16-06-2019
|
|
تفسير (مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ۖ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ ب
تفسير (مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ۖ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ...)
تفسير قوله تعالى :
((مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ۖ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ۖ لَّا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَىٰ شَيْءٍ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18)) سورة إبراهيم
قال أبو جعفر : اختلف أهلُ العربية في رافعِ " مَثَلُ" .
فقال بعض نحويي البصرة: إنما هو كأنه قال:( ومما نقصّ عليكم مَثَلُ الذين كفروا ، ثم أقبل يفسّر ، كما قال: مَثَلُ الْجَنَّةِ ) [سورة الرعد : 35 ] ، وهذا كثير.
* * *
وقال بعض نحويي الكوفيين :
إنما المثل للأعمال ، ولكن العرب تقدّم الأسماء ، لأنها أعرفُ ، ثم تأتي بالخبر الذي تخبر عنه مع صاحبه.
ومعنى الكلام: مَثَلُ أعمال الذين كفروا بربهم كرماد ، كما قيل:( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ) [سورة الزمر : 60 ] ،
ومعنى الكلام: ويوم القيامة ترى وجوه الذين كذبوا على الله مسودة.
قال: ولو خفض " الأعمال " جاز ، كما قال: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ) الآية [سورة البقرة : 217 ] ، .
وقوله: ( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) [سورة الرعد : 35 ] .
قال: فـ" تجري" ، هو في موضع الخبر ، كأنه قال: أن تجري ، وأن يكون كذا وكذا ، فلو أدخل " أن " جاز.
قال : ومنه قول الشاعر:
ذَرِينِــي إِنَّ أَمْــرَكِ لَــنْ يُطَاعَـا
وَمَــا أَلْفَيْتِنِــي حِــلْمِي مُضَاعَـا
قال: فالحلمُ منصوبٌ ب " ألفيتُ" على التكرير ،
قال : ولو رفعه كان صوابًا.
قال: وهذا مثلٌ ضربه الله لأعمال الكفّار فقال: مَثَلُ أعمال الذين كفروا يوم القيامة ، التي كانوا يعملونها في الدنيا يزعمُون أنهم يريدون الله بها ،
مَثَلُ رمادٍ عصفت الريح عليه في يومِ ريح عاصفٍ ،
فنسفته وذهبت به ، فكذلك أعمال أهل الكفر به يوم القيامة ،
لا يجدون منها شيئًا ينفعهم عند الله فينجيهم من عذابه ،
لأنهم لم يكونوا يعملونها لله خالصًا ،
بل كانوا يشركون فيها الأوثان والأصنام .
يقول الله عز وجل: ( ذلك هو الضلال البعيد ) ،
يعني أعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا ، التي يشركون فيها مع الله شركاء ،
هي أعمالٌ عُملت على غير هُدًى واستقامة ،
بل على جَوْر عن الهُدَى بعيد ، وأخذٍ على غير استقامة شديد.
* * *
وقيل: ( في يوم عاصف ) ، فوصف بالعُصوف اليومَ ، وهو من صفة الريح ، لأن الريح تكون فيه ،
كما يقال: " يوم بارد ، ويوم حارّ" ،
لأن البردَ والحرارة يكونان فيه ،
وكما قال الشاعر:
* يَوْمَيْنِ غَيْمَيْنِ وَيَوْمًا شَمْسًا *
فوصف اليومين بالغيمين ، وإنما يكون الغيم فيهما.
وقد يجوز أن يكون أريد به: في يوم عاصف الريح ،
فحذفت " الريح " ، لأنها قد ذكرت قبل ذلك ،
فيكون ذلك نظير قول الشاعر:
* إِذَا جَاءَ يَوْمٌ مُظْلِمُ الشَّمْسِ كَاسِفُ *
يريد: كاسفُ الشمس.
وقيل: هو من نعت " الريح " خاصة ، غير أنه لما جاء بعد " اليوم " أُتبع إعرابَهُ ،
وذلك أن العرب تتبع الخفضَ الخفضَ في النعوت ،
كما قال الشاعر:
تُــرِيكَ سُـنَّةَ وَجْـهٍ غَـيْرِ مُقْرِفَـةٍ
مَلْسَــاءَ لَيْسَ بِهَـا خَـالٌ وَلا نَـدَبُ
فخفض " غير " إتباعًا لإعراب " الوجه " ، وإنما هي من نعت " السنَّة " ، والمعنى: سُنَّةَ وَجْه غَيْرَ مُقْرفة ، وكما قالوا: " هذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ".
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، في قوله: ( كرماد اشتدت به الريح ) ، قال: حملته الريح في يوم عاصف .
- حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله: ( مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ) ،
يقول: الذين كفروا بربهم وعبدوا غيرَه ، فأعمالهم يوم القيامة كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ،
لا يقدرون على شيء من أعمالهم ينفعهم ،
كما لا يُقْدَر على الرماد إذا أُرْسِل في يوم عاصف.
* * *
وقوله: ( ذلك هو الضَّلال البعيد ) ، أي الخطأ البينُ ، البعيدُ عن طريق الحق.
jtsdv (lQ~eQgE hgQ~`AdkQ ;QtQvE,h fAvQfA~iAlX ۖ HQuXlQhgEiElX ;QvQlQh]S haXjQ]Q~jX f ۖ HQuXlQhgEiElX lQ~eQgE hgQ~`AdkQ haXjQ]Q~jX f jtsdv fAvQfA~iAlX ;QvQlQh]S ;QtQvE,h
jtsdv (lQ~eQgE hgQ~`AdkQ ;QtQvE,h fAvQfA~iAlX ۖ HQuXlQhgEiElX ;QvQlQh]S haXjQ]Q~jX f ۖ lQ~eQgE
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|