قوله
تعالى: ﴿
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾[البقرة: 134].
تضمنت الآيات السابقة الثناء على إبراهيم ويعقوب وبنيهما والتنويه بشأنهم والتعريض بمن لم يقتف آثارهم من ذريتهم، ثم أتبع ذلك بقوله: ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ﴾ الآية لإفادة أن الجزاء بالأعمال لا بالاتكال، فلا ينفع فقط مجرد الانتساب إلى هؤلاء دون عمل.
قوله:﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ﴾ الإشارة إلى إبراهيم وإسحاق ويعقوب وبنيهم، والأمة: الجماعة والطائفة من الناس.
﴿ قَدْ خَلَتْ ﴾ أي: قد مضت، وخلى منها المكان.
﴿ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ ﴾ "ما": في الموضعين موصولة، أو مصدرية، أي: لها الذي كسبت، أولها كسبها، والكسب: العمل، أي: لها ما عملت وثوابه، وهذا أشبه بالتمهيد لقوله: ﴿ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ ﴾.
﴿
وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ ﴾ أي:
ولكم الذي كسبتم، أو ولكم كسبكم، أي: ولكم ما عملتم وجزاؤه.
وقدم الخبر في الجملتين وهو قوله: ﴿
لَهَا ﴾، ﴿
وَلَكُمْ ﴾ للقصر، أي: لها ما
كسبت لا يتجاوزها إلى غيرها، ولكم ما
كسبتم لا يتجاوزكم إلى غيركم، كما قيل: "كل شاة تناط برجليها".
والخطاب: للمخاطبين بقوله تعالى: ﴿ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ ﴾أي: لكل من يصلح له، أو لليهود الذين يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم ويزعمون أنهم على الحق، وعلى ما أوصاهم به أبوهم يعقوب، أي: فلا ينفعكم صلاح من خلا ومضى من آبائكم وغيرهم، وانتسابكم إليهم، كما لا ينفعهم كسبكم.
وقد أحسن القائل:
كن ابن من شئت واكتسب أدبا
يغنيك محموده عن النسب
إن الفتى من يقول ها أنذا
ليس الفتى من يقول كان أبي[1]
﴿ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ "ما" في قوله: ﴿ عَمَّا ﴾ موصولة أو مصدرية، أي: ولا تسألون عن الذي كانوا يعلمون أو عن عملهم، أي: لا تسألون عما كان يعمل من مضى من الآباء والأجداد وغيرهم، وإنما تسألون عن أعمالكم؛ لأن لكل منكم كسبه وجزاء عمله، أي: لا تحاسبون بأعمال سلفكم وإنما تحاسبون بأعمالكم.
[1] البيتان لأبي العتاهية. انظر: "جمهرة الأمثال" (2/312).
jtsdv r,gi juhgn: V jg; Hlm r] ogj gih lh ;sfj ,g;l ;sfjl C Ngm gh lih juhg[ [gf ,g;g ;ajm
jtsdv r,gi juhgn: V jg; Hlm r] ogj gih lh ;sfj ,g;l ;sfjl C Ngm gh lih jg; juhg[ juhgn: jtsdv [gf ,g;g r] r,gi ;ajm