قال الله تعالى: ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا للهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [فصلت:37].
وقال تعالى مخبرًا عن إنكار الهدهد لقوم سبأ:﴿ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ * أَلَّا يَسْجُدُوا للهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ [النمل: 24، 26].
وقال الله تعالى: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ للهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا ﴾ [الجن:18]، ومما يقوم به المسلمون في مساجدهم، السجود لله تبارك وتعالى.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد؛ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها؛ لماله عليها من حق»، رواه الترمذي برقم (1159)[1].
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يصلُح لبشرٍ أن يسجد لبشر، ولو صَلَحَ لبشرٍ أن يسجد لبشر؛ لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقِّه عليها»، رواه أحمد برقم (12949)، والنسائي (2/ 85)، وغيرُهما[2].
وعن عبد الله بن أبي أوفي رضي الله عنه قال: قدم معاذٌ اليمن، فرأى النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها، فرأى في نفسه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يُعظَّم، فلما قدم قال يا رسول الله: رأيتُ النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها، فرأيتُ في نفسي أنك أحق أن تعظم؟، فقال صلى الله عليه وسلم: «لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحدٍ؛ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها»، رواه أحمد برقم (19931)، والترمذي (1/ 217)، وغيرهما[3].
النهي عن أداء عبادة فيها مشابهة للجاهلية أو الكفار أو ذريعة إلى الشرك بالله:
عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا صلاة بعد الصبح حتى تطلُع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس»؛ رواه البخاري برقم (586)، ومسلم (827)، ولفظه: «لا صلاة بعد صلاة الفجر».
قلت: قد ورد تعليل النهي عن الصلاة في الأوقات الثلاثة، في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإنها تطلع بين قرني شيطان ـ أو بين قرني الشيطان»؛ رواه البخاري برقم (3099)، ومسلم (612).
وفي حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلِّ صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان، وحينئذٍ يسجد لها الكفار، وصلِّ العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذٍ يسجد لها الكفار»؛ رواه مسلم برقم (832).
قال النووي في «شرح مسلم» (5/ 113): قيل المراد بقرنه: أمته وشيعته، وقيل: قرنه: جانب رأسه، وهذا ظاهر الحديث، فهو أَولى.
ومعناه: أنه يُدني رأسه إلى الشمس في هذا الوقت؛ ليكون الساجدون للشمس من الكفار في هذا الوقت كالساجدين له، وحينئذ يكون له ولشيعته تسلُّط وتمكُّن من أن يُلبِّسوا على المصلي صلاته، فكُرِهت الصلاة في هذا الوقت لهذا المعنى، كما كُرهت في مأوى الشيطان؛ اهـ.
وقال الحافظ في «الفتح» (2/ 60): فيه: إشارة إلى علَّة النهي عن الصلاة في الوقتين المذكورين، وزاد مسلم من حديث عمرو بن عبسة: «وحينئذٍ يسجد لها الكفار».
فالنهي حينئذٍ لترك مشابهة الكفار، وقد اعْتَبر ذلك الشرع في أشياء كثيرة؛ اهـ.
وقال العلامة عبد الرحمن بن حسن في «فتح المجيد» (ص151): تحت (باب لا يُذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله): وقول الله تعالى: ﴿ لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴾ [التوبة:108]، وجه مناسبة الآية للترجمة أن المواضع المعدَّة للذبح لغير الله يجب اجتناب الذبح فيها لله، كما أن هذا المسجد لِما أُعِدَّ لمعصية الله صار محلَّ غضب لأجل ذلك، فلا تجوز الصلاة فيه لله، وهذا قياس صحيح.
يُؤيده: حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: نذر رجلٌ أن ينحر إبلًا ببوانة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له صلى الله عليه وسلم: (هل كان فيها وثنٌ من أوثان الجاهلية يُعبد؟ قال: لا، قال: (فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟)، قال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أوفِ بنذرك؛ فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يَملِك ابن آدم)؛ رواه أبو داود[4]، وإسناده على شرطهما[5].
وقوله: (فهل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يُعبد؟): فيه: المنع من الوفاء بالنذر إذا كان في المكان وثن، ولو بعد زواله؛ قاله المصنف؛ اهـ.
ولمزيدٍ من الفائدة يُراجع: شروح «كتاب التوحيد» ـ عند هذا الباب ـ ومن أهمِّها: «القول السديد»، والله المستعان، وهو أعلم.
[1]صحيحٌ: راجع: «صحيح الجامع» برقم (5294)، و«الصحيح المسند» (1028).
[2]صحيحٌ:قال الحافظ ابن كثير: في «البداية والنهاية» (6/ 125): إسناده جيد؛ اهـ.
وقال المنذري: كما في «صحيح الترغيب» (2/ 197): إسناده جيد، ورواته ثقات مشهورون؛ اهـ.
وراجع: «صحيح الترغيب» ـ المرجع السابق ـ، و«الصحيح المسند من دلائل النبوة» لشيخنا الوادعي: (ص102).
[3]صحيحٌ: راجع: «الصحيحة» برقم (1203،) و«تحقيق المسند» (32/ 149).
فائدة:
قال الهيثمي: في «مجمع الزوائد» (4/ 568): قد جاء عن صهيب س، وفيه: النهاس بن فهم ضعيف.
وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه رواه البزار، والطبراني في «الكبير»، و«الأوسط»، وأحد إسنادَي الطبراني رجاله رجال الصحيح: خلا صدقة بن عبد الله السمين، وثقه أبو حاتم، وجماعة، وضعفه البخاري، وجماعة.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما رواه البزار، وفيه: الحكم بن طهمان أبو عزة الدباغ ضعيف.
وعن سراقة بن مالك رضي الله عنه رواه الطبراني من طريق وهب بن علي، عن أبيه، ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات.
وعن غيلان بن سلمة رضي الله عنه رواه الطبراني، وفيه: شبيب بن شيبة، والأكثرون على تضعيفه، وقد وثقه صالح جزرة، وغيره.
وعن أم سلمة رضي الله عنها رواه الطبراني في «الأوسط»، وفيه: يعقوب بن محمد الزهري، وثقه غير واحد، وضعفه جماعة بسبب التدليس، وقد صرح بالتحديث عن شيخ ثقة، وبقية رجاله ثقات.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه رواه البزار بنحوه، وفي إسناد «الأوسط»: زمعة بن صالح، وقد وُثِّق على ضعفه، وبقية رجاله حديثهم حسن، وأسانيد الطريقين ضعيفة؛ اهـ.
وقال الزيلعي: في «نصب الراية» (12/ 66): جاء عن بريدة رضي الله عنه قال الذهبي: فيه صالح بن حبان متروك؛ اهـ، وقال العلامة الألباني: في «الإرواء» (7/ 54)، وقد ورد عن جماعة من الصحابة ش:منهم: أبو هريرة رضي الله عنه - وقد تقدم - وعن أنس رضي الله عنه تقدم أيضًا، وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه وإسناد رجاله كلهم ثقات، رجال الشيخين؛ لكن أبو ظبيان لم يسمعه من معاذ، وعن قيس بن سعد رضي الله عنه وفيه: شريك القاضي، سيئ الحفظ، وعن عائشة رضي الله عنه فيه: علي بن زيد بن جدعان، ضعيف؛ اهـ.
[4] برقم (3315).
[5]صحيحٌ:قال شيخ الإسلام ابن تيمية: في «الاقتضاء» (ص186): أصل الحديث في «الصحيحين»، وإسناده كلهم ثقات مشاهير؛ اهـ، وراجع: «الصحيحة» (6/ 371)، و«الصحيح المسند» رقم (186).
jpvdl hgs[,] gydv hggi jfhv; ,juhgn Hydv hlgi hgs[,] jfhv; j[vdl ,juhgn
jpvdl hgs[,] gydv hggi jfhv; ,juhgn Hydv hlgi j[vdl