ان الدور الذي تلعبه التكنولوجيا اليوم في حياة الفرد والمجتمع، جعلت منها ضرورة من ضروريات الحياة التي لا يمكن الاستغناء لأهميتها وفوائدها المتعددة في جميع المجالات بما فيها التعليم. حيث أصبحت المدارس والمجتمعات تستعمل تكنولوجيا المعلومات كخيار مميز تمنحه للباحثين على برنامج تعليمي متطور وقيم. ومن وقت ظهور الانترنت، وتطور استعمالاته في حفظ المعلومة واستعادتها في أي وقت.
بات من السهل على المعلم والطلاب في جميع المستويات الوصول إلى كل ما هو متاح على الشبكات، وهو ما نتج عنه ظهور
التعليم الالكتروني أو E-Learning ، الذي استبدل الفصول الدراسية التقليدية بأخرى افتراضية ، ولكن الفكرة لم تلقى استجابة كبيرة نظرا للتحول الجذري الذي خلقته في المجتمعات الدراسية وكل ما أحاط بها من عوائق وعيوب. وهو ما خلق فكرة جديدة وظفت التكنولوجيا و الانترنت كأداة لتحقيق منهج دراسي مبتكر يتمثل في التعليم المدمج.
تعريف التعليم المدمج
يعرف التعليم
المدمج بعدة مسميات منها، التعليم المختلط، التعليم المتمازج والتعليم المؤلف. وجاءت له عدة تعريفات توضح ماهيته، وعرف على أنه صيغة من صيغ التعليم التي تضم التعلم الالكتروني مع التعليم التقليدي في قالب واحد، ووظف مزايا التعليم الالكتروني في طريقة تقديم الدروس، دون إلغاء دور المعلم وحضوره الفيزيائي. وبذلك مزج التعليم المدمج في شكل نموذج متكامل بين خصائص التعليم التقليدي ومميزات التعليم الالكتروني.
وبهذا النموذج الجديد، يتم تحقيق كفاءة التعليم من خلال مزيج مناسب يتوافق مع متطلبات العصر و قواعد الصف الدراسي المعتاد بمقاربات مختارة بدقة مكملة لبعضها البعض.
متطلبات التعليم المدمج
إن تطبيق نظام التعليم المدمج ، يتطلب توفر عدة متطلبات ، منها التقنية ومنها البشرية. حيث تتمثل التقنية منها في : توفير مصادر التعليم المختلفة، إنشاء الفصول الدراسية الافتراضية إلى جانب الفصول التقليدية ، تخصيص برمجيات إدارة التعلم الالكتروني، توفير معدات ووسائل التدريب العملي.
أما فيما يخص المتطلبات البشرية، فيجب أن يكون للمدرس القدرة و الأهلية لتلقين المواد وفقا لنظام التعليم المختلط، كالتواصل الالكتروني مع الطلبة و التعامل مع الوسائط والتطبيقات المختلفة والتكنولوجيا بشكل عام. زيادة على قدرته على التواصل مع زملائه من المعلمين والبحث عن مختلف مصادر المعلومات، والتمكن من تصميم التقويمات والاختبارات الكترونيا.
مميزات ومستقبل التعليم المدمج
من
مميزات التعليم المدمج يمكننا ذكر ما يلي:
يساهم التعليم المدمج في تقليص تكاليف التعلم بشكل كبير مقارنة مع تطبيق التعليم الالكتروني بمفرده. وإضافة إلى توفيره للاتصال المباشر بين المدرس المتمدرسين، يزيد من الترابط الإنساني ويقوي العلاقات الاجتماعية بين الطلاب فيما بينهم وبين المدرسين وطلابهم على حد سواء.كما أنه يساهم في إثراء رفع جودة المناهج التعليمية ويزيد من كفاءتها وكفاءة المدرسين القائمين عليها.
كما أن التعليم المدمج ، يوظف جميع خصائص التكنولوجيا في تصميم و تنفيذ واستعمال المناهج الدراسية، و يحقق المرونة المطلوبة لتلبية العديد من احتياجات المتمدرسين على اختلاف مستواهم التعليمي، وتباين أعمارهم و جداولهم الزمنية. ويوفر التواصل الحضاري بين العديد من الثقافات ويخلق بينها رابط قوي لتبادل الإفادة في جميع المجالات العