منتديات انفاس الحب

منتديات انفاس الحب (https://a-al7b.com/vb/index.php)
-   ۩۞۩ انفاس الركن الإسلامي ۩۞۩ (https://a-al7b.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   خطبة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153] (https://a-al7b.com/vb/showthread.php?t=99825)

غيمہّ فرٌح 19-10-2023 04:27 PM

خطبة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153]
 
خطبة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153]

إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَنْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ، وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ‌حَقَّ ‌تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، وقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ إِذَا ‌أَصَابَتْهُمْ ‌مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 156-157]، أما بعدُ:
أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أعلانا منزلة أعظمُنا صبرًا، ومن استرجع واحتسب مصيبته؛ كانت له ذخرًا ومنزلة عالية يوم القيامة، وأن هذه الدنيا لا تخلو من المصائب والمحن والرزايا، ولا ينتظر فيها الصحيح إلا السقم، والكبير إلا الهرم، والموجود إلا العدم، وأن الله جل وعلا كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة؛ كما جاء عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء))؛ [رواه مسلم].

يا عباد الله، لم الجزع والسخط، والله جل جلاله هو المُدبِّر والمُصرِّف في كل الأمور والأحوال، وأن كرب الزمان، وفقد الأحِبَّة خطب مؤلم، وحدث مفجع، وأنها تُحدث في الجوف نارًا مستعرة، وحرقة لا تنطفئ؛ ولكن المتأمل في الآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة، يجد فيها تسلية للنفس، ورضاءً للمكتوب، وطمعًا للأجر والثواب من الله العلي القدير، قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ ‌أَئِمَّةً ‌يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِن نَصَبٍ ولَا وصَبٍ، ولَا هَمٍّ ولَا حُزْنٍ، ولَا أذًى ولَا غَمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا مِن خَطَايَاهُ))؛ رواه البخاري.

يا عباد الله، لو تأمل المصاب في مصيبته أنها لم تكن في دينه، وتلك هي المصيبة الحق، وأنها لم تكن أعظم مما كانت، وكذلك أن الأجر لها بعد الصبر والاحتساب، تبلغه منزلة في الجنة لن يبلغها بعمله، لرضي واطمأنت نفسه، وحمد الله على ما قضى وقدر، قال تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ ‌مُصِيبَةٍ ‌فِي ‌الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحديد: 22]، وقال عز وجل: ﴿ ‌وَمَا ‌أَصَابَكُمْ ‌مِنْ ‌مُصِيبَةٍ ‌فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30].

وفي الحديث الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا، فقال: ((يا غلام، ألَا أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفِعتِ الأقلام، وجفَّـت الصحف))؛ [رواه الترمذي].

أيها المسلمون،جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم؛ فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط))؛ [رواه الترمذي].

وعن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرَّاء شكر؛ فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر؛ فكان خيرًا له))؛ [رواه مسلم].

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إن الخير كله في الرضا، فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر"، وقال علي رضي الله عنه: "الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا إيمان لمن لا صبر له".

نفعني الله وإيَّاكم بهدي نبيه وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أقول قُولِي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين والمسلمات، من كل خطيئة وإثم، فاستغفروه، وتوبوا إليه، إن ربي لغفور رحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله، خلَق فسوَّى، وقدَّر فهَدَى، وَصَلَّى الله وسلم على نبي الرحمة والهدى، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى، قال الله تعالى: ﴿ قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ ‌الدُّنْيَا ‌حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]، أما بعد:
يا عباد الله، إن الشدائد والابتلاءات تبين الصادق من الكاذب، والزوج الصالح من غيره، وتظهر عن معدن الزوجين النبيل، وأصلهما الطيب الصادق، فالله تعالى يحب ويبشر الصابرين، والصبر درجة عالية لا ينالها إلا من وفقه الله، قال تعالى: ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ ‌وَيَعْلَمَ ‌الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 142]، ومر النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم بامرأة تبكي ابنًا لها على قبره، فقال لها: ((اتقي الله واصبري))؛ [أخرجه مسلم]، ولما أرسلت ابنته زينب له صلى الله عليه وسلم أن ابنها يحتضر قال لها: ((إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده إلى أجل مسمى، فاتقي الله واصبري))؛ [أخرجه البخاري].

أيها المسلمون، إن قرين الصبر الرضا بما قدره الله وكتبه، وإيكال أمرهما لربهما، وانظروا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة التي فقدت ابنًا لها فقال لها: ((إنما الصبر عند الصدمة الأولى))؛ [رواه البخاري].

إنه الرضا يا عباد الله، الذي يجعل القليل كثيرًا، والحزن راحة، والألم سعادة، فكلما اشتدت المحنة حمدت الله بقلب راضٍ، شعرت بالراحة وسعة الصدر والتفاؤل، يقول صلى الله عليه وسلم: ((عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سرَّاء شكر؛ فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر؛ فكان خيرًا له))؛ [رواه مسلم].

يا عباد الله، إن الرضا في الملمات والأزمات يذيق المرء طعم الإيمان، ويصلب عوده، ويجيزه من العقبات، ومن الرضا عدم الشكوى للناس، والقناعة بالقليل، والاستبشار بالقادم.

هذا وصلُّوا وسلِّموا عباد الله، على نبيكم؛ استجابة لأمر ربكم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ ‌وَسَلِّمُوا ‌تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلِّم على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.

اللهم أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأعلِ بفضلكَ كلمةَ الحق والدين، اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا، وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين، اللهم وَفِّقْه لِمَا تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وَفِّقْه وولي عهده إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، وإلى ما فيه الخير للإسلام والمسلمين، اللهم ارزقهما البطانة الصالحة، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطول والإنعام، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، واحقن دماءهم، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم احفظ على هذه البلاد عقيدتها، وقيادتها، وأمنها، ورخاءها واستقرارها، وسائرَ بلاد المسلمين، اللهم اجعلها دائمًا حائزة للخيرات والبركات، سالمة من الشرور والآفات، اللهم اصرف عَنَّا شر الأشرار وكيد الفجار، وشرَّ طوارق الليل والنهار، رُدَّ عَنَّا كيدَ الكائدين، وعدوانَ المعتدين، ومكرَ الماكرين، وحقدَ الحاقدينَ، وحسدَ الحاسدينَ، وحسبُنا اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ.

اللهم أبرم لأمة الإسلام أمرًا رشدًا، يُعَز فيه أهل طاعتك، ويُهدى فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر، يا سميع الدعاء.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، وألِّف ذات بينهم، وأصلح قلوبهم وأعمالهم، واجمعهم يا حي يا قيوم على العطاء والسنة، يا ذا العطاء والفضل والمنة.

اللهم انصر جنودنا، ورجال أمننا، المرابطين على ثغورنا وحدودنا، اللهم تقبل شهداءهم، اللهم اشفِ مرضاهم، وعافِ جرحاهم، وردهم سالمين غانمين.

﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً ‌وَقِنَا ‌عَذَابَ ‌النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]، ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ ‌أَنْتَ ‌السَّمِيعُ ‌الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127]، ﴿ وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 128]، واغفر لنا ولوالدينا ووالديهم، والمسلمين والمسلمات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ ‌عَمَّا ‌يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180-182].

العتيم 19-10-2023 04:31 PM


..



جزاك الله خير
وَ جعله في ميزان حسناتك

احمد 19-10-2023 06:49 PM

بارك الله فيك
وجزاك الله خيرا

بُليِتُ بِك 19-10-2023 07:31 PM




/







جزاك الله خيراً
وَجعله في ميزان حسناتك
شكراً لك

أُرجُوَان . 19-10-2023 07:58 PM

-


جزاك الله خير .. بارك الله فيك
اثابك الله الجنة .. في ميزان حسناتك .. :h5:

fadak 19-10-2023 10:00 PM

الله يعطيك العافيه
جزاك الله كل خير
في ميزان حسناتك ...

- وَرد. 20-10-2023 09:07 AM

-










أثابك الله الأجر ..
وَ أسعد قلبك في الدنيا وَ الأخرة
دُمتِ بحفظ الرحمن :131:.

الخاطر 20-10-2023 01:54 PM

جزاك الله الف خير على هذا الطرح القيم
وجعله الله فى ميزان اعملك
دمت بحفظ الرحمن
ودى وشذى الورود

- يِـآزَ 23-10-2023 05:23 PM

-




جزآك الله خيراً
فيِ ميزآن حسناتك
يعطيك العآفيه:ff1 (210):

يَافَآ ♡. 25-10-2023 06:20 AM

بارك الله فيك
جعله الله في ميزان حسناتك
:131:


الساعة الآن 02:08 PM

تصحيح تعريب Powered by vBulletin® Copyright ©2016 - 2024 
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة آنفاس الحب

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant