تتردد على ألسنتنا مقولات كثيرة دون المعرفة لتاريخها ولا أول من قالها، فقط تشعر
وكأنك تريد أن تعبر بها عن حالك، فيترجم عقلك تلك المشاعر لمقولات تكون كتسبتها
من مجتمعك دون أن تعرف قصتها.........
يقال أن مصدرها التاريخي يعود لأول من قالها وهو قيس بن المكشوح المرادي أثناء
حصاره قصر فيروز الديلمي في صنعاء وقتله للباذان الفارسي بعد معركته في الرحبة
مع همدان.
عندما أطبق ابن المكشوح الحصار على قصر فيروز الديلمي الفارسي في صنعاء، أقام
نقطة في مداخل صنعاء وقتل كل من ينتمي إلى الفُرس أو همدان الجوف.
ويعود السبب إلى ما قبل الإسلام، حيث كانت تدور معارك بين قبائل مدحج وهمدان وكانت
دائمًا الغلبة لمدحج فاستعان الهمدانيون بالفرس على مدحج ورتبوا خطة للقضاء على
مشايخ مدحج فطلب الهمدانيين من مشائخ مدحج اللقاء بدون حمل السلاح من الطرفين
للتحاور.
وقد رتب الهمدانيون مع الفرس مكيدة لقتل كبار مشايخ مدحج (مراد) وفعلًا تم الحضور
وغُدر بمشايخ مدحج، وقتل منهم ستون شيخ، وكانوا من داهات مدحج فتفرقت قبيلة
مدحج وهام قيس بن مكشوم في جزيرة العرب، وكان فارسًا من فرسان مدحج حتى
سمع بنبأ الرسول محمد (صلى الله علية وسلم) فقدم إلى المدينة لمقابلة الرسول (عليه
الصلاة والسلام) فدار بينهم حوار من ضمنه سؤال الرسول له “هل يحز بنفسك ما جرى
لقومك”، فقال له نعم فأسلم قيس وعاد إلى اليمن.
فلما حدثت الردة وجراء مناوشات مع حاكم صنعاء تذكر قيس بن مكشوح غدر همدان
بمشايخ قومة بالتعاون مع الفرس وسعى للانتقام والثأر لهم من الفرس وهمدان ومع كثرة
عدد القتلى من الجانب الآخر جاءت الوفود الوسيطة إلى قيس بن مكشوح معاتبين له لكثرة
القتلى ومناظر الخراب والدمار، فأجابهم بهذه الكلمات القليلة : “في ستين داهية“
بمعنى كل هذه الضحايا والخراب من أجل أو ثأرًا لستين داهية أو كبير من قومه.
و كانت كلمات في ستين داهية للتبرير، وليس للازدراء أو اللامبالاة لما ارتكبه من مجازر
وخراب، فأصبحت هذه الكلمات اليوم ذات معنى مُحرف.