الموضوع: خاتم النبيين (7)
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 04-07-2022
غيمہّ فرٌح متواجد حالياً
Saudi Arabia    
آوسمتي
لوني المفضل Azure
 إنتسابي ♡ » 420
 آشراقتي ♡ » Jan 2020
 آخر حضور » منذ 16 ساعات (11:00 AM)
موآضيعي » 7557
آبدآعاتي » 512,014
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
 حالتي الآن »
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » ❤
الحآلة آلآجتمآعية  » » ❤
الاعجابات المتلقاة » 20838
الاعجابات المُرسلة » 13279
 التقييم » غيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond repute
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  
مشروبك   7up
قناتك abudhabi
اشجع valencia
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 11,998
تم شكره 14,365 مرة في 7,778 مشاركة
Q54 خاتم النبيين (7)



الحمد لله رب العالمين، وأصلِّي وأسلم على النبي المصطفى الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين؛ أما بعد:
فمرحبًا بكم إخواني وأخواتي الكرام في برنامجكم خاتم النبيين.

وقد سبق معنا في الحلقة السابقة الكلام عن الهجرتين الأولى والثانية إلى الحبشة، وكيف هاجروا، وإعدادهم وواقعهم هناك، وآثارهم، والدروس المستفادة من ذلك، ونحن الآن نتحدث عن الحصار الذي أقامته قريش لصدِّ دعوة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد استاءت قريش من انتشار رقعة الإسلام والدعوة، وكثرة المسلمين، وأخَذَ الإسلام يفشو في القبائل، عند ذلك اجتمعوا وعزموا على أن يكتُبوا كتابًا يتعاقدون فيه على مقاطعة بني هاشم وبني عبدالمطلب مقاطعةً متنوعة؛ فهي اجتماعية فلا يناكحونهم، وأيضًا مقاطعة اقتصادية فلا يبيعونهم ولا يبتعون منهم، وأيضًا يقاطعونهم مقاطعة نفسية فلا يُؤونهم، حتى يسلِّموا لهم النبي صلى الله عليه وسلم لقتله، فلما علِم أبو طالب بذلك جَمَعَ بني هاشم في شِعبه، وعرض عليهم ما قالته قريش وكتبته عن بني هاشم وعن ابن أخيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فأجمعوا على أن يحموا رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل أذية، وأن يكون معهم في شِعبهم، وكان تاريخ ذلك كما يقول الواقدي مع هلال المحرم سنة سبع من البعثة، واستمر ذلك الحصار ثلاث سنوات، ولكن خرج من بني هاشم أبو لهبٍ، وانضمَّ إلى قريش، واشتد ذلك الحصار على بني هاشم في الشِّعب، فكان الطعام لا يصل إليهم إلا خُفية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الشِّعب يدعو قومه، ويفقههم في دين الله تعالى.

