حكم التسوك في المسجد قيل: يكره السواك في المسجد، وهو قول بعض الحنفية، ومذهب المالكية. وقيل: لا يكره، وهو مذهب الجمهور. دليل الكراهة: (709-45) ما رواه مسلم،
قيل: يكره السواك في المسجد، وهو قول بعض الحنفية[1]، ومذهب المالكية[2].
وقيل: لا يكره، وهو مذهب الجمهور[3].
دليل الكراهة:
(709-45) ما رواه مسلم، قال: حدثنا زهير بن حرب، حدثنا عمر بن يونس الحنفي، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثنا إسحاق بن أبي طلحة، حدثني أنس بن مالك، وهو عم إسحاق، قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مه مه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تزرموه دعوه))، فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعاه، فقال له: ((إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر؛ إنما هي لذكر الله - عزَّ وجلَّ - والصلاة، وقراءة القرآن))، أو كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فأمر رجلاً من القوم، فجاء بدلو من ماء فشنه عليه.
وجه الاستدلال:
قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول أو القذر)).
قال القرطبي في المفهم: "فيه حجة لمالك في منع إدخال الميت المسجد، وتنزيهها عن الأقذار جملة، فلا يقص فيها شعر، ولا ظفر، ولا يتسوك فيها؛ لأنه من باب إزالة القذر، ولا يتوضأ فيها، ولا يؤكل فيها طعام منتن الرائحة، إلى غير ذلك مما في هذا المعنى"[4].
فلما كان السواك عندهم من باب إزالة الأذى، والمساجد يجب صيانتها، وقد يخرج قذر من أسنانه مع التسوك، فيقع في المسجد؛ لذلك منعوا التسوك في المسجد.
دليل من قال: لا يكره:
(710-46) استدلوا بما رواه البخاري، قال: حدثنا عبدالله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لولا أن أشق على أمتي - أو على الناس - لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة))[5].
فهذا دليل على استحباب السواك عند كل صلاة، وكل ما كان السواك مقارنًا لفعل الصلاة كانت العندية أكثر تحققًا، وأحاديث السواك عند كل صلاة في الصحيحين، فلا سبيل إلى الطعن فيها.
وثانيًا: لا نسلم أن السواك من باب إزالة المستقذرات، ولو سلم لم يلزم منه تلويث المسجد حتى يمنع منه، ثم إننا نقول بمشروعية السواك للصلاة ولو كان الفم نظيفًا؛ تحقيقًا للسنة، كما نقول بغسل اليدين ثلاثًا عند الوضوء، ولو تحققنا من نظافة اليد.
قال ابن تيمية: السواك في المسجد ما علمت أحدًا من العلماء كرهه، بل الآثار تدل على أن السلف كانوا يستاكون في المسجد، ويجوز أن يبصق الرجل في ثيابه في المسجد، ويمتخط في ثيابه باتفاق الأئمة، وبسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الثابتة عنه، بل يجوز التوضؤ في المسجد بلا كراهة عند جمهور العلماء، فإذ جاز الوضوء فيه مع أن الوضوء يكون فيه السواك، وتجوز الصلاة فيه، والصلاة يستاك عندها، فكيف يكره السواك؟ وإذا جاز البصاق والامتخاط فيه، فكيف يكره السواك؟[6].
وقال العراقي في طرح التثريب: "ولو سلم أن السواك من باب إزالة القاذورات، فهو لا يلقيه في المسجد، وإنما يزيله في السواك، فإذا كان السواك محفوظًا معه فلا بأس، وقد ندب إلى السواك لكل صلاة، فيؤمر حاضر المسجد أن يخرج حتى يستاك خارج المسجد؟ هذا مما لا يعقل معناه، والله أعلم". اهـ[7].
[1] بريقة محمودية (1/188).
[2] جاء في المفهم للقرطبي (1/544) تعليقًا على حديث: ((إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول...)): "ولا يتسوك فيها"، وفي الفواكه الدواني (1/265): "ولا يستاك في المسجد، ولا بحضرة الناس"، وانظر التاج والإكليل (1/618). وقال في مواهب الجليل (1/ ) تعليقًا على حديث عائشة وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك - قال: "وخص بذلك دخوله بيته؛ لأنه مما لا يفعله ذوو المروءة بحضرة الجماعة، ولا يجب عمله في المسجد، ولا في المجالس الحافلة".
وقال في منح الجليل ( 8/89): "يكره السواك في المسجد".
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك ..
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمت بحفظ الله ورعآيته ..
لِ روحك