عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 18-01-2023
غيمہّ فرٌح متواجد حالياً
Saudi Arabia    
آوسمتي
لوني المفضل Azure
 إنتسابي ♡ » 420
 آشراقتي ♡ » Jan 2020
 آخر حضور » منذ يوم مضى (08:36 PM)
موآضيعي » 7570
آبدآعاتي » 516,681
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
 حالتي الآن »
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » ❤
الحآلة آلآجتمآعية  » » ❤
الاعجابات المتلقاة » 20905
الاعجابات المُرسلة » 13336
 التقييم » غيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond repute
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  
مشروبك   7up
قناتك abudhabi
اشجع valencia
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 12,056
تم شكره 14,397 مرة في 7,793 مشاركة
Q54 قصة موسى عليه السلام (9) موسى والخضر



قصة موسى عليه السلام (9)

موسى والخضر



ورد أن موسى عليه السلام قام خطيبًا في بني إسرائيل، حتى إذا فاضت العيون ورقَّت القلوب ولى، فأدركه رجل فقال: أي رسول الله، هل في الأرض أحد أعلم منك؟ قال موسى: لا، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إلى الله، فهو الذي علمه وزوده به، ألم يقل الله تعالى: ﴿ وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ﴾ [طه: 39]، ثم أُوحي إلى موسى أنه يوجد من هو أعلم منك، وفي رواية: ((إن لي عبدًا بمجمع البحرين هو أعلم منك، فقال موسى: أي رب، فأين؟ قال الله تعالى: بمجمع البحرين، قال موسى: أي رب، اجعل لي علمًا أعلم ذلك به، قال له: تأخذ حوتًا - سمكة - ميتًا فتجعله في مِكتل، وسِرْ، فحيثما فقدت الحوت فثَمَّ))، وفي رواية: ((فحيث تنفخ فيه الروح))؛ أي: حين تعود له الحياة فستجده هناك.

وكان التصوير القُرْآني لهذه القصة رائعًا، فيه يظهر جهد موسى وجده في البحث عن هذا العبد العالم الذي قيل: إنه الخضر عليه السلام، وهو نازل هناك في مجمع البحرين، فأين مكان مجمع البحرين يا ترى؟ إن منزل موسى عليه السلام كان في الطور تارة، وفي صحراء التيه تارة أخرى، متنقلًا في سيناء، فالمكان لا يبعد عنها، فإما أن يكون عند الرأس المسمى الآن رأس محمد، حيث التقاء خليج السويس مع خليج العقبة، وهذا الراجح عندي، وهو قريب من الطور، لا يحتاج الوصول إليه من قِبل موسى إلى سفر طويل، وقد يكون التقاء فرع نهر النيل [دمياط] مع البحر المتوسط، كما ورد في سورة الرحمن: ﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ ﴾ [الرحمن: 19، 20]، عنَى بالبحرين الماء المالح مع الماء العذب، والمكان ليس بعيدًا عن سيناء أيضًا.

والآن بعد هذه الاستطرادة نرجع إلى الآيات القُرْآنية التي صورت هذا اللقاء التاريخي والتعليمي بين موسى والخضر، فقد استعد موسى عليه السلام لهذه الرحلة، وأخذ معه فتاه يوشع، قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ﴾ [الكهف: 60] يبدو من هذه الآية التصميم والجد من موسى في طلب الخضر، إنه يقول لفتاه يوشع: لا أزال أجد وأدأب ولو طال بي المسير، ولن أتراجع عن مقصدي إلى أن أبلغ مجمع البحرين، ولو اقتضى أن أسير حقبًا من الدهر حتى أبلغه، تصميم قوي وتوق للقاء ذلك العالم، يريد أن يعرف مدى تفوقه، ومن أين له هذا العلم؟ شيء ما في داخله يدفعه للتعرف على هذا العالم العابد، سار مجدًّا حتى أرهق فتاه، وكان مكلفًا بحمل الحوت في المكتل، ولعل الجو كان حارًّا على ساحل البحر، إن كان في المكان الذي ذكرناه (جنوب سيناء ).

