُمْ ممَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ ممَّا تَلْبَسُونَ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ، فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فأعِينُوهُمْ" فهذه خمسة أمور تُأكّد حقّ الأخوة ؛ فسماهم إخوانا ولو كانوا خدما، وأرشدَ إلى إطعامهم مما يطعم وكسوتهم مما يكتسي ونهى عن تكليفهم ما يغلبهم، وأمر بإعانتهم لو كُلفوا.



نفعني الله وإياكم بالكتاب والسنة وبما فيهما من العلم والحكمة واستغفروا الله إنه كان غفارا





الحمد لله...


أما بعد: فمن الدروس المستفادة: أن التربية النبوية تحيي في نفوس الناس الاعتزاز بذواتهم ومعرفة حقوقهم، كما يعرفون واجباتهم، " أسَابَبْتَ فُلَانًا قُلتُ: نَعَم " ولذا شعر أبو ذرٍ بهذا الندّية قال أبو ذر عندما روى الخبر: " إنَّه كانَ بَيْنِي وبيْنَ رَجُلٍ مِن إخْوَانِي كَلَامٌ " فالمراجعة متبادلة بين طرفين.



علمًا أنه عندما ألغى النبي صلى الله عليه وسلم بكل حزمٍ أنواع التمايزِ العنصري قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام لم ثمّة رأي عام عالمي، ولا منظمات لحقوق الإنسان، بل كان الواقعُ الاجتماعيُ العالمي يعيش أنواعا صارخةً من التمييز العنصري، بينما لم تلحق الحضارة العالمية بهذه الهداية النبوية إلا بعد أربعة عشر قرنا!



وأخيرا: يبهرك شدة تأثر أبي ذر رضي الله عنه بمقالة النبي صلى الله عليه وسلم وقوة التزامه بالأمر النبوي، فإنه سكن الربذة في آخر حياته وتوفي فيها، ومع ذلك كان في أعلى درجات الامتثال؛ إذ لمّا روى الخبر قال " " إنَّه كانَ بَيْنِي وبيْنَ رَجُلٍ مِن إخْوَانِي كَلَامٌ " وقسم الحلة بينه وبين غلامه ولم يكتفِ بالمواساة التي يجزئ فيها ما دون ذلك.



إنه خُلُق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في تَلَقِّي أمره وهديه، ثم امتثاله، فكانت أوامره تتشكّل التزاما سلوكيا قويًا وعميقًا يبقى في نفوسهم ما بقيت لهم حياة!



رضي الله عنهم أجمعين وعنّا معهم..

ثم صلوا وسلموا...

- وَرد. 03-02-2023 02:33 PM

-





بارك الله فيك
وَ جزاك عنا كل خير
تقديري.

قَـلـبْ 04-02-2023 10:11 AM




جزاك الله خير:241:
وجعله في موازين حسناتك:241:
وانارالله دربك بالايمان:241:
ماننحرم من جديدك المميز:241:
امنياتي لك بدوام التألق والابداع:241:
دمـت بحفظ الله ورعايته:241:

غيمہّ فرٌح 04-02-2023 10:48 AM

جُزاكّ الله خُير علىّ مُـا قُدمتّ
ورزُقكّ بُكُل حَرف خّطتهَ أناملكّ جُزيل الحُسناتّ

فروله توت ♩ 06-02-2023 08:00 AM

اشكركـم على حضوركمـ الكريم
وتعطير متصفحي بردكمـ الجميييييل
الله يعطيكـم العافيه
ولا يحرمـني منكـم و من طـلـتـكـم
لكـم
تحيـــ ومحبتي ــــااااتي

- شقاء.. 07-02-2023 12:16 PM

_
،




















جَزَاكَ اَللَّهُ اَلْجَنَّةَ وُوَالُدِيكْ
سَلَّمَتْ يَدَاكَ وَنَفَّعَنَا اَللَّهِ بِمَا طَرَحَتْ
- لَا عَدِمْنَا هَذَا اَلنَّقَاءِ . . :-ff1 (8):
~

ʂąɱąя 08-02-2023 12:53 AM

طرح رآقي گ روحـگ
لآعدمنا جمآل ذآئقتگ
تحية صادقه من الاعماق
وبآنتظار جديد آبداعكگ دائمآ
ودي لگ

:tr-2::tr-2::tr-2:

إرتقاء 30-06-2023 11:47 AM

جزاك الله كل خير :rose:
وبارك الله فيك :rose:

عواد الهران 03-07-2023 07:43 AM

مشاركه جيده ومفيده

وتفاعل طيب ...وتواجد جميل

بارك الله فيك

سموالروح 05-10-2023 12:48 PM

جزاك الله خير الجزاء
وسلمت أناملك على الذوق الجميل
ما ننحرم من فيض عطائك وتالقك
ننتظر كل جديد يفيض به قلمك الراقي

لك تحياتي وفائق شكري
ولك كل الاحترام


الساعة الآن 01:24 AM

تصحيح تعريب Powered by vBulletin® Copyright ©2016 - 2024 
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة آنفاس الحب

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant