05-03-2020
|
|
عبد الله بن ياسين
نسبه ونشأته
هو عبد الله بن ياسين الجزولي أصله من قرية تماماناوت في طرف صحراء غانة الملقب بالزعيم الديني لدولة المرابطين.
عبد الله بن ياسيننشأ الشيخ عبد الله بن ياسين القائم بأمر دولة المرابطين الملقب بالزعيم الديني لدولة المرابطين في طلب العلم، فقد كان من طلبة أوكاد بن زلوه اللمطي، في داره، التي بناها بالسوس للعلم والخير، وسماها دار المرابطين، ويتضح أن الشيخ عبد الله بن ياسين كان لديه من الصفات القيادية، والشخصية، والأخلاقية التي أهلته لأن يبعثه شيخه مع جوهر بن سكن ليعلم قومه، إذ كان الدين عندهم قليلاً، وأكثرهم جاهلية، وليس عند أكثرهم غير الشهادتين، ولا يُعرف من وظائف الإسلام سواهما.
جهاده وأهم المعارك ودوره فيها
قال الشاعر:
بالعلم والمال يبني الناس ملكهم *** لم يبن ملك على جهل وإقلال
كان العلماء -وما زالوا- نهضة كل الأمم والدول، وقد يكون للعالم أثر كبير في تأسيس دولة، ومن هؤلاء العالم الفقيه عبد الله بن ياسين الذي كان له أثر كبير في تأسيس وبناء دولة المرابطين في المغرب، وجاهدت النصارى في الأندلس، وشاع ذكرها بين الناس.
بدأ عبد الله بن ياسين رحلته الجهادية بالدعوة إلى الإسلام حتى صار له أنصار وأتباع فبدأ بتوجيههم إلى القبائل لنشر دعوة الإسلام، ومنهم من أجاب ومنهم من عصى.
يقول القاضي عياض: وجه الشيخ أكاد عبد الله بن ياسين مع جوهر بن سكن، وكان موصوفًا بعلم وخير، فسار معه، وفهم له سيره، ولقومه. وأخذ من الشدة في ذات الله تعالى، وتغيير المناكير وانعزام صاحبه، من لم يقبل الهدى، ولم يزل يستقر تلك القبائل حتى علا عليهم، وأظهروا الإيمان هنالك.
بدأ عبد الله بن ياسين دعوته في شرح الإسلام للناس وشرح عقائدهم، وبيان فضل الإسلام، واستجاب الناس لدعوة عبد الله بن ياسين إلا أنهم سرعان ما أجهضوها، وقالوا أما الصلاة والزكاة فقريب، وأما قولك من قتل يقتل، ومن سرق يقطع، ومن زنا يجلد، فلا نلتزمه، فاذهب إلى غيرنا، وما كان عبد الله بن ياسين يقبل هذا الأمر الذي يقسم الدين ويؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعضه فتحول عنهم إلا قبيلة أخرى، ولم يكن عبد الله بن ياسين متهورًا معهم ليعلن عليهم الحرب بل تحول إلى قبيلة أخرى يدعوا فيها ليوجد له فيه أنصارًا لدعوته، وظل على ذلك حتى صارت دعوته من الدعوة الفردية القليلة الأنصار إلى جماعة كبيرة بلغ تعدادها في بادئ الأمر ألف رجل فبدأ عبد الله بن ياسين بتوجيه هؤلاء الرجال بالتوجه إلى قبائلهم ودعوتهم للإسلام، ومن هنا بدأت دعوته في الانتشار.
بدأ عبد الله بن ياسين مرحلته الثانية وهي مرحلة الجهاد بالسيف بعد أن جاهد وبلغ بالكلمة، وتزامنت هذه الدعوة مع بداية ظهور ملامح الدولة.
بدأت ملامح الدولة تظهر؛ فبعد أن نظم ابن ياسين جانب الدعوة وجانب العبادة نلاحظ أنه سرعان ما التفت إلى الجانب الاقتصادي، حيث أمرهم بالصلاة والزكاة وأداء العشر، واتخذ لذلك بيت مال يجمع فيه ما يرفع إليه من ذلك.
كما ركز على الجانب العسكري حيث أخذ في اشتراء السلاح وإركاب الجيوش التي ألقي على كاهلها حماية خطاب ودعوة المرابطين وتطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد التي سيطروا عليها.
وكذلك لم يتجاهل عبد الله بن ياسين الجانب العلمي حيث "بعث بمال دَثْر مما اجتمع لديه من الزكوات والأعشار والأخماس إلى طلبة العلم ببلاد المصامدة".
وتلك عين الحكمة؛ لأن الوعي شيء ضروري في تقدم الأمم وازدهارها، فهذا درس عظيم لمن ينفق الأموال في غير حقها.
وليُعلم أن المجتمع الذي يغيب فيه العلم ولا يمُوّل ولا تُعطى له قيمة، هو مجتمع جاهلي منحط، يعتبر من دول العالم الثالث المتخلفة لذلك تجدها تهتم كثيرًا بالفنون الجميلة وتنسى العلوم الجليلة، التي ساد بها سلفنا فاحتلوا بفضلها -بعد الله u- أعلى وأسمى مكانة في تاريخ البشرية، والكل يعلم أن الحرب اليوم حرب ثقافية علمية.
يقول الدكتور حامد خليفة منوهًا بصنيع هذا البطل: "إن هذه الالتفاتة نحو طلبة العلم لهي إحدى روائع ابن ياسين، حيث لم يشغله عن هذا الجانب مسائل الإمارة الفتية، ولا المشاركة في الأعمال العسكرية وقيادة الجيوش وإعدادها، ولهذا كان لها أطيب الأثر في النفوس، ولاقت الارتياح التام في الأوساط العلمية المتمثلة بالربط والمدارس الفقهية آنذاك".
وبعد أن ظهرت ملامح الدولة فلا بد لها من قيادة تحكمها فأقام الشورى لاختيار قائد يقود هذه الجماعة المرابطة، ولقد عزموا على اختياره أميرًا إلا أنه رفض فاسقر رأيهم على ولاية أبي بكر بن عمر.
وفي سنة خمسين وأربعمائة قحطت بلادهم، فأمر ابن ياسين ضعفاءهم بالخروج إلى السوس وأخذ الزكاة، فخرج منهم نحو تسعمائة رجل، فقدموا سجلماسة، وطلبوا الزكاة، فجمعوا لهم شيئًا له قدر وعادوا.
وكان عبد الله في ذلك الوقت التي بدأت تظهر فيه هذه الجماعة في صورة دولة يبث فيهم العلم والسنة، ويقرئهم القرآن، فنشأ حوله جماعة فقهاء وصلحاء. وكان يعظهم ويخوفهم، ويذكر سيرة الصحابة وأخلاقهم، وكثر الدين والخير في أهل الصحراء.
ولما قويت شوكتهم خافت منهم القبائل الغير مسلمة فتألبت عليهم أحزاب الصحراء من أهل الشر والفساد، وجيشوا لحربهم، فلم يناجزوهم القتال، بل تلطف عبد الله بن ياسين وأبو بكر واستمالوهم، وبقي قوم أشرار، فتحيلوا عليهم حتى جمعوا منهم ألفين تحت زرب عظيم وثيق، وتركوهم فيه أيامًا بغير طعام، وحصروهم فيه، ثم أخرجوهم وقد ضعفوا من الجوع وقتلوهم. فدانت لأبي بكر أكثر القبائل وقويت شوكته.
واستقامت للمرابطين بلاد الصحراء بجملتها وما وراءها من بلاد المصامدة، والقبلة، والسوس، بعد حروب كثيرة. ثم خرج بالناس لجهاد برغواطة الكفرة. فغزاهم مع أبي بكر بن عمر، في جمع عظيم من المرابطين، والمصامدة. قيل إنهم كانوا في نحو خمسين ألف راجل، وراكب.
أهم المعارك التي شارك فيها
اجتمع لعبد الله بن ياسين جيش كثيف من لمتونة ومسوفة ولمطة ومزجة وصار بهم إلى درعة، فوجد بها عاملاً لمسعود بن وانودين، فنفاه عنها، ووجه 50 ألف ناقة لمسعود -وكانت ترعى في حمى حماه لها هناك- فاكتسحها عبد الله بن ياسين. ووصل الخبر إلى مسعود بن وانودين، فجمع جيوشه وخرج نحوه، فالتقى الجمعان فيما بين درعة وسجلماسة، فمنح الله النصر للمرابطين بعد حرب فظيعة بينهما؛ فقُتل أميرهم مسعود، وأكثر جيشه، وفرَّ الباقون، واستولى عبد بن ياسين على دوابهم، وأسلحتهم، وأموالهم، مع الإبل التي كان اكتسحها في درعة.
ومن حسن حظ شعب برغواطة، وسوء حظ آخر أمرائها -أبو حفص عبد الله- أن ملكه تزامن مع قيام الدولة المرابطية بقيادة أبي بكر بن عمر اللمتوني.
غزو برغواطة
وصل الخبر إلى عبد الله بن ياسين ما عليه أهل برغواطة من معتقدات فاسدة؛ فقد كانوا يبيحون التزوج بأكثر من أربع نسوة، ويتعاملون بالسحر، وحرموا أكل كل رأس، وأكل الدجاج وغير ذلك مما كانوا عليه، فرأى أن الواجب تقديم جهادهم على جهاد غيرهم، فسار إليهم في جيوش المرابطين، فكانت بين ابن ياسين وأمير برغواطة ملاحم عظام، مات فيها من الفريقين خلق كثير، وأصيب عبد الله بن ياسين، فقضى بذلك نحبه، فاستشهد رحمه الله تعالى.
وبعد وفاته قام أبو بكر بن عمر لقتال برغواطة حتى أخذ الثأر منهم، "فأثخن فيهم قتلاً وسبيًا حتى تفرقوا في المكامن والغياض، واستأصل شأفتهم، وأسلم الباقون إسلامًا جديدًا، ومحا أبو بكر بن عمر أثر دعوتهم من المغرب، وجمع غنائمهم وقسمها بين المرابطين، وعاد إلى مدينة أغمات".
لقد قام المرابطون بخدمة كبرى للأمة بأجمعها، حيث أنيرت هذه الزاوية المظلمة بمبادئ الحق، وأصبحت جزءًا من كيان الأمة، وثغرًا من ثغورها الصامدة، فضلاً على أنهم مَهَّدوا الطريق لربط أقاليم المغرب فيما بينها بعد إزالة الكيان الغريب في تركيبه وتفكيره، ومن ثَمَّ تكوين الدولة الواحدة التي تخضع لقيادة واحدة وقانون واحد.
من كلماته
لعبد الله بن ياسين موقف عظيم سجله التاريخ إلى يومنا هذا، ويتجلى في الوصية التي قدَّمها لإخوانه المرابطين وهو على فراش الموت، يقول فيها: "يا معشر المرابطين، إنكم في بلاد أعدائكم؛ وإني ميت في يومي هذا لا محالة؛ فإياكم أن تجبنوا أو تنازعوا فتفشلوا فتذهب ريحكم وكونوا ألفة وأعوانًا على الحق، وإخوانًا في ذات الله تعالى؛ وإياكم والمخالفة والتحاسد على طلب الرياسة؛ فإن الله يوتي ملكه من يشاء من خلقه ويستخلف في أرضه من أحب من عباده؛ ولقد ذهبت عنكم؛ فانظروا من تقدمونه منكم يقوم بأمركم ويقود جيوشكم ويغزو عدوكم، ويقسم بينكم فيئكم، ويأخذ زكاتكم وأعشاركم".
يقول الدكتور حامد محمد خليفة معلقًا على ذلك: "من خلال هذه الوصية يتبين لنا أن ابن ياسين، كان مخلصًا في كل ما يدعوا إليه إلى حدّ الاستشهاد وبذل الدماء في سبيل مبادئه التي آمن بها، فلا يشغله عن بذل النصيحة لإخوانه ألم الجراح ولا نزيف الدّماء التي تجري من جسده ولا قعقعة السلاح من حوله، بل إن حرصه على إتمام رسالته والبذل في سبيلها يشغله حتى عن نفسه.
ومن كلماته لما ندب المرابطين إلى جهاد من خالفهم من قبائل صنهاجة وقال لهم: "معشر المرابطين، إنكم اليوم جمع كثير نحو ألف رجل! ولن يغلب ألف من قلة! وأنتم وجوه قبائلكم ورؤساء عشائركم، وقد أصلحكم الله تعالى، وهداكم إلى صراطه المستقيم، فوجب عليكم أن تشكروا نعمته عليكم، بأن تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر، وتجاهدوا في الله حق جهاده!".
وفاته
تجهزت القبائل لمواجهة عبد الله بن ياسين ومن معه من مجاهدين، وثبت المسلمون في هذه الحرب، وقد فرت برغواطة أمامه في جبالهم وغياطهم. وتقدمت العساكر في طلبهم، وانفرد عبد الله في قلة من أصحابه، فلقيه منهم جمع كثير، فقاتلهم قتالاً شديدًا. فاستشهد رحمه الله، وذلك سنة خمسين وأربعمائة (450هـ)، وليلحق بركب المجاهدين المناضلين، ويكون مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين[1].
uf] hggi fk dhsdk hlgi dhadk /fd
uf] hggi fk dhsdk hlgi fk dhadk /fd
.
.
.
.
|