تفسير بطن فى
ابتلاع الحوت ليونس(ص)
كتب أحد الساخرين المكذبين لكتاب الله تعليقا على قوله سبحانه :
"وإن يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون فساهم فكان من المدحضين فالتقمه الحوت وهو مليم فلولا أنه كان من المسبحين للبث فى بطنه إلى يوم يبعثون فنبذناه بالعراء وهو سقيم وأنبتنا عليه شجرة من يقطين وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين"
انه كيف يبقى يونس(ص) فى بطن الحوت ولن تهضمه البطن إلى يوم القيامة؟
لأنه فى رأيه الحيتان تموت أو يتم اصطيادها فنأكلها فكيف سيبقى يونس(ص) فى بطن الحوت إلى يوم القيامة ؟
بالطبع هناك ردين على هذا الساخر :
الأول:
أن الله استثنى بعض المخلوقات من الموت فى الدنيا كالشمس والقمر والنجوم فهذه تظل موجودة حتى تموت فى يوم القيامة كما قال سبحانه :
" بل يريد الإنسان ليفجر أمامه يسئل أيان يوم القيامة فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر يقول الإنسان يومئذ أين المفر"
وقال :
"فإذا النجوم طمست وإذا السماء فرجت وإذا الجبال نسفت وإذا الرسل أقتت لأى يوم أجلت ليوم الفصل وما أدراك ما يوم الفصل ويل يومئذ للمكذبين"
واستثنى أيضا من الموت وهو الصعق فى القيامة بعض المخلوقات كالملائكة الثمانية التى تحمل العرش حيث قال :
"ونفخ فى الصور فصعق من فى السموات ومن فى الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون"
وفى استثناء الملائكة الثمانية قال :
"ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية "
بالطبع هذا الرد لن يرضى هذا الساخر لأنه أساسا لا يؤمن بكتاب الله ولا بالإسلام وهو يؤمن بما يعرفه الناس من كون الحيتان تموت عن طريق الصيد كما هو الحال فى حوت موسى(ص) والذى أعاده الله للحياة حيث سبح فى المياه كى يرشد موسى(ص) وفتاه إلى مكان وجود العبد الصالح وهو قوله سبحانه :
"فلما بلغ مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله فى البحر سربا فلما جاوزا قال لفتاه ائتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا "
الثانى :
أن المشكلة تكمن فى فهم كلمة بطن وبطون فالبطن لا تعنى المعنى المعروف وهو البطن الذى يحوى المعدة والأمعاء والكبد وغير ذلك
الكلمات المأخوذة من كلمة بطن تعنى معانى متعددة فمثلا ما بطن يعنى ما خفى كما قال سبحانه :
" ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن"
ومثلا كلمة بطن تعنى أرض كما فى القول بطن مصر وبطن العراق وهو ما ورد فى قوله فى بطن مكة حيث قال :
"وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم"
وكلمة البطون لا تعنى فى النحل البطن العضوية لأن العسل يخرج مساكن النحل وهى الخلايا كما قال سبحانه :
"ثم كلى من كل الثمرات فاسلكى سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس"
فبطونها تعنى هنا مساكنها وهى الخلايا التى يستخرج منها العسل فلا أحد يمسك نحلة ويقوم بالضغط على بطنها لاخراج العسل
ومن ثم يجب
تفسير كلمة بطنه فى آيات التقام الحوت ليونس (ص) بأنها أرض الحوت وأرض الحوت هى مكان موته وهو قبره وهو الجوف المدفون فيه أو الميت فيه فهو لا يستقر على قاع وهى أرض المحيط أو البحر إلا عندما يموت ومن ثم يكون المعنى :
للبث فى بطنه أى لبقى فى أرضه وهو قبر الحوت إلى يوم يعودون مرة أخرى وهذا المعنى وارد فى كتب اللغة وهو البطن جوف كل شىء والجوف هو ما فى داخل الشىء كما فى معجم المزيد :
:-يَضُمُّ بَطْنُ الأرْضِ مَعادِنَ لا حَصْرَ لَها :- : جَوْفُ الأرْضِ، أَعْماقُها"
5. :-في بُطونِ الكُتُبِ :-.
وفى معجم العربى عامة :
البطْن من كلّ شيء
جَوْفه، داخِله، عكْسه الظَّهر :-بَطْن الأرض"
ومن هنا جاءت المقولة عن القبور :
" فبطن الأرض خير لكم من ظهرها"
أرجو أن أكون وفقت فى هذا الرد على هذا الساخر