وفي مدة الحصار وُلد حَبْرُ الأمة عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، ومكثوا في الشِّعب ثلاث سنين، ولم يكن كفار قريش متفقين جميعًا على ذلك الحصار الظالم؛ فهم مختلفون، ولذلك تلاوم رجال من قريش في ذلك، فخرج بعض كفار قريش، ومنهم المُطعم بن عَدي، وعدي بن قيس، ورجال معهم، فحملوا السلاح، ثم خرجوا إلى بني هاشم في الشِّعْب، وفكُّوا حصارهم بعد تلك السنوات الثلاث؛ إذ إن الحصار لا يُرضي هؤلاء الرجال، فعَرَفَتْ قريش أن هؤلاء الرجال سيحمون بني هاشم وبني عبدالمطلب؛ ولذلك فكوا الحصار، ومزقوا الصحيفة المكتوبة للمقاطعة، فخرج المسلمون من الحصار في السنة العاشرة من البعثة، وفي تلك السنة اجتمع على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الحصار مصيبتان؛ هما: وفاة أبي طالب، ثم بعد ثلاثة أيام من ذلك وفاة خديجة رضي الله عنها زوجته، وكان مشهد وفاة أبي طالب مشهدًا عظيمًا، فيه الدرس والعِبرة؛ فلما حضرته الوفاة جاء إليه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: ((يا عمِّ، قلْ لا إله إلا الله؛ كلمة أحاجُّ لك بها يوم القيامة))، وكان بجوار أبي طالب أبو جهلٍ وعبدالله بن أمية، فقالا له: أترغب عن دين عبدالمطلب؟ وفي رواية لمسلم أن أبا طالب قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ((لولا تعيُّرُني قريش بها؛ يقولون: حمله عليها الجَزَعُ، لأقررتُ لك بها؛ أي: بالشهادة))؛ [رواه مسلم]، فأنزل الله تعالى قوله: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [القصص: 56]، وقد تتابعت المصائب على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأولها الحصار الظالم، ثم وفاة أبي طالب الذي كان يدافع عنه، ثم وفاة زوجته خديجة التي كانت تؤازره وتواسيه؛ وحيث اجتمعت تلك المصائب، سمَّى بعضهم ذلك العام بعامِ الحزن، واعترض على تلك التسمية آخرون من أهل السير؛ فقد كان أبو طالب سندًا خارجيًّا للدعوة، وكانت خديجة سندًا داخليًّا بعد الله عز وجل، فلما مات أبو طالب آذت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم تكن تؤذيه قبل ذلك، ومن ذلك كان وضْعُ سلا الجزور على رأسه عليه الصلاة والسلام وهو ساجد، وأيضًا خَنْق عقبة بن أبي مُعيط له خنقًا شديدًا، وكذلك عزم أبي جهل على أن يطَأ عنقه، كل ذلك كان بعد وفاة أبي طالب، كما نص على ذلك ابن كثير رحمه الله، ثم بعد ذلك الأذى المتتابع من قريش، فكَّر النبي صلى الله عليه وسلم في مكان يكون أنسب من مكان قريش؛ وهي مكة، فاتجه عليه الصلاة والسلام إلى ثقيف في الطائف، وليس معه من أصحابه إلا زيد بن حارثة، وذلك سنة عشر من البعثة، في شهر شوال، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم الطائف، وقابل وجهاءها وكبراءها، ودعاهم إلى الله عز وجل، فلم يستجِبْ إليه أحد منهم، بل أخرجوه منها، ورمَوه بالحجارة عليه الصلاة والسلام، حتى إن رجليه لَتُدْمَيان، وزيد بن حارثة يقيه من الحجارة بنفسه، وشُج رأسه صلى الله عليه وسلم شجاجًا، فانصرف عليه الصلاة والسلام إلى مكةَ، وهو محزون ومهموم، قال: ((ولم أستفِقْ إلا وأنا بقرن الثعالب))، وقرن الثعالب هذا قيل: هو قرن المنازل، كما يقوله القاضي عياض، وقال آخرون بأنه جبل قرب منًى، وقال بعضهم: هو جبل قرب عرفات، قال: ((فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلَّتني فنظرت، فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إن الله قد سمِع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك مَلَكَ الجبال لتأمره بما شئت، فقال ملك الجبال: يا محمد، إن شئتَ أن أُطبِقَ عليهم الأخشَبين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو الرحيم بأمته: بل أرجو أن يُخرِجَ الله من أصلابهم مَن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا))؛ [رواه البخاري]، ولم يسلم من أهل الطائف إلا رجل واحد، يقال له: عداس، وأيضًا في رجوعه جلس النبي صلى الله عليه وسلم يصلي تحت شجرة في جوف الليل، فسمع قراءته نفر من الجن، وكانوا سبعة من جن نصيبين، فآمنوا به، وأنذروا قومهم؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ﴾ [الأحقاف: 29].

ذكر ذلك ابن اسحاق وابن سعد وابن القيم، وقال آخرون من أهل السير بأن ذلك السماع للجن كان في ابتداء المبعَث، وقيل بأن الحادثة متعددة هنا وهناك، والله أعلم، فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكةَ، بعث عبدالله بن أُريقط إلى الأقدس بن شريق ليجيره في دخول مكة، فاعتذر بأنه حليف لقريش، ثم أرسل إلى سهيل بن عَمرو ليجيره، فاعتذر بأن بني عامر لا تجير على بني كعب، فأرسل إلى المطعم بن عدي ليجيره، فأجابه إلى ذلك، وأذِن له بدخول مكة بجواره، فبات عنده تلك الليلة، فلما أصبح المطعم لبِس السلاحَ هو وأولاده الستة، وذهب بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة، فجعله يطوف بها وهو وأولاده حرس له، فأقبل أبو سفيان، فقال: هل أجرتَه؟ قال: نعم، قال: إذًا لا نخفر ذمَّتك، وقد حفِظ النبي صلى الله عليه وسلم للمطعم بن عدي إجارته تلك؛ ففي معركة بدر قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لو كان المطعم بن عدي حيًّا، ثم كلمني في هؤلاء النَّتْنَى - وهم من قتلى الكفار يوم بدر - لتركتهم له))؛ [رواه البخاري].


وبعد تلك الجولة المختصرة في حصار الشِّعْب لبني هاشم، ووفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها، وذهاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، وماذا كان الواقع هناك، ورجوعه إلى مكة، جاءت قصة الإسراء والمعراج، وهذا ما سنعرضه بإذن الله تعالى في الحلقة القادمة.

أما الدروس المستفادة من هذا العرض، فكثيرة؛ ومنها:
الدرس الأول: على الداعية إلى الله تبارك وتعالى أن يصبر في دعوته فيما يلاقي من عقبات، وأن يذللها ويسليَ نفسه حيالها بالأجر عليها، وأنها قد تكون أحيانًا ابتلاء له في صبره وإيمانه، ومأخذ هذا من السيرة؛ حيث بقاء النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم في الشِّعْب وحصارهم فيه ثلاث سنين، فصبروا واستمروا في دعوتهم، وثبتوا على إيمانهم، ولم يقلل ذلك الحصار من عزائمهم، فجعلوه فرصة يتعلم بعضهم من بعض.

الدرس الثاني: إن الظلم والظالمين لهم نهاية خاسرة وخاسئة، أما الصلاح والصالحون، فنهايتهم مشرقة ومشرفة إذا صبروا على إيمانهم وصلاحهم وإصلاحهم؛ وذلك أن قريشًا عندما حاصرت المسلمين في الشِّعْب، كانت نهاية قريش خاسرةً، فلم يستفيدوا شيئًا من الحصار، بل انتشر الإسلام بين القبائل، ودخل الناس في الدين أفواجًا، أما المؤمنون بعد فك الحصار عنهم، فقد استعادوا قوتهم، ودعَوا إلى دين الله تبارك وتعالى، وكانوا هم المفلحين الفائزين، بخلاف كفار قريش، فهم الخاسرون الخاسئون.

الدرس الثالث: إن الجليس والصاحب والصديق له تأثيره الواضح على صديقه وجليسه؛ ولذلك قالوا: الصاحب ساحب؛ فهل سيكون مثله في الصلاح والفساد؟ نعم، إلا من رحم الله، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل))، ومأخذ هذا من السيرة، عندما حضرت أبا طالب الوفاةُ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا عم، قل لا إله إلا الله؛ كلمةً أحاج لك بها عند الله))، فجاءه أبو جهل، وقال: أترغب عن دين عبدالمطلب، فأبى أن يقولها فمات على الكفر، انظر إلى تأثير الجليس مع أن القضية كفر وإيمان، وجنة ونار، فتأمل في أصدقائك وجلسائك، هل أنت مستفيد منهم صلاحًا وإصلاحًا أم غير ذلك، ولا تجامل على حساب دينك، فمن لم تستفِدْ منه، فابعَد عنه؛ لتسلم ويسلم أيضًا قلبُك.

الدرس الرابع: الهداية نوعان؛ الأولى: هداية دلالة وإرشاد؛ وهي التي سلكها النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب، وهي التي بيد البشر، والثانية: هداية توفيق وإلهام، وهي بيد الله تعالى وحده، فعلينا ببذل الهداية الأولى وهي الدلالة والإرشاد مع أولادنا وأهلنا وجيراننا والآخرين، وعلينا سؤال الله تعالى هداية التوفيق لنا ولهم، ولقد بُذلت دلالة الإرشاد لأبي طالب، ولكن الله تعالى لم يرِدْ له هداية التوفيق والإلهام.

