عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 08-09-2022
غيمہّ فرٌح متواجد حالياً
Saudi Arabia    
آوسمتي
لوني المفضل Azure
 إنتسابي ♡ » 420
 آشراقتي ♡ » Jan 2020
 آخر حضور » منذ 27 دقيقة (07:56 AM)
موآضيعي » 7425
آبدآعاتي » 500,519
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
 حالتي الآن »
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » ❤
الحآلة آلآجتمآعية  » » ❤
الاعجابات المتلقاة » 20585
الاعجابات المُرسلة » 13033
 التقييم » غيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond reputeغيمہّ فرٌح has a reputation beyond repute
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  
مشروبك   7up
قناتك abudhabi
اشجع valencia
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 11,782
تم شكره 14,181 مرة في 7,677 مشاركة
Q54 تفسير ابن باز لسورة البقرة (الآيات: 1 – 10)



تفسير ابن باز لسورة البقرة

(الآيات: 1 – 10)

فضل قراءة سورة البقرة في البيت


قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله معلقًا على الأحاديث والآثار التي ساقها ابن كثير في فضل سورة البقرة: "وهذا يدل على فضل هذه السورة العظيمة، والأحاديث فيها كثيرة، وهي سورة عظيمة، أطول سورة في كتاب الله عز وجل، وفيها من الأحكام العظيمة والبيان عن أسماء الله وصفاته وعن رسوله عليه الصلاة والسلام وأحكامها العظيمة - ما هي جديرة بهذا الفضل العظيم"[1].

ثبت في الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم؛ فإن الشيطان يفرُّ من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة))، هذا يدل على أن قراءة سورة البقرة، وقراءة القرآن والإكثار من الذكر - من أسباب طرد الشيطان والحماية من شرِّه، فيشرع للمرأة وللرجل أن يكون لهم نصيبٌ من القراءة في البيت من قراءة القرآن، والإكثار من ذكر الله؛ لأن ذلك من أسباب السلامة من شرِّ عدو الله الشيطان[2].

﴿ الم ﴾ [البقرة: 1]:
القول الصحيح في الأحرف المقطعة في القرآن:
الله سبحانه وتعالى ذكرها للتنبيه على عظم شأن القرآن، وأن هذا القرآن العظيم المعجز المشتمل على الأحكام العظيمة، والأخبار الصادقة المتنوعة مركبٌ من هذه الحروف التي تقرؤونها وتعرفونها (أ، ب، ت، ث، ج، ح)، فهي حروف معروفة لهم، مركبٌ منها الكلام، فهذا الكلام العظيم الذي جاء به النبي الكريم عليه الصلاة والسلام هو مركب من هذه الحروف المجموعة من هذه الحروف، واشتمل على هذه المعاني العظيمة، أما معانيها، فالصحيح في هذا أنه يُقال في هذا: الله أعلم.

والأقوال التي ذكرها[3] كلها ليس عليها دليل واضح، لا من كتاب ولا من سنة ولا من إجماع؛ فلهذا يُقال فيها: الله أعلم؛ لِما هو السر فيما هو معناها في النص في (الم، والمص، وحم، والمر، وإلى آخره)، فالله جل وعلا أعلم بالمعنى من ذكرها في كتابه العظيم سبحانه وتعالى.

وأما أن فيها تنبيهًا على أن هذا كتاب عظيم الذي أنتم تتلونه وتقرؤونه، مركب من هذه الحروف التي يتخاطب بها الناس، هذا هو معناها من جهة الحكمة.

ولكن الخلاصة في هذا أن الحروف المقطعة ليس في النص ما يدل على معناها، فالصواب في هذا ما قاله أهل القول الأول، وهو أن الله جل وعلا أنزلها لحكمة عظيمة ولفائدة كبيرة، وهذا المعنى الله أعلم به سبحانه وتعالى[4].

﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 2]:
﴿ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ لا شكَّ فيه؛ يعني: هذا كتاب لا ريب فيه أنه من عند الله، وأنه كلام الله سبحانه وتعالى، ثم بعد هذا هو ﴿ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾؛ يعني: هاديًا للمتقين؛ ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9]، و"فيه" خبر (لا)، "لا ريب فيه" جملة تامة.

وهو في الحقيقة هدًى للناس جميعًا، هدًى للجن والإنس جميعًا؛ ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9]، ولكن لمَّا لم ينتفع به إلا أهل الإيمان، صار كأنه هدًى لهم خاصة؛ لأن أولئك لم ينتفعوا به ولم يهتدوا به، فقد حُرِموا من هدايته، فصار كأنه ليس بهادٍ لهم، وصار كأنه إنما جاء هاديًا لهؤلاء الذين وفِّقوا له وهم المؤمنون، وإلا فهو في نفسه هدًى للجميع لو اهتدوا به، وتدبروا وتعقلوا، ووفقوا لاهتدَوا[5].

﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 3]:
الإيمان بالغيب معناه: التصديق بكل ما أخبر الله به من أمور الغيب؛ ما أخبر به عن ذاته، وعن أسمائه وصفاته، وعن الجنة والنار، وعما يكون في آخر الزمان، وعما يكون يوم القيامة من الأهوال والحساب والجزاء، كله غيب، والمؤمن يؤمن بهذا كله، وبكل ما صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك.

ثم هذا الإيمان بقلبه ما هو إيمان مجرد، إيمان معه عمل، معه خشية الله وتعظيم الله، وتعظيم أوامره وتعظيم نواهيه، والعمل بما أمر به من اجتهاد وصوم، وزكاة وحج وجهاد، وغير هذا، وترك ما نهى عنه؛ ترك الشرك، وترك الزنا، ترك الفواحش، ترك العقوق، ترك كل ما حرم الله، كله داخل في الإيمان بالغيب، الذين يؤمنون بالغيب إيمانًا تامًّا يشمل: تصديق القلوب، وتصديق اللسان، وتصديق الجوارح بالعمل.

والمؤمنون بالغيب كما آمنوا بالشهادة وأشد، وثمرة إيمانهم بالغيب خشية الله وتعظيمه، وأداء حقه، وترك معصيته، والقيام بحق المؤمنين وحق غيرهم؛ لأن إيمانهم يدعوهم إلى هذا ويقتضي هذا، كما أن إيمانك بأن لفلان عليك حقًّا وله عليك دَيْنًا، يقتضي أن تؤديَه حقه، إيمانك بأن لفلان عليك حقَّ قصاصٍ حق دية، يقتضي أن تسدد حقه وتعطيَه حقه، وهكذا إيمانك بأن عليك أن تصليَ كذا وكذا في اليوم والليلة، يجب عليك أن تؤديَ هذا الحق، إيمانك بأن عليك زكاة، يجب أن تؤديَ هذه الزكاة، إيمانك بأن عليك برَّ الوالدين يقتضي أن تبرَّ والديك، فهكذا الإيمان يقتضي العمل بالذي آمنت به[6].

﴿ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ﴾ [البقرة: 3]:
المعنى أن إقامة الصلاة تشمل كل ما يتعلق بها من جهة الوقت، ومن جهة الطهارة، ومن جهة الأداء كما شرع الله، فالمؤمنون يقيمونها كما شرع الله، ويؤدونها قائمة كاملة تامة في وقتها وطهارتها وشرائطها وفرائضها، وجميع ما شرع الله فيها لهم بها عناية، وهكذا المؤمن وهكذا المؤمنة؛ كما في الآية الأخرى قوله تعالى في الآية الأخرى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ﴾ [التوبة: 71]، وهذا جاء في عدة آيات كثيرة؛ كقوله تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [البقرة: 43]، ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاة ﴾ [البينة: 5]، ﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ﴾ [التوبة: 5]، ﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ﴾ [التوبة: 11]، في آيات كثيرة جدًّا، وهذا يوجب للمؤمن العناية ... جل وعلا فرض ذلك كثيرًا: ثناءً وأمرًا ... وهذا يوجب للمؤمن لا سيما طالب العلم المقتدى به أن يعتنيَ بهذا الأمر، وأن تكون صلاته مقامة؛ حتى يتأسى به زميله ومَن يشاهده مِن أهل بيته وغير ذلك في خشوعه، في طمأنينته، في إحسان القراءة في الخشوع، وغير هذا من وجوب أمر الصلاة وشأن الطهارة، والبدار إلى الجماعة، البدار في الوقت بما يتعلق بالنساء في البيت، إلى غير هذا من وجوه العناية والإقامة[7].

﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 3]:
ومن أهم ما يُنفَق وأعظم ما ينفق الزكاةُ، هذا أعظم شيء، ركن الإسلام، فأهم شيء هو الزكاة ... ينفقون غير الزكاة في أهليهم، وفي ضيوفهم، وفي الفقراء والمساكين إلى غير هذا، هكذا أهل الإيمان؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 274]، وقال تعالى: ﴿ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الحديد: 7]، فهذا لا يخص الزكاة بل يعم الزكاة وغيرها، والمؤمن ليس قاصرًا على الزكاة، ولا مكتفيًا بالزكاة، بل ينفق في البر والإحسان، ويواسي الفقير، ويصل الرحم، وينفق على أولاده وأهله، ويكرم الضيف، ويعمر المساجد، ويعمر المدارس، وينفق في شتى أعمال الخير، فهكذا المؤمن؛ لأنه مثل ما قال قتادة: "هذه الأموال أمانات وودائع، سوف تنتقل عنها وتتنقل عنك"؛ فبادر وسارع وأنفق قبل أن تحل بك كارثة أو بمالك أو بكما جميعًا، فالمؤمن والعاقل ذو الرشد ينتهز الفرص وينفق ويحسن حسب طاقته، وحسب ما آتاه الله[8].

﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 4، 5]:
وهذه بشارة من الله جل وعلا لأهل الإيمان والهدى والاستقامة أنهم قد استقروا على الهدى، وثبتوا على الهدى، وأنهم الفائزون بالفلاح والظفر، والحصول على الخير في العاجل والآجل؛ يعني: هم المتقون الذين آمنوا بالغيب وما غاب عنهم من أمر الله وصفاته، وأمر الآخرة، والمغيبات كلها التي أخبر بها الرب عز وجل، أو أخبر بها رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، فهم مصدقون بذلك مؤمنون بذلك، وهم مع هذا يقيمون الصلاة، وينفقون مما رزقهم الله من الزكاة وغيرها، وهم مع ذلك يؤمنون بما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم، وما أُنزل من قبله على الرسل الماضين، وهم مع هذا أيضًا بالآخرة موقنون مصدقون يقينًا حملهم على أداء الفرائض والابتعاد عن المحارم؛ لأن اليقين والإيمان الصادق يقتضي التنفيذ؛ يعني: مقتضى هذا الإيمان العظيم بالغيب هو اليقين بالآخرة والتصديق بالمنزل، مقتضى هذا الإيمان وموجبه أداء ما فرضه الله، وترك ما حرمه الله، والاستعداد الكامل لهذا الأمر الذي وُعدوا به وسوف ينتقلون إليه وهو أمر الآخرة، هؤلاء الذين هم هذه صفاتهم على هدًى من ربهم: ﴿ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ ﴾؛ يعني: أولئك قد استقروا وثبتوا على الهدى؛ قال: "﴿ عَلَى هُدًى ﴾: يعني: استقروا عليه وثبتوا عليه".

﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾: يعني: على نور وعلى هداية وعلى بصيرة، وهم أهل الفلاح؛ يعني: الفلاح الكامل؛ ولهذا حصر الفلاح فيهم فقال: ﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ كأنه لا مفلحَ غيرهم؛ لكمال فلاحهم ولكمال ظفرهم بالخير، وحصولهم على أسباب السعادة، جعلهم كأنهم هم الفالحون وحدهم؛ لأنه أتى بها في جملة اسمية مؤكدة بواو الفصل: ﴿ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾: يعني: هم أهل الفلاح، والفلاح في لغة العرب: الحصول على المطلوب، فمن حصل على مطلوبه أفلح، ومن حصل على الجنة والسلامة والنجاة من النار فقد أفلح[9].

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [البقرة: 6]:
مَن سبق في علم الله أنه ليس بمهتدٍ، فلا تنفع فيه النذارة، وإنما على الرسل البلاغ، الرسل يبلغون والله الذي يعلم أحوال الناس سبحانه وتعالى، وقد سبق في علمه مَن يؤمن ومَن لا يؤمن، ومَن يهتدي ومن لا يهتدي، فلا يضرنَّ الرسل كُفْرُ مَن كَفَرَ، وهكذا الدعاة بعدهم إلى الله لا يحزنهم ذلك، إنما على الرسل والمبلغين بعدهم وعلى إثرهم - إنما عليهم البلاغ والدعوة والتوجيه، ومَن سبق في علم الله أنه لا يهتدي، فلا حيلة فيه وليس معروفًا لهم، الله الذي يعلم الغيب سبحانه وتعالى، إنما على الرسل وعلى أتباعهم البلاغ والبيان والدعوة، وبعد ذلك لا يحزن المؤمن من ضلَّ بعد ذلك: ﴿ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ [النحل: 127]، ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 272]، ﴿ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [يونس: 101]، فالبلاغ واجب ومتحتم، وأما كونه يهتدي بسببك أو يقبل منك أو ما يقبل، فهذا ليس إليك إنما هو إلى الله؛ فلهذا وجَّه الله نبيه صلى الله عليه وسلم لهذا؛ حتى لا يحزن، حتى يطمئن قلبه، فليس الأمر إليه، إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب، وهكذا الدعاة إلى الله في أي مكان، لا يحزنون إذا لم يسمع الناس منهم، ولا تذهب أنفسهم عليهم حسرات؛ فالأمر ليس إليهم، إنما الأمر إلى الله سبحانه وتعالى، إنما عليك البلاغ فقط والتوجيه والإرشاد والتنبيه والنصيحة، أما كونه يقبله منك ويهتدي وينتفع، فهذا ليس إليك، بل إلى الله، ومَن سبق في علم الله أنه لا يهتدي، فلستَ بهادٍ له: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [البقرة: 6، 7]، وهذا مما يجعل الداعية إلى الله يطمئن ويرتاح ضميره، يبلِّغ ويجتهد، ويزيل الشبهة، ويقيم الحجة، ويصبر على الأذى، وليس بعد ذلك عليه شيء[10].

﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [البقرة: 7]:
والمعنى: أنهم بسبب إعراضهم عن الحق وتكبرهم وتماديهم في الباطل؛ ختم على قلوبهم، فالختم والطبع نتيجة لما حصل منهم من البلاء والفساد، والإعراض والغفلة، والتكبر عن الحق؛ ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14]، كسبهم الخبيث وأعمالهم الخبيثة جرَّت الران والختم والطبع نسأل الله العافية: ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ [الصف: 5]، ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأنعام: 110]، فإعراضهم عن الهدى، واستكبارهم عن الحق، وتماديهم في الباطل - أوجب هذا الران، وهذا الطبع، وهذا الختم، وهذا الزيغ، نسأل الله العافية[11].

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 8، 9]:
مَن أظهر خلاف ما يبطن يسمى مخادعًا، وهو بهذا مخادع لنفسه وللمؤمنين، ومخادع لله بإظهاره خلاف ما شرع؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى ﴾ [النساء: 142]، وقال: ﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ ﴾ [البقرة: 9]، فمَن أظهر خلاف ما أبطن، فهو مخادع مع الله ومع عباده، وهكذا المنافق وكذا الخائن يظهر أنه ناصح وأنه مؤدي الواجب، وهو على غير ذلك، ولهذا صار المنافق أقبح من الكافر المعلن؛ فإن المعلن أتى أمرًا واضحًا، أما هؤلاء فلبَّسوا وغيَّروا، وأظهروا للناس خلاف الحقيقة؛ فحصل بهم من الضرر والفساد ما لم يحصل من الكافر المعلن؛ ولهذا قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 145]، نسأل الله العافية، فهم مع المسلمين في الظاهر يقولون: لا إله إلا الله، ويصلون ويصومون معهم ونحو ذلك، ولكنهم في الباطن مكذبون مستهزئون، عندهم من الشك والريب ما منعهم من التصديق، نسأل الله العافية[12].

﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [البقرة: 10]:
قال ابن كثير: "وقوله ﴿ بِما كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ وقُرِئَ "يُكَذِّبُونَ"، وقد كانوا متصفين بهذا وهذا، فإنهم كانوا كَذَبَةً، ويكذبون بالغيب يجمعون بين هذا وهذا".

قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز: "هذا وصفهم: التكذيب والكذب؛ فهم يكذِّبون بالحق وينكرونه، ويكْذِبون على الناس في دعواهم الإسلام، وقولهم: إنهم مسلمون وإنهم مصدقون هو كذب؛ كما قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾ [المنافقون: 1]، ومرض التكذيب والشك أعظم المرض، مرض البدن سهل، مرض البدن يُعطَى عليه أجرًا، ويُثاب عليه، ويُحطُّ به الخطايا، لكن مرض الشك يسبب الولوج في النار، نعوذ بالله وغضب الجبار، وكلما زاد شكه، زاد مرضه، كلما كذب بآية أو شك في آية أو في حديث، زاد مرضه؛ ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ﴾ [البقرة: 10]، بما يوحي إلى نبيِّه من الآيات والأحاديث والأحكام، كلما جاء شيء، زاد مرضه نسأل الله العافية، بخلاف المؤمنين، فإنه يزداد إيمانهم ويزداد هداهم، فهؤلاء ضد هؤلاء، نسأل الله العافية[13].


[1] (صوتي)، تعليق ابن باز على تفسير ابن كثير لسورة البقرة، بتصرف يسير.

[2] نور على الدرب، فضل قراءة سورة البقرة في البيت، بتصرف يسير.

[3] يعني: ابن كثير في تفسيره.

[4] (صوتي)، تعليق ابن باز على تفسير ابن كثير لسورة البقرة، بتصرف يسير.

[5] المصدر السابق.

[6] المصدر السابق.

[7] المصدر السابق.

[8] المصدر السابق.

[9] المصدر السابق.

[10] المصدر السابق.

[11] المصدر السابق.

[12] المصدر السابق.

[13] المصدر السابق.


jtsdv hfk fh. gs,vm hgfrvm (hgNdhj: 1 – 10) 10 l.,vm hgN]hf fhw




jtsdv hfk fh. gs,vm hgfrvm (hgNdhj: 1 – 10) 1 10 l.,vm hgN]hf hgfrvm hfk fhw jtsdv




 توقيع : غيمہّ فرٌح

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
2 أعضاء قالوا شكراً لـ غيمہّ فرٌح على المشاركة المفيدة:
 (09-09-2022),  (13-09-2022)