عرض مشاركة واحدة
قديم 03-01-2023   #10


الصورة الرمزية رآجہل مہتمہيہز

 إنتسابي » 1207
 آشرآقتي ♡ » Dec 2022
 آخر حضور » 27-03-2024 (08:03 AM)
موآضيعي » 85
آبدآعاتي » 83,375
 حاليآ في » أعلى نقطه منكم ..!
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »  male
 حالتي الآن » ♞لَا يشبهنى إلَّا أَنَّا •●
آلقسم آلمفضل  » الأدبي♡
آلعمر  » 34سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مطلق 😔
الاعجابات المتلقاة » 2319
الاعجابات المُرسلة » 1645
 التقييم » رآجہل مہتمہيہز has a reputation beyond reputeرآجہل مہتمہيہز has a reputation beyond reputeرآجہل مہتمہيہز has a reputation beyond reputeرآجہل مہتمہيہز has a reputation beyond reputeرآجہل مہتمہيہز has a reputation beyond reputeرآجہل مہتمہيہز has a reputation beyond reputeرآجہل مہتمہيہز has a reputation beyond reputeرآجہل مہتمہيہز has a reputation beyond reputeرآجہل مہتمہيہز has a reputation beyond reputeرآجہل مہتمہيہز has a reputation beyond reputeرآجہل مہتمہيہز has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 10
مشروبك pepsi
قناتك max
اشجع ۆ̲ف̲آ̲ت̲ ق̲ط̲آ̲ر̲ آ̲ل̲ع̲م̲ر̲
سيارتي المفضلةBMW
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  
мч ммѕ ~
MMS ~


آوسمتي

رآجہل مہتمہيہز غير متواجد حالياً

افتراضي



(8)​
ارتسمت في وجه عشماوي صورةٌ غير عادية. انغرست في أساريره غضبةٌ كالحةٌ فولاذية، انداحت فوق جفاف الشيخوخة، وبروز الفكَّين، وتهدُّل اللحيَين. وعندما استُقبل الأستاذ حسني حجازي لم ينجلِ شعاعٌ واحد للبشاشة في وجهه، حتى توجَّس الأستاذ خيفةً مجهولة، فقال — وهو يتخذ مجلسه — لعم عبده بدران: خير إن شاء الله؟!

وسمعه عشماوي، فأقبل نحوه، حتى وقف أمامه، وتدفَّق قائلًا: إني ألعن كل شيء، وألعن فوق كل شيء نفسي، إني ثائرٌ على ضعفي وعجزي واندحاري في صندوق القمامة بلا حول، ومَن أنا؟! أنا عشماوي الخشن، صاحب القبضة الحديدية والنبُّوت المخضَّب بالدماء، أنا من يرتجف عند ذكر اسمه الرجال، وتتوارى النساء، ويستعيذ بالله منه رجال الشرطة، أنا المجرم الجبار الفتاك الطاغية السفاك النمرود الشيطان!

واختنق بأنفاسه، فقال حسني حجازي بلين ودعابة: وكيف تشكو الضعف وأنت ذلك كله؟!

– إني أحكي عن الماضي، عن الماضي أحكي لا الحاضر، افهمني يا أستاذ، كنت رجل درب الحلة وحاميها، وكان الويل نصيب مَن يتعرض لأحدٍ من أهلها بسوء، بفضلي نعموا بالسلام والأمان، بفضلي بغوا على الخلق، وهم في أمنٍ من العواقب، كان اسمي قانونًا وسيفًا ونعمةً وغنًى وفقرًا، ماذا جرى يوم اعتدى نذل من القبيسي على رجلٍ من حارتنا؟ هجمتُ على الحي كالقضاء والقدر، لم أفرق بين متهم وبريء، تهاوت الضربات على رءوس المارة، حطمتُ الدكاكين، احترقتْ عربات اليد، انهمرت الأحجار على النوافذ والأبواب، واسأل عني أيام سعد، ولا تسأل عن عدد ضحاياي، وقد عُرفتُ بشارب الدماء منذ ذبحتُ إنجليزيًّا، وشربتُ دمه المسفوح، هذا هو عشماوي الخشن!

فقال حسني حجازي وهو يلعنه في سره: تاريخك معروف يا عشماوي، ولكن لمَ أنت غاضب؟!

ولكن العجوز لم يُجب. ورجع إلى مجلسه عند الباب، وغرق مرةً أخرى في الحزن والصمت. ونظر حسني حجازي إلى عم عبده بدران في فضول، فقال عم عبده بدران بإشفاقٍ بلغ حد الخوف: أصيب شابان من أهل درب الحلة.

فقال حسني باستنكار: ظننت أن أيام الفتونة والمعارك، قد انتهت إلى غير رجعة.

فقال عبده بدران بوجهٍ شاحب: أصيبا في الجبهة!

فوجم حسني حجازي، ثم تفكر في كلمةٍ مناسبةٍ يقولها، ولكن عشماوي سبقه صائحًا: قصدتني جدة أحدهما مستغيثة بي كالأيام الخالية، ظنت الولية أن عشماوي ما زال كعهده القديم يُستغاث به فيُغيث!

فقال حسني حجازي: إنهما بطلان يا عشماوي!

فقال الرجل بحنق: أنت لم ترهما ولم ترَ العنبر.

– زرتَهما في المستشفى؟

– زرتُهما، رأيت وسمعت وشعرت بعجزي، فلعنت كل شيء كما لعنتُ نفسي.

فقال حسني بروحٍ عالية، وهو يقصد أولًا عم عبده بدران: هما بطلان، وهكذا الحرب في كل زمانٍ ومكان.

فصاح عشماوي: إني ألعن العجز!

– سليمة سليمة بإذن الله.

وقال عم عبده بدران ليُبدِّد مخاوفه الشخصية بدعابة: وأنت يا عشماوي ألا تطالب دائمًا بالحرب والنصر؟

فتحوَّل غضبه إلى حزنٍ وهو يردد: الحرب والنصر، ولكني عجوز لا خير فيه!

– حسبك أنك شربتَ من دم الإنجليز في شبابك!

ثم نظر عبده بدران إلى الأستاذ حسني، وقال: في الثورة الأولى كنت دون السن اللازم للجهاد، واليوم أنا فوق السن المناسب للحرب، فلم أفعل شيئًا يُذكر للوطن.

– ولكن ابنك في الجبهة، خبِّرني هل يؤلمك تصورك أنك لم تفعل شيئًا؟

– أحيانًا، ولكن أعباء الحياة تغرقني حتى القمة.

وتذكَّر حسني أنه ذو موقفٍ مماثل، وأنه كان يحاسب نفسه في أزماتٍ تلمُّ به، وأنه كان يطفئ سعارها ببرودة العقل الخالدة، وأنه أوشك أن يقنع نفسه بأنه يفتح شقته للأفراح البريئة والخير! وسأله عبده بدران: على أي وجه سينتهي الموقف يا أستاذ؟

فضحك حسني عاليًا، وقال: السؤال الخالد! ماذا يمكن أن يقال؟ فلننتظر.

– ولكن الموت لا ينتظر.

– إنه سباق ونحن لا نموت وحدنا!

وعند ذلك تساءل عشماوي: وهل أولاد الأغنياء يُقتلون أيضًا؟

فلم يتمالك حسني نفسه من الضحك، وقال: ولكن التجنيد لا يفرق بين غني وفقير يا عشماوي!

فهز رأسه في ارتيابٍ وعاد يسأل: وهل يرسلونهم حقًّا إلى الجبهة؟ قلبي يحدثني بغير ذلك!

– لا تصدق قلبك يا عشماوي.

وعكف على النارجيلة. وقال لنفسه: إن جلسة الليلة خسرت هدوءها العتيد، وإن الحزن فيها امتزج بالضحك، وإن الهزيمة مُرة وعواقبها تنتقل من مركزٍ إلى مركز في المخ، ولكنها لن تُمحى، وإن جبلًا شامخًا انهار، وتبدد حلمٌ عجيب، وإن خير ما يريح به نفسه أن يترك الأمانة لحامليها. وساءل نفسه وهو ينفث الدخان من فيه وأنفه أين يجد مكانًا لا يتردد فيه ذكر الحرب؟!​


 توقيع : رآجہل مہتمہيہز



رد مع اقتباس