الدرس الخامس: ليس على المسلم في دعوته للآخرين إلا البلاغ؛ قال تعالى: ﴿ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ﴾ [الشورى: 48]، وهذا رحمة من الله تعالى لعباده، فحرِّك لسانك بدعوة الآخرين، وأما استجابتهم، فهي بيد الله تعالى وحده؛ ولهذا بلَّغ النبي صلى الله عليه وسلم الدعوة لأهل مكة والطائف، بل وبلَّغها للعالمين من الجن والإنس، وأما القَبول والاستجابة، فهذا توفيق بيد الله تعالى يعطيه من يشاء، فمن لم يستجب لدعوة الداعي، فليعلم أنه محروم، فلْيَبْكِ على ذلك الحرمان، وليسأل الله تعالى بصدق أن يرزقَهُ تلك الهدايةَ، فإن لم يعطِه إياها، فهو على خطر عظيم، فأبو طالب حُرم إياها، فكان من أهل النار، والعياذ بالله.

الدرس السادس: رد الجميل صفة جميلة، وخَصلة كريمة، فإذا عمِل أحد معك عملًا جميلًا، فحاول التفاعل بردِّ هذا الجميل عليه بأجملَ منه، فهذا من الخصال الطيبة، والخُلُق الحسن، ولا تكن في حالة من الجمود، فيُحسن الناس إليك، وتنسى إحسانهم، ومأخذ ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينسَ الفعل الجميل من أبي طالب؛ حيث دافع عنه أبو طالب، وقام على حمايته، فردَّ له الجميل، فحرَص على ألَّا يموت إلا على الإسلام، فحاول معه بالشهادة، ولكن جليس السوء بقدر الله تعالى الكوني كان حاضرًا، فصرفه عن ذلك، وذلك كله بتقدير الله تعالى، نسأل الله عز وجل الثبات على الحق في الدنيا والآخرة.

الدرس السابع: من فضل الله تعالى على بعض الناس أن يجعلَه مفتاحًا للخير، حاثًّا عليه، وبعضهم يخذله الله تعالى، ويجعله مفتاحًا للشر مِغلاقًا للخير، فتأمل في معاملتك وتصرفاتك مع الآخرين من أيهما أنت، ومأخذ هذا من السيرة من موقف أبي جهل مع أبي طالب؛ حيث كان مفتاحًا للشر مغلاقًا للخير، فقد أغلق عليه باب الدخول في الإسلام، وحثه على بقائه على الشرك في دين عبدالمطلب، فإياك أن تكون بلسان حالك أو مقالك مغلاقًا للخير.

الدرس الثامن: التوبة بابها مفتوح، وهي بإذن الله تعالى مقبولة، إذا تمت شروطها، حتى ولو كانت في مرض الموت ما لم تُغَرْغِر الروح أو تخرج الشمس من مغربها، وهذا من رحمة الله تعالى بعباده، ومأخذ ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى أبي طالب وهو في مرض موته، فعرض عليه الشهادة، فدلَّ ذلك على قبولها لو نطق بها، فلنسارع جميعًا إلى التوبة والأوبة، فمن تاب التوبة الصادقة، فليُبْشِرْ بثماني فوائد عظيمة؛ الأولى: أنها تكفر سيئاته، والثانية: أنها تبدل إلى حسنات، والثالثة: أن الله عز وجل يفرح بتوبة عبده فرحًا شديدًا، والرابعة: أن الملائكة تدعو له بالمغفرة؛ قال تعالى على لسان الملائكة: ﴿ فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا ﴾ [غافر: 7]، الخامسة: أن الملائكة تدعو له بالوقاية من عذاب الجحيم؛ قال تعالى على لسان الملائكة: ﴿ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ [غافر: 7]، السادسة: دعاء الملائكة له بدخول الجنة؛ قال تعالى على لسان الملائكة: ﴿ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ ﴾ [غافر: 8]، السابعة: دعاء الملائكة لآبائهم وأزواجهم وذرياتهم الصالحين؛ قال تعالى على لسان الملائكة: ﴿ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ﴾ [غافر: 8]، الفائدة الثامنة للتوبة: دعاء الملائكة له بالوقاية من السيئات؛ قال تعالى على لسان الملائكة: ﴿ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ ﴾ [غافر: 9]، فهذه من ثمار التوبة فلنسارع إليها؛ والله تعالى يقول: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]، وأما إذا مات ولم يتُبْ، فأمره إلى الله، ولكنه على خطر من تلك الفعال السيئة، التي لم يتب منها، وإذا استدام المعصية، فإنه يجمع على نفسه سيئات هو في غِنًى عنها.

الدرس التاسع: سعة سمع الله تبارك وتعالى؛ حيث أرسل الله تعالى ملك الجبال إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له: ((قد سمع الله قول قومك لك))، فالله تعالى من أسمائه السميع، فلنتقِ الله تعالى في أقوالنا ولفظاتنا، فإن الله عز وجل يسمعنا في جميع أحوالنا في سرنا وعلانيتنا، فلْنَسْتَحِ من الله تبارك وتعالى أن نلفظ ما لا يرضيه من آفات اللسان كالغِيبة والنميمة وغيرهما؛ فاللسان من أعظم الجوارح كسبًا للحسنات والسيئات، فاستشعر حال كلامك بالخير وغيره، فإن الله عز وجل يسمعك، فإن هذا الاستشعار يزيدك من الخير، ويرغِّبك فيه، ويجعلك تنزع عن الشر ويبعدك عنه.

الدرس العاشر: عِظمُ شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على الأمة واستشراف المستقبل والتفاؤل الطيب؛ حيث قال عليه الصلاة والسلام لملك الجبال: ((لعل الله أن يُخرج من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئًا))، وفعلًا تحقق هذا التفاؤل الطيب، وأخرج الله من أصلابهم من يدعو إلى الله تعالى، وينصر هذا الدين، فكن - يا أخي الكريم - في تفكيرك وتصورك للأشياء بعيدَ النظر، متفائلًا مستشرفًا لمستقبل مشرق، صابرًا على تحقيق ذلك، ولا تستعجل؛ فإن المخرجات للأعمال لا تأتي سريعة، ولا تأتي دفعة واحدة؛ فالصبر وبُعد النظر خَصلتان كريمتان وخُلُقان حسنان، لعلنا أن نتحلى بهما، وعكس ذلك الاستعجال في تصور الأمور وسرعة الحكم عليها، وعدم الصبر حيالها.

الدرس الحادي عشر: إن النبي صلى الله عليه وسلم كانت رسالته للثَّقَلَينِ؛ الجن والإنس، وهو عليه الصلاة والسلام مرسل للعالمين؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، فقد سمِعه جنُّ نصيبين، فولَّوا إلى قومهم منذرين، ففي الجن صالحون وغير صالحين، كما هو في الإنس.

الدرس الثاني عشر: أهمية إحياء قيمة الوفاء بالجميل، وعدم نسيان الفضل لأهل الفضل، فإذا أسدى أحد من الناس إليك معروفًا، فإياك أن تنساه، بل كافئه عليه بالجميل بخدمة مماثلة أو بالشكر المتكرر، أو بالدعاء، أو بالزيارة، أو نحو ذلك؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ﴾ [البقرة: 237]، ومأخذ هذا أن المُطعِم بن عَدي عندما أجار النبي صلى الله عليه وسلم لدخول مكة بعد رجوعه من الطائف، وفَّى له النبي صلى الله عليه وسلم بالجميل؛ فقال عليه الصلاة والسلام في قتلى بدر: ((لو كان المطعم بن عدي حيًّا، ثم كلمني في هؤلاء النتنى يوم بدر، لتركتهم له))؛ [رواه البخاري]، فلا تنسَ فضل الآخرين عليك في خطأ واحد يخطئونه تجاهك، فإن عدم نسيان الفضل صفة كريمة، وخَلَّة فاضلة، اجتَهِدْ في الاتصاف بها، فإنها من الخلق الحسن الذي يحبه الله تعالى، ويحبه رسوله عليه الصلاة والسلام، أسأل الله تبارك وتعالى أن يوصلنا دار السلام بسلامٍ، وأن يغفر لنا ووالدينا والمسلمين، وأن يجعلنا من أحبِّ عباده إليه، وأن يجعلنا من المقتدين بنبيه عليه الصلاة والسلام، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.


ohjl hgkfddk (7) 7 phjl




ohjl hgkfddk (7) 7 hgkfddk phjl




 توقيع : غيمہّ فرٌح

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
2 أعضاء قالوا شكراً لـ غيمہّ فرٌح على المشاركة المفيدة:
 (06-07-2022),  (05-07-2022)