منتديات انفاس الحب

منتديات انفاس الحب (https://a-al7b.com/vb/index.php)
-   ❀ انفاس نبض الخفوق وعذب الكلام وسبق نشره ❀ (https://a-al7b.com/vb/forumdisplay.php?f=23)
-   -   جَنَّةُ العُمْرِ وفِرْدَوْسُهُ ! (https://a-al7b.com/vb/showthread.php?t=90861)

عبدالعزيز 10-03-2023 10:18 PM

جَنَّةُ العُمْرِ وفِرْدَوْسُهُ !
 

لم يغمض له جفنٌ من الحنين الذي طما طوفانه ، وجافى مَضْجِعَهُ جنباه –كأنه على شجر القتاد يتقلبُ- فاتجه إلى باحة المنزل ، وأطال النظر إلى النجوم والبدر المكتمل ، وعند تباشير الفجر الأولى مضى إلى القرية ، وجال في أنحائها مستعيدًا أيام طفولته ، فعند هذا المنزل الطيني كان يرقب المارة بخوف وخشيةٍ ، ويسلِّمُ على من يمرُّ به وقدمٌ داخل المنزل وقدمٌ في الشارع -ليسهل عليه الفرار إلى الداخل إن اقترب منه أحد- ، وهنا كان يجلس على المطصبة مع أترابه ليتجاذبوا أطراف الحديث ، وتحت الشجرة الضخمة كان يتذرع التفيُّؤَ تحتها من هجير الشمس ، لينظر إلى الصبية التي تلعب أمام منزلها ، وهذا حانوتُ تاجر الحلوى ، الذي يشتري منه مثلجاتٍ ، ويختلسُ –على غفلةٍ منه- قطعة حلوى ، أو لبانٍ ، أو... ، وهذا ، وهذا ...
عندما تعالى الضحى مضى إلى الأثلة في طرف القرية ، وطاف حولها قليلًا ، وجال في مغاني صباه ، مستعيدًا ذكراها ، ثم مضى إلى البيت الطيني المقفر من أهله وروَّاده ، ودلف إلى باحته ، وأجال ناظره فيه ، ثم قال : أيها الطللُ العزيزُ : هأنذا أعوجُ عليكَ وحيدًا ، بعدما أوهن المتلونان قوتي ، وأخذا شبابي ، وألانا قناتي ، وأثقلا كاهلي ، ومضيا بأجمل عهد ، وأنقى قلبٍ ، وأرق نسمتين !
ثم اتجه إلى نافذة الغرفة المطلة على الباحة ، ووقف أمامها مليًّا ، يتذكر حينما كان يتحدثُ أسفلها مع سارة ، ويمضيان خلف أخيلتهما وأمانيهما ، وحين يعدو خلفها ، فتهبط من النافذة ، وتتجه إلى الغرفة من جديد لتهبط من النافذة مرة أخرى –ويتبادلان الأدوار إن ضرب ظهرها بكفه- ، ثم قال : هل يبزغ علينا قمر اللقاء ، وتشرق شمس الوصل ، وينجاب ليل النأي ، ويضيء صبح الحب علينا تحت سقفٍ واحدٍ سعيدين أبد الآباد ؟!
ثم جلس تحتها ومد يده فوصلت درفتها ، وكان فيما مضى يشعر أنه يهبط من شامخ حين يهبط منها ، ثم نهض ومضى إلى الدرج المؤدي إلى السطح وصعدها ، وأجال ناظره في السطح الصغير الذي كان فيما مضى يشعر بالتعب قبل أن يصل نهايته .
اتجه إلى حائطه القصير ، وأطل منه على الأزقة الضيقة ، والبيوت المتلاصقة ، والمزارع المهجورة ، ثم نزل واتجه إلى حوض النخلة الذي كاد يندرس رسمه ، والذي كان يلعب عنده مع سارة ، فيأخذان خوصتين ، أو بسرتين صغيرتين مما سقط من العذوق ويقذفانها في ماء الحوض ، ويحركان الماء بأيديهما لينظرا أيهما تسبق الأخرى ، وأخذ عودًا ، ونكتَ به الأرضَ ، ثم قال : لاتنتظريني على شاطئ البحر كما التقينا بعدما شببنا ، ولا تأتي إلى الأثلة عند النبع في مغنى الصبا ، ولا تنتظري أن تهمي غيوم الحب على حقولنا القاحلة ، ولا تنتظري نورس الوصل أن يرفرف فوقنا مؤذنًا باللقاء ، فما عاد لنا في هذه الفانية لقاء ، ولعل الرحمن الرحيم ادخر لنا اللقاء الأعظم ، والوصل الذي لا يعقبه فراق ، في جنةٍ عرضها السموات والأرض ، أما في هذه الفانية ، فقد مضت أجمل العهود ، وأحلى الليالي ، وأرق نسمتين ، وأمسى قلبي مسرحًا لأظعان الفراق ، وأطلالًا لغربان البين ، ومسرىً لأعاصير النأي ، ولم يبق من الشمس إلا أشعة أصيلها التي لن تلبث حتى تُؤْذِنَ بالأفول ، فإذا أفلت حياتي مع أشعة شمس الغروب ، وأدرج اسمي في سجل الراحلين ، فارقبي الأكف وهي تنزلني إلى جدثي ، وتحثو التراب ، ثم ارفعي أكفَّ الإخلاص ، واسألي اللهَ لي الرحمة والغفران ، فهذا غايةُ ما أرجوهُ ، وآملهُ منكِ !
ثم نهض واتجه إلى الباب ، وهو يقول : الشَّبَابُ جَنَّةُ العُمْرِ ، والصِّبَا فِرْدَوْسُهُ !

- وَرد. 11-03-2023 10:47 AM

-
























حروُفك طبعت فِى محاجر عيوننا بِ براعة
واختلجت بِها المشاعر ..
بوح يسري في الأروُاح وَ يسكن الوجدان
تصمت لهُ القلوب ..
كانت زخات مطر هلت علينا مِن غيمة أحاسيسكَ
فنزلت على صحراء قلوبنا وَ أروتهَا
لكَ السعَادة :241:.
تمّ الإضافة.



عبدالعزيز 11-03-2023 12:03 PM

الموقرة ورد : مرورٌ يتماوج تماوج الأثير المضمخ بالمسك (أسعدكِ ربي ، ورضي عنكِ) .

كيرآز 11-03-2023 12:58 PM

أسعدك الله في الدارين و جمعك بمن تحب
في جنات العالمين
سلمت روحك وحروفك :ff1 (218):

عبدالعزيز 11-03-2023 02:22 PM

اللهم آمين .

الموقرة كيراز : ممتنٌّ لعذبِ مروركِ (اسعدكِ الله) .

جبرني الوقت * 11-03-2023 07:46 PM

،
نص جميل
وإحساس عطر وراقي
كتبت وابدعت
تسلم يمناك
دام فيض حبرك
مودتي وامتناني :85:

مزن 12-03-2023 12:02 AM

عندما يعود العقل إلى الماضي
وخاصة عند زيارة مكانه المقدس
فإنه يستجمع كل ذكرى جميلة
ويُدار شريط الذكريات بلا توقف
مع تلك الأماني المؤجلة
والتي باتت مستحيلة في داره الفانية
إنه الأمل ليتغلب لما بقى من عمره
دائما وابدا الدعوة بالرحمة والمغفرة للراحل عنها
قصة جميلة تروى لماضي جميل سرده كاتب مميز
كل الشكر
تقديري

جوهرة القصيد 12-03-2023 12:32 AM

قلمك لا يخط أحرفا فحسب بل ينثر دررا
لك مني المودة والـوردة

ودق الحروف 12-03-2023 09:47 PM

قراءةٌ أولى ،،، وشهقةٌ أولى وإفتتانٌ أوليٌّ ، ينذر لي بعودةٍ،
سأكون هنا

جنوبية 12-03-2023 09:56 PM

في جمالية حروفك هناك تأمل
وليس انصات
حروف ثاقبة خلفها شعور جارف
هو الانسان هكذا
بطبعه يميل الى الحنين للماضي
وللذكريات بحلوها ومرها
مع انها تؤلمه لكنه
يتلذذ بذلك الألم
لا احد منا يستطيع البقاء بدون
الذكريات فهي كل ما يتبقى لنا


عبدالعزيز
انثر كل الورود والرياحين أمام مشاعرك
الرهيفة و حرفك الباذخ حنينا عذبا :rose:


الساعة الآن 08:31 AM

تصحيح تعريب Powered by vBulletin® Copyright ©2016 - 2024 
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة آنفاس الحب

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant