عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 13-02-2023
غيمہّ فرٌح متواجد حالياً
Saudi Arabia    
آوسمتي
لوني المفضل Azure
 إنتسابي ♡ » 420
 آشراقتي ♡ » Jan 2020
 آخر حضور » منذ ساعة واحدة (07:39 AM)
موآضيعي » 7570
آبدآعاتي » 516,755
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
 حالتي الآن »
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » ❤
الحآلة آلآجتمآعية  » » ❤
الاعجابات المتلقاة » 20912
الاعجابات المُرسلة » 13346
 التقييم » غيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond repute
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  
مشروبك   7up
قناتك abudhabi
اشجع valencia
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 12,065
تم شكره 14,401 مرة في 7,795 مشاركة
Q54 {وما هي إلا ذكرى للبشر}



﴿ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ


الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ أبدعَ ما أوجدَ، وأتقنَ ما صنَعَ، وأحسنَ كلَّ شيءٍ خلقَه وأحكمَ ما شرعَ، وذلَّ كلُّ شيءٍ لجبروته وخضَعَ، سبحانهُ وبحمده، في رحمته الرجاءُ، وفي عفوِه الطمعُ، فكم من خيرٍ أفاضَ، وكم من مكروهٍ دفَعَ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريك له، تعالى في مجده وارتفعَ، وأحاط بكل شيءٍ علمًا ووسع، وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولهُ ومصطفاه وخليله، أفضل مُقتدًى به وأكمل مُتَّبَعٍ، صلَّى اللهِ وسلَّم وبارَكَ عليهِ وعلى آله وأصحابهِ أولو الفضلِ والتّقَى والورَعِ، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ، وكل من التزم بمنهجِ الحقِّ واتَّبَع، وسلَّم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:
فأوصيكم عبادَ اللهِ ونفسي بتقوى اللهِ، فاتقوا اللهَ رحمكم اللهُ، فتقوى الله فرجٌ ورزق: ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق:2-3]، وتقوى الله توفيقُ وتيسيرٌ، ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق:4]، وتقوى اللهِ مغفرةٌ وأجرٌ كبيرٌ، ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق:5]، وتقوى الله نجاةٌ وسلامة: ﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزمر: 61]..

معاشر المؤمنين الكرام؛ صدقَ الله، ومن أصدقُ من الله قيلًا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [فاطر:41].

فإذا كان اللهُ جل جلالهُ هو الذي يُمسِكُ السماواتِ والأرضَ أن تزولا، فهو الذي يمسكُ الأرضَ ألا تهتزَ وتضطرب، وهو سبحانهُ وتعالى إنما يُري عباده من آياته ما يُريهم، لينتبهوا ويعتبروا، وليتوبوا ويرجعوا، فالسعيدُ من تنبهَ وتاب، وعادَ من قريبٍ وأناب، والشقيُ من غفلَ ولها، وأصرَّ وتمادى، ﴿ أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [التوبة:126]، فكم رأينا وسمعنا من حروبٍ مدمرة، وكوارث مُهلكة، وأعاصير وفيضاناتٍ جارفة، وأمراضٍ وأوبئةٍ فتاكة، وبراكينَ وزلازلَ مروعةٍ مرعبة.. آياتٌ وعبر، وحوادثٌ وغير، تضربُ هنا وهناك بكلِّ قوة؛ فلا يملك أحدٌ ردَّها، ولا يستطيعُ بشرٌ أن يسيطرَ عليها، فهي من جند الله: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ﴾ [المدثر:31].

وآيةُ الزلازلِ يا عباد الله آيةٌ من آياتٌ الله عظيمة، وقدٌّر من أقدار الله الحكيمة، يُصيبُ بها من يشاءُ من عباده عدلًا وحكمة، ورأفةً ورحمة، نعم ففي الحديث الصحيح، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمَّتِى هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ؛ لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ وَالزَّلاَزِلُ وَالْقَتْلُ".

إنها هزةٌ للقلوب الغافلة، وصيحةٌ للنفوس المعرضة، إنها ذكرى لأهل الفسادِ والعناد، ومن يحبُّ أن تشيعَ الفاحشةُ في البلاد، إنها موعظةٌ لأهل الخمورِ والمسكرات، والمجاهرين بالفحش والمنكرات، والمستمرئينَ لأكل الربا والمحرمات، والهاجرين للبيوت الله التاركين للصلوات، وللكاسيات العاريات، ولكل المقصرين والعصاة أن ربكم يستعتبكم، فعودوا وأنيبوا.

فالزلزالُ إنما هو أمرُ اللهِ العزيزِ الحكيم، ومشيئتهُ النافذة؛ حيثُ يأذنُ لهذه الأرض أن تتحرك لبضع ثوانٍ قليلة، فإذا النتائجُ مروعة، وإذا الدمار هائل، والخسائرٌ فادحة، فضحايا الزلزالِ الأخير بلغت أكثرَ من 17 ألفِ قتيل، و85 ألف مُصاب، و 12 ألف مبنىً انهار انهيارًا كليًّا، أو شبه كلي، وبلغ عدد المتضررين أكثرَ من عشرين مليون إنسان، ولا زال مصيرُ الكثيرين مجهولًا، إنها يا عباد الله رسالة إنذارٍ من الملك الجبار، ﴿ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾ [الإسراء:59]، ولا شك أنًّ منظرَ الأرضِ وهي تهتزُّ وترتج، وتتشققُ وتتصدع، تلك الأرضُ التي طالما كانت ساكنة، آمنةً وادعة، إذا بها في لحظةٍ خاطفة، ينقلبُ حالُها رأسًا على عقب، وإذا بكلِّ ما عليها يتمايلُ ويترنح، وإذا بالجدران تتساقط، وإذا بالسقوف تتهاوى، وإذا بالبنايات الضخمةِ تتحولُ إلى ركامٍ وحُطام، لحظاتٌ قليلةٌ ولكنها رهيبةٌ مُرعبة، أذهلت العقول، وأزاغت الأبصار، وبلغت معها القلوبُ الحناجر؛ يخرجُ الناسُ من بيوتهم سِراعًا، لا يلوون على شيء، مذهولين مذعورين، يسيرونَ بلا هدف، يركضونَ كالسُّكارى وما هم بسُكارى، ولكن الهولَ شديد، فلا إله إلا الله، كم في هذه الآية من عظَة وعبرة، ورسالةٌ قويةٌ لكل البشر، أنه لا أعظمَ ولا أكبرَ من الله جلَّ في علاه، وأنه لا أشدَّ منه بطشًا، ولا أعظمَ منهُ قوة، إنه اللهُ الواحد القهار، ذلَّ كلُّ شيءٍ لعظمته، وخضعَ كلُّ شيءٍ لمشيئَتِه، لا دافِعَ لمَا قَضَى، ولا مانِعَ لِمَا أعطى، يفعلُ في مُلْكِهِ ما يُريدُ، ويحكُمُ في خلقِهِ ما يشاءُ، ﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾ [الرعد:11]، وإذا أراد شيئًا فإنما يقول له كن فيكون، خرَّتْ لعظمته الجبالُ الراسيات، وتصدعت من خشيتِه الصمُّ القاسيات.

لكأنَّ الزلزالَ حين يرجفُ بالأرض وأهلِها، يخاطبُهم خِطابًا فصيحًا بليغًا، يقول لهم: ألا ما أعجزَ الإنسان، وما أشدَّ ضعفه، وما أقلَّ حيلته، فمهما تعلَّم وعلا، ومهما تقدَّم وارتقى، فسيبقى ضعيفًا عاجزًا، ليس له من دون الله من ولي ولا نصير، وحتى إن رصدَ أماكن الزلازل، وقاس درجاتها، وحدَّد أماكنها وعرفَ أسبابها، لكنه سيظلُ أمامها ضعيفًا عاجزًا، فلا قوةَ توقفه، ولا أجهزةَ تخففه، ولا حيلةَ تحرفه، أو حتى تؤخِّره، ورسالةٌ أخرى تقولها لنا هذه الزلازلُ المرعبة: أن كلَّ ما نراه اليومَ من دمارٍ هائل، ومشاهدَ مروعة، ما هو إلا جزءٌ يسير، ومشهدٌ قصير، من زلزالِ السَّاعةِ العظيم، وإذا كان أهلُ الأرضِ جميعًا قد فُجِعوا بحركاتٍ أرضيةٍ قليلة، وهزَّاتٍ سطحيةٍ يسيرة، وفي بقاعٍ معينة محدودة؛ فكيف ﴿ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وبُسَّت الجبالُ بسًَّا * فكانت هباءً منبثًا ﴾ [الواقعة:4-6]، وكيف إذا ﴿ حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ﴾ [الحاقة:14]، كيف سيكون الحال: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الإنسان مَا لَهَا ﴾ [الزلزلة: 1-3]، لقد وصفَ الجليلُ الجبار ذلك الزلزالَ بأنه عظيم، وأنَّ كلَّ مرضعةٍ ستذهلُ من هوله عن رضيعها، وكلُّ ذات حملٍ ستضعُ حملها، فاستمع وانصت وتأمل: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج:1-2]..

ونصوصُ الكتاب والسنة تؤكدُ أنَّ كلَّ ما يُصيبُ العبادَ من المصائبِ والكوارث، إنما هو بسبب ذنوبهم وبما كسبت أيديهم، قال تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى:30]، وكونَها تقعُ لأسبابٍ كونيةٍ ربما تُعرف، فلا يُخرجَها عن كونها مقدَّرةً من الله سبحانه على العباد لذنوبهم، فهو مُسببٌ الأسباب سبحانه، قال جلَّ وعلا: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الزمر:62]، فإذا أراد الله شيئًا أوجدَ سببه, ورتبَ عليه نتيجته، كما قال تعالى: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ [الإسراء:16]، ولا شك أنَّ الركونَ إلى التفسير المادّي والتحليلِ العلميّ, والبعدَ عن العِظَة والذِّكرى، لا شك أنَّ ذلك من تزيينِ الشيطان، كما قال سبحانه: ﴿ فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام:43]، فيعللون الظواهرَ تعليلًا ماديًّا صِرْفًا، لا ينتجُ عنه إلا مزيدٌ من الغفلة وقسوة القلوب وقلة الاتعاظ، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ [المؤمنون:76]، ولئن سألتهم ما حكمةُ هذه الكوارث ومن دبَّرها؟ ومن جعلها بهذه الصورة ولماذا أرسلها؟ فلن يرفعوا بذلك رأسًا، ولن يبالوا له جوابًا، وصدق الله: ﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾ [الروم:7]، فأين قول العظيم الجبار: ﴿ وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا ﴾ [الإسراء:59]! أين قول المدبر الحكيم: ﴿ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء:60]!

أين قولُ من لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه: ﴿ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام:43]!

ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ هذه الأمةَ سيكون فيها خسفٌ ومسخٌ وقذفٌ، فلم يقل: إن السببَ هو تصدعُ الأرض وضعفُ قشرتها، إنما نصَّ على أن السببَ هو المعاصي، فقال صلى الله عليه وسلم: "يَكونُ في أمَّتي خسفٌ ومَسخٌ وقذفٌ؛ إذا ظَهَرتِ القِيانُ والمعازِفُ وشُرِبَتِ الخمورُ، والحديث صحيح، وفي صحيح البخاري، قال صلى الله عليه وسلم: "بيْنَما رَجُلٌ يَجُرُّ إزارَهُ مِنَ الخُيَلاءِ، خُسِفَ به، فَهو يَتَجَلْجَلُ في الأرْضِ إلى يَومِ القِيامَةِ"، وعندما استغرب الصحابة هزيمتهم في يوم أحدٍ، أنزل الله تعالى قوله: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 165].

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ [النحل:45-47].
أقول ما تسمعون …

الخطبة الثانية
الحمد لله كما ينبغي لجلاله وجماله وكماله وعظيم سلطانه، أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر:18].

معاشر المؤمنين الكرام؛ إنَّ من فضل اللهِ ورحمتهِ بعباده أنه لا يؤاخذُهم بكل ذنبٍ فعلوه, قال تعالى: ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ ﴾ [النحل:61]، ولكن إذا نسوا وغفلوا وتمادوا، خوَّفهم وذكَّرهم بالآيات والمصائب والابتلاءات، فحين سئل صلى الله عليه وسلم: أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: "نعم، إذا كثرُ الخبث"، والخبثُ هو المعاصي، قال تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم:41].

ثم إنَّ المصائبَ والكوارثَ ليست بالضرورة عذابًا أو انتقامًا، بل قد تكونُ ابتلاءً واختبارًا؛ قال تعالى: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء:35]، وفي الحديث الصحيح: إن الله إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم.

ولا شك أنَّ في هذه الابتلاءات والمصائب حِكمًا كثيرة، وفوائد كبيرة؛ منها التمييز والتمحيص، قال تعالى: ﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾ [آل عمران:179].

ومن حكم هذه المصائب والابتلاءات وفوائدها: تكفيرُ الذنوب ومحو السيئات، ففي الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم: "ما يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ والمؤمنةِ في نفسِهِ وولدِهِ ومالِهِ حتَّى يَلقى اللَّهَ وما عليْهِ خطيئةٌ".

ومن حِكمها وفوائدها: تعظيمُ الأجور ورفعُ الدرجات، ففي الحديث الصحيح: "إنَّ عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاء، وإنَّ اللهَ تعالى إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمن رضيَ فله الرِّضَا، ومن سخِط فله السُّخطُ".

ومن حكمها أيضًا: إيقاظُ القلوب الغافلة وتنبيهها؛ لئلا تركن إلى الدنيا، وتغفلَ عن الآخرة، فالمصائب توقظ الغافلين، وتجعلهم يعملون لدارٍ لا مصائبَ فيها ولا ابتلاءات، ثم إنَّ في هذه المصائب تحذيرًا وإنذارًا، فالمقصرُ يتدارك، والمتراخي يجتهد، والمخطئُ يتراجعُ ويُصلح، قال تعالى: ﴿ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ﴾ [الأنعام:42].

فاتقوا الله عباد الله واحذروا غضب الجبار، واستدفعوا البلاءَ بالتوبة وكثرة الاستغفار، فهو القائل سبحانه: ﴿ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الأنفال:33]، واتقوا الكوارثَ ومصارعَ السوءِ بصنائع المعروف، والاستقامةَ على أمر الله والإصلاح؛ فهو سبحانه القائل: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ [هود:117].

ألا وإن مِنْ أَعْظَمِ ما دعا إليه ديننا العظيم مُوَاسَاةَ المحتاجين، وإغاثة المنكوبين، فإنما المؤمنون إخوة، والمؤمنُ للمؤمن كالبنيان المرصوص، واللهُ في عَونِ المَرءِ ما كان المرءُ في عَونِ أَخيه.

أما وقد فتحَ ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين - وفَّقه الله وسدَّده - أبواب العون والمساعدة، فلنقم بما أَوجَبَهُ اللهُ علينا تِجاهَ إِخْوَانِنا المنكوبين، فقدِ اجتمعَ عليهم خوفٌ وجوعٌ وبردٌ، وفَقْدٌ وكرْبٌ شديد، فنفِّسوا عنهم قدر ما تستطيعون، فـ"مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، وتصدقوا إن الله يجزي المتصدقين، وأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحْسِنِيْن، ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾ [المزمل:20]..

اللهم إنا نستودعُك إخواننَا في تركيا وسوريا والشامِ، اللهم فالطُفْ بهم وتَوَلَّ أمرَهم، واجبر مصابهم، اللهم شافِ مرضاهُم، وعافِ مبتلاهم، وأغثْ محتاجهم، وتقبَّل قَتلَاهُم في الشُهداءِ.

اللَّهُمَّ لاَ تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ، وَلاَ تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ، وَعَافِنَا بعافيتكَ، أنت مولانا فنعم المولى ونعم النصير...
اللهم صل محمد...


V,lh id Ygh `;vn ggfavC ggfwv `;vd ,lh




V,lh id Ygh `;vn ggfavC ggfwv ggfavC `;vd Ygh id ,lh V,lh




 توقيع : غيمہّ فرٌح

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
2 أعضاء قالوا شكراً لـ غيمہّ فرٌح على المشاركة المفيدة:
 (25-02-2023),  (13-02-2023)