بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة :
الحمد لله الذي تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن، وأشهد ألا إله إلا الله الكبير الذي لا حول ولا قوة إلا به،
وأستغفره، وأصلي على من لا نبي بعده ، وبعدُ :فهذه رسالة مختصرة فيها أذكار مهمة مع بيان معناها،وكيفية العمل بمقتضاها.
وينبغي أن يردد المسلم هذه الأذكار بلسانه ومن أعماق قلبه مستحضرا لمعناها عاملا بمقتضاها.
والله أسأل أن ينفع بها ويتقبلها.
لا إله إلا الله
معناها: لا معبود حق إلا الله.
قال الإمام الطبري، في تفسيره على سورة النمل الآية ٢٦: وقوله: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}يقول تعالى ذكره: الله الذي لا تصلح العبادة إلا له، لا إله إلا هو، لا معبود سواه تصلح له العبادة، فأخلصوا له العبادة، وأفردوه بالطاعة، ولا تشركوا به شيئا.جامع البيان (٩/ ٥١١).
- فضلها :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)رواه الترمذي وابن ماجة.
وقال عليه الصلاة والسلام:(أَحَبُّ الكَلامِ إلى اللهِ أرْبَعٌ: -وذكر منها-لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) رواه مسلم.
- العمل بمقتضاها:
لا إله إلا الله ،قول وعمل واعتقاد.
- أما من جهة القول : فدائما تردد بلسانك وتجدد إيمانك بقول لا إله إلا الله فهي خير الذكر وأفضله.
وأما من جهة العمل : فلا إله إلا الله منهج حياة، فهي تعني أن حياتك كلها لله وعبادتك وتعلقك بالله وحده دونما سواه،فلا خوف ولا رجاء ولا توكل ولا سجود ولا خضوع ولا استعانة ولا استغاثة إلا بالله، ولا ذبح ولا نذر ولا صلاة ولا دعاء إلا لله رب العالمين.
- وأما من جهة الاعتقاد : فلا مستحق للعبادة إلا الله، وبغض في القلب وكره وكفر بكل ما يعبد من دون الله.
قال تعالى : {قُلۡ إِنَّ صَلَاتِی وَنُسُكِی وَمَحۡیَایَ وَمَمَاتِی لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * لَا شَرِیكَ لَهُۥۖ وَبِذَ ٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِینَ}[سورة الأنعام ١٦٢ - ١٦٣].
الله أكبر
معناها : أي أنه سبحانه أكبر من كل شيء وأجل وأعظم وأعز من كل شيء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وكذلك التكبير يراد به أن يكون [الله] عند العبد أكبر من كل شيء. مجموع الفتاوى(١٢١/٣).
فضلها :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أَحَبُّ الكَلامِ إلى اللهِ أرْبَعٌ:-وذكر منها- ، واللَّهُ أكْبَرُ) رواه مسلم.
-العمل بمقتضاها :
الله أكبر ،قولاً وعملاً واعتقاداً.
- أما من جهة القول فالله أكبر، من أحب الذكر وأعظمه، نطقاً باللسان.
- وأما من جهة العمل : فيُعظم الله ويعظم أمره ،فأمره أكبر الأمور ونهيه أعظم النواهي، فمثلاً عندما تسمع نداء الجمعة أو نداء الصلاة تترك كل شيء وتسعى إلى الصلاة فالله أكبر من هذه الدنيا وملهياتها.
وأما من جهة القلب والاعتقاد :
فالله أكبر في قلب العبد المؤمن من كل شيء وأجل من كل شيء. فالله أكبر في ألوهيته فلا يستحق العبادة إلا هو ، والله أكبر في ربوبيته فلا رب سواه ولا مدبر عداه، والله أكبر في أسمائه وصفاته وأفعاله فلا ند له ولا شبيه ولا نظير ولاسمي ولا كفء ولا شريك له، له الكمال كله والجلال كله والعظمة كلها وسع كرسيه السموات والأرض وهو العلي العظيم.
قال تعالى: {وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی لَمۡ یَتَّخِذۡ وَلَدࣰا وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ شَرِیكࣱ فِی ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ وَلِیࣱّ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِیرَۢا}
[سورة الإسراء ١١١].
سبحان الله
- معناها : تنزيهه سبحانه وتعالى عن كل نقص وسوء.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :والأمر بتسبيحه يقتضي أيضا تنزيهه عن كل عيب وسوء ، وإثبات صفات الكمال له.مجموع الفتاوى(١٢٥/١٦).
فضلها :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( أَحَبُّ الكَلامِ إلى اللهِ أرْبَعٌ:- وذكر منها- سُبْحانَ اللهِ) رواه مسلم.
- العمل بمقتضاها :
وسبحان الله، قول وعمل واعتقاد.
- أما من جهة القول : فالتسبيح باللسان من أجل الذكر وأحبه إلى الله، تعالى،فسبحان الله عما يقول الظالمون من نسبة الولد والشريك له سبحانه.
- وأما من جهة العمل : فلا يتخذ ند ولا شريك مع الله،يخاف ويرجى ويدعى من دون الله فسبحان الله عما يفعل المشركون.
- وأما من جهة الاعتقاد: فتسبيح الله عز وجل إبعاد القلوب والأفكار عن أن تظن به نقصا ، أو تنسب إليه شرا ، وتنزيهه عن كل عيب نسبه إليه المشركون والملحدون.
قال تعالى: {قُل لَّوۡ كَانَ مَعَهُۥۤ ءَالِهَةࣱ كَمَا یَقُولُونَ إِذࣰا لَّٱبۡتَغَوۡا۟ إِلَىٰ ذِی ٱلۡعَرۡشِ سَبِیلࣰا* سُبۡحَـٰنَهُۥ وَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا یَقُولُونَ عُلُوࣰّا كَبِیرࣰا *تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ ٱلسَّبۡعُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِیهِنَّۚ وَإِن مِّن شَیۡءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمۡدِهِۦ وَلَـٰكِن لَّا تَفۡقَهُونَ تَسۡبِیحَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِیمًا غَفُورࣰا}
[سورة الإسراء ٤٢ - ٤٤].
معناها : هو الثناء على الله تعالى ،ووصفه بكل صفات الكمال.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى :
فالحمد إخبار عن محاسن المحمود مع حبه وإجلاله وتعظيمه. بدائع الفوائد( ٣٢٥/٢).
فضلها : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَحَبُّ الكَلامِ إلى اللهِ أرْبَعٌ:- وذكر منها- والْحَمْدُ لِلَّهِ) رواه مسلم.
- العمل بمقتضاها :
وحمد الله يكون في القلب واللسان.
- فمن جهة القول: الثناء على الله بكل صفات الجلال والكمال، نطقاً باللسان.
- ومن جهة القلب : اعتقاد القلب أن الله هو الكامل من كل الوجوه في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله.
والله يُحمد ويثنى عليه سبحانه من جهتين :
الأولى من جهة ذاته العظيمة، وأسمائه الحسنى، وصفاته العلى الكريمة،
والجهة الثانية أنه يُحمد ويثنى عليه أيضاً لإحسانه وخيره، وجوده، ونعمه، وكرمه على عباده.
قال تعالى :{ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی لَهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِیمُ ٱلۡخَبِیرُ}
[سورة سبأ ١].
استغفر الله.
فضلها ومعناها والعمل بمقتضاها
معناها : طلب العبد مِن ربِّه أن يمحو ذنوبَه ويستر عيوبَه.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى : عندما تقول استغفر الله تسأل الله شيئين:
ستر الذنب
التجاوز عنه بحيث لا يعاقبك الله عليه.
الفتاوى (١٦/ ٨٧).
فضلها :
قال النبي عليه الصلاة والسلام: (طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا ) رواه ابن ماجة وصححه الألباني.
- العمل بمقتضاها :
والاستغفار يكون من جهة القلب والقول والعمل.
- أما من جهة القول فهو النطق بهذا الذكر الجليل العظيم.
- وأما من جهة القلب : فبما يقوم في القلب من معنى الاستغفار من طلب لمحو الذنوب وستر العيوب من الله تعالى ، والندم والعزم في القلب على عدم اقتراف الذنوب والعودة إليها.
- وأما من جهة العمل: فبما يتبع الاستغفار من فعل للطاعات وترك للمعاصي والمنكرات،وذلك بقصد محو الذنوب وستر العيوب ، والحسنات يذهبن السيئات.
قال تعالى: {وَٱلَّذِینَ إِذَا فَعَلُوا۟ فَـٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُوا۟ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُوا۟ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن یَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمۡ یُصِرُّوا۟ عَلَىٰ مَا فَعَلُوا۟ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ}[سورة آل عمران ١٣٥].
وقال : {إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلࣰا صَـٰلِحࣰا فَأُولَئِكَ یُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَیِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَـٰتࣲۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا}[سورة الفرقان ٧٠].
لا حول ولا قوة الا بالله
فضلها ومعناها والعمل بمقتضاها
معناها: لاحول في دفع شر ولا جلب خير إلا بالله، ولا قوة في تحصيل خير ولا دفع شرا إلا بالله.
وقيل: لا حول عن معصية الله إلا بعصمته ، ولاقوة على طاعته إلا بمعونته، وحكى هذا عن ابن مسعود رضي الله عنه. شرح مسلم للنووي ( ٢١/١٧).
فضلها :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ ؟ فَقُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : قُلْ : لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ) متفق عليه.
- العمل بمقتضاها :
لا حول ولا قوة الا بالله، قولاً وعملاً واعتقاداً.
- أما من جهة القول: نطقاً باللسان فلا حول ولا قوة إلا بالله هي من أجل الذكر وهي كنز من كنوز الجنة.
وأما من جهة العمل :
فهي تعني أن يتبرأ الإنسان من حوله وقوته ويعتمد على الله فلا معين على الأشياء و الخير وأداء العبادة إلا الله ولا رآد للشر ولا جالب للخير إلا الله سبحانه، وذلك بحوله وقوته لا شريك له.
وأما من جهة القلب والاعتقاد:
فبكلمة لا حول ولا قوة الا بالله ،
لا يتعلق القلب إلا بالله ولا يتوكل ولا يعتمد إلا على الله في جلب المنافع ودفع المضار.
قال تعالى :{ وَأُفَوِّضُ أَمۡرِیۤ إِلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِیرُۢ بِٱلۡعِبَادِ}[سورة غافر ٤٤].
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
فضلها ومعناها والعمل بمقتضاها.
معناها : أنك تدعو الله أن يثني على نبيه صلى الله عليه وسلم في الملأ الأعلى.
قال أبو العالية صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة . فتح الباري(٣٩٢/٨).
فضلها :
قال النبي عليه الصلاة والسلام:(إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ ؛ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ) رواه أبو داوود وابن ماجة.
- العمل بمقتضاها :
ويكون ذلك من جهة القول والقلب والعمل:
أما من جهة القول: فالأكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم باللسان ، وخاصة يوم الجمعة، وعندما يُذكر عليه الصلاة والسلام، يصلى عليه.
وأما من الجهة القلب : فاستحضار معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن هذه الصلاة تعرض على النبي عليه الصلاة والسلام.
قال تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِیِّۚ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ صَلُّوا۟ عَلَیۡهِ وَسَلِّمُوا۟ تَسۡلِیمًا}[سورة الأحزاب ٥٦].
وأما من جهة العمل : فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تذكرك به وأنه رسول الله وخير خلق الله ، الذي تجب طاعته وترك ما نهى عنه وزجر.
الخاتمة :
فهذه الأذكار تكون في القلب وتقع على اللسان وتظهر على جوارح الإنسان.
فلا إله إلا الله فيها الكفر بكل ما يعبد من دون الله والتعلق به وحده، وسبحان الله فيها تنزيه الله عن كل النقائص، والحمد لله فيها وصف الله بكل كمال، والله أكبر فيها تعظيم الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله فيها الاعتماد على الله وحده،واستغفر الله فيها محو الذنوب وستر العيوب، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فيها الثناء على أفضل الخلق من الله تعالى.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.