وتتابع الآيات القُرْآنية وصف الرحلة، ﴿ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا * فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ [الكهف: 61، 62]، لقد وصلا إلى المكان المحدد، لكنهما ناما من التعب، وفي أثناء النوم دبت الحياة في الحوت، فانطلق من المكتل إلى البحر وغاص فيه، فلما أفاقا تابعا طريقهما دون الالتفات إلى الحوت نسيانًا له، وسارا حتى بلغ منهما الجهد مبلغه، فجلسا يستريحان، وهنا طلب موسى الغداء الذي كان في المكتل مع الحوت، فكان جواب يوشع: ﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾} [الكهف: 63]، وقد ذكر أن موسى قد أوكل أمر الحوت إلى فتاه يوشع بأن يخبره إذا دبت به الحياة، فكان جواب يوشع: هذا أمر سهل، لكنه نسيه في الوقت الذي كان ينبغي أن يتيقظ فيه، ومع ذلك قال: أتذكُرُ الصخرة التي استرحنا عندها، فقد كان من أمر الحوت أن أتخذ سبيله في البحر سربًا، وإني في منتهي العجب مما حصل، وما أنسانيه أن أذكره لك إلا الشيطان.

وفي رواية الطبري: "رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربًا"، فلم يناقش موسى فتاه يوشع عن هذا النسيان الذي كلفهما مسيرة نصف يوم، لكنه سارع من الفرح ليقول له: هذا الذي كنا نريده، فعادا أدراجهما يقصان أثر أقدامهما لكي يرجعا إلى المكان نفسه، فهناك عند الصخرة مكان الموعد مع الخضر، عادا على الأثر وقد نسيا من الفرح ما كان اعتراهما من التعب، وعند الصخرة كان اللقاء، وكان أثر انطلاق الحوت من المكتل إلى البحر ظاهرًا؛ فقد ترك في البحر سربًا مثل الطاق، كأنما حفر في صخر، فقد جمد الماء على هيئته حين دخل فيه الحوت علامة واضحة على المكان لا لبس فيها.

وحان منهما التفاتة فإذا رجل عند الصخرة مسجى بثوب، فسلَّم عليه موسى، فقال الخضر: وأنى يكون هذا السلام بهذه الأرض؟! تعجبًا منه لذكر السلام في أرض خلت منها هذه العبارة، فعرَف أن الذي ألقى عليه السلام غريب، قال: أنا موسى، قال موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، أتيتك لتعلمني مما عُلمت رشدًا، لقد وصف الله الخضر بالعلم، ﴿ فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ﴾ [الكهف: 65]، قيل: الرحمة: النبوة، والعلم: أطلعه الله على بعض المغيَّبات، وهو ما سنجده في سياق القصة.

قال الخضر ردًّا على طلب موسى: {قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} [الكهف: 67، 68]؛ أي: إنما تعرف ظاهر ما ترى من العدل، ولم تُحِطْ من علم الغيب بما أعلم، لكن موسى عليه السلام الذي تجشم مشقة السفر كان متلهفًا للتعلم ومتابعة الخضر والتتلمذ عليه؛ لهذا سيكون المتعلمَ المطيع لمعلمه، الصابر على تحصيل العلم، فكان رده:﴿ قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ [الكهف: 69]، وهنا شرط الخضر على موسى ألا يكلمه في أي أمر يراه، أو أن يستفسر عنه، وإنما ينتظر مبادرة الخضر لبيان الأمر من تلقاء نفسه، ﴿ قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ [الكهف: 70]، وانطلق موسى مع الخضر على هذا الشرط، ولكن كما وصف موسى بأنه ذو صراحة وحدة، ولا يقبل أن يرى ما يخل ثم يدعه دون اعتراض أو استيضاح، مما سيجعل هذه الصحبة هشة، وقد تنهار في أية لحظة بالمفارقة.

﴿ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ﴾ [الكهف: 71]، وبينما كانا على الساحل طلب الخضر من إحدى السفن نقلهما إلى مكان على الشاطئ الآخر، فعرف ربان السفينة الخضر ولم يأخذ منه أجرًا، ولما ركبا وأبحرت السفينة قام الخضر إلى أحد ألواحها فنزعه، فأحدث فيها خرقًا وعيبًا أعطبها وعرضها للغرق، رأى موسى هذه المخالفة الخطرة، فاعترض على ما فعله الخضر، ﴿ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴾ [الكهف: 71]، أتريد بهذا الخرق أن تغرق ركابها؟! لقد فعلت أمرًا عظيمًا فيه العجب، وله خطره وضرره البالغ، أهذا جزاء ربان السفينة الذي نقلنا بلا نول؟ فعاد الخضر بتذكير موسى بالشرط بينهما ولم يزد على ذلك،﴿ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ [الكهف: 72]، فاعتذر موسى عن خرق الشرط وتعجُّله في النكير على ما فعله الخضر،﴿ قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ﴾ [الكهف: 73]، كان ذلك نسيانًا مني للشرط بيننا؛ لهولِ ما رأيت، وأرجو أن تعاملني باليسر؛ أي: فخُذْني بالمسامحة لتعجُّلي.

﴿ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ ﴾ [الكهف: 74] غلام صغير يلعب مع الغلمان، ينقضُّ عليه الخضر فيقتله بقطع رأسه، منظر كاد يطير له عقل موسى، وكان أشد إثارة لموسى من أمر السفينة وما أحدث فيها، ماذا فعل هذا الغلام حتى يقتل؟ أين أنا؟ أبين قوم لا تحكمهم شريعة ولا منطق سليم؟ ما هذا الذي أراه؟ لقد فقد السيطرة على ضبط نفسه؛ إنكارًا لما رأى، واستهجانًا لهذه الفعلة، ﴿ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ﴾ [الكهف: 74]؛ فالمعروف في شريعة موسى أن النفس بالنفس، وهذا الغلام صغير بريء، لم يرتكب جريمة القتل، فهو كالزهرة المتفتحة الزكية الطاهرة من ارتكاب الآثام، فلمَ يقتل بهذا الشكل؟ فلم يحتمل موسى الصمت، بل لقد شدد في المعاتبة للخضر، ﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ﴾ [الكهف: 74]، فكان التذكير من الخضر بالشرط السالف والصبر على ما يرى وألا يسأل، وهذه المرة شدد الخضر في العتاب وقلة الصبر، ﴿ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ [الكهف: 75]، فزاد حرف الخطاب "لك"، وكان الاعتذار من موسى، وفيه وضَع لنفسه حدًّا نهائيًّا، إن سأل مرة ثالثة تكون المفارقة، ﴿ قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا ﴾ [الكهف: 76]، ففي العادة المتعارف عليها أن الفرص لا تزيد عن ثلاث، وهنا حسمها موسى من نفسه؛ لعلمه بها، فوضعها حدًّا لعدم صبره.

﴿ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا ﴾ [الكهف: 77] قرية صغيرة من قرى جنوب سيناء، عُرفت بالبخل، أبى عليهم البخل أن يضيفوا هذين الصالحين بوجبة طعام، فخرجا منها جائعين، ﴿ فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾ [الكهف: 77]، لكن الخضر وجد جدارًا آيلًا للسقوط، فشمَّر عن ساعد الجِد وقوَّم بناءه، وهنا لم يستطِع موسى عليه السلام أن يصمت تجاه هذا الموقف، ﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ [الكهف: 77]، فلعل الجوع الشديد وبخل القرية دفعاه للاعتراض، فقد تمنى لو طلب أجرًا أقله إطعامها، فكانت هذه الثالثة، ولا عود بعد الثالثة، فقال الخضر: ﴿ قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ﴾ [الكهف: 78]، فأعلن المفارقة، وأن الدرس التعليمي قد انتهى، ولكن لم يشأ الأستاذ أن يترك تلميذه بعد هذه المشقة - التي تكبدها ليتلقى عنه العلم - أن يخرج دون فائدة، وإلا فما معنى هذا الدرس؟ أن يرى موسى ثلاثة أحداث جسام مستنكرة وقد حدثت ممن زكاه ربُّه بأن آتاه الرحمة والعلم! ثم يعود إلى دياره دون أن يفهم مدلول هذه الألغاز؛ لذلك استدرك الخضر بعد أن ﴿ قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾ [الكهف: 78]، يجب أن تخرج بفائدة سفرك هذا إليَّ، ولكيلا تعود أدراجك كما أتيت، فكان حل هذه الألغاز الثلاثة:
﴿ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ﴾ [الكهف: 79]؛ فالسرُّ أن السفينة قد عطلت لكيلا تتجاوز بعيدًا في البحر، فهنا الملك القرصان الذي يصادر السفن الجيدة ويستولي عليها، وأصحاب هذه السفينة فقراء مساكين، لا يحتملون مصادرة سفينتهم؛ لفقرهم، وقد تجوع عائلاتهم لهذه المصادرة، وربما يقتل هذا الملك الضال مَن في السفينة جميعًا، ألا يكون الخضر قد كافأ هؤلاء المساكين الطيبين الذين لم يأخذوا منهما أجرًا رغم فقرهم؟ فكان أن حمى سفينتهم من المصادرة، يا له من سر عظيم! مَن كان يدرك أن وراء إعطاب السفينة وإحداث ضرر قليل فيها مِن أجل تجنيب أصحابها الضرر الأكبر، ولولا أنْ أطلَع الله الخضر على ما كان سيحدث فجلَّى له ما غيب عن الآخرين لوقع المحظور، وأمام دهشة موسى مما أعطاه الله للخضر، حل له لغز الحادثة الثانية.

﴿ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ [الكهف: 80، 81]، إذًا هكذا كان شأن هذا الغلام! فلم يكن نفسًا زكية، وإنما مُلِئَ كفرًا وحقدًا، ولأن أبويه صالحان فقد عوضهما الله ابنًا خيرًا منه عابدًا بارًّا، ثم بيَّن له حل اللغز الثالث.

﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ﴾ [الكهف: 82]، وأصابت موسى الدهشةُ والعجب، فكل سرٍّ أغرب من الآخر، ولم يكن بخطر بباله أن يكون في هذه القرية رجل صالح وغلامان على طريقته سخر الله لهما الخضر ليحمي إرثهما من أبيهما الصالح في قرية ليست صالحة، وربما تمنى موسى بعد هذا التفسير ألا يكون استعجل ليرى مزيدًا من العجائب، وعند الخضر لا شك مهام كثيرة أخرى سيقوم بها من هذا القبيل، ولكن ليس مع موسى، فودعه لشأنه بعد أن قال له: ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾} [الكهف: 82]، كله بإيحاء من الله، فليس هذا العلم الذي أعطانيه ربي هو من ذاتي؛ فالفضل فيه راجع إلى الله، واعلم أن ما أعطاك الله إياه ليس عندي منه شيء، وما أعطاني الله ليس عندك منه شيء، فكل منا قد خصه الله بعلم.

وردت في هذه القصة أخبار، منها:
عن أُبَيِّ بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رحمة الله علينا وعلى موسى، لو صبر لقص الله علينا من خبره، ولكن ﴿ قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي ﴾ [الكهف: 76])).

ذكر أن الخضر عبد لا تراه الأعين، إلا من أراد الله أن يريه إياه، فلم يره من القوم إلا موسى.

أقول: لو كان هذا صحيحًا، فكيف ركبا في السفينة؟ وورد أن ربان السفينة عرفه فلم يأخذ منه أجرًا، وكذلك طلبهما الضيافة معًا من القرية فأبوا ضيافتهما.

ورد بشأن الكنز أنه أحل لمن كان قبلنا، وحرم على أمة محمد للآية 34 من سورة "التوبة": ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [التوبة: 34]، والآية 35.

ورَد في التفاسير عن مكان مجمع البحرين "بحر فارس، والروم" وقيل: "بحر الأردن وبحر القلزم"، وقيل: مجمع البحرين "عند طنجة"، فأما بحر فارس والروم فهذا بعيد؛ حيث لا يوجد مجمع للبحرين بينهما، ويدل هذا على عدم العلم بالجغرافيا لمن قال بهذا القول، وبحر الأردن وبحر القلزم، عنى بذلك البحر الميت والبحر الأحمر، وكذلك لا التقاء بينهما إلا عبر وادي عربة، وهذا جائز، وأما عند طنجة فالالتقاء جيد بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، لكن كم المسافة بين سيناء وذلك الموضع، وهذا يحتاج إلى شهور من السفر، وقد جرَّب موسى غياب أربعين يومًا عن قومه فعاد وقد عبدوا العجل فهل سيكرر الغياب الطويل ثانية؟ لقد احتاج موسى إلى يوم واحد للوصول إلى مجمع البحرين، فلم يأكلا من الحوت إلا وجبة واحدة وعندها كانا عند الصخرة، ووجود الصخرة يدل على أن المكان هو الذي ذكرناه سابقًا "عند رأس محمد"، حيث التقاء خليج السويس مع خليج العقبة مع البحر الأحمر، وقد ورد في الأخبار أن الملك الذي كان يصادر السفن هو "هرد بن برد"، وهذا اسم عربي، دليل حدوث القصة في المكان الذي حددناه، واسم الولد المقتول "جيسور"؛ الآيات من سورة الكهف [60 - 82].


rwm l,sn ugdi hgsghl (9) ,hgoqv 9 g,sd




rwm l,sn ugdi hgsghl (9) ,hgoqv 9 g,sd hgsghl ugdi ,hgoqv




 توقيع : غيمہّ فرٌح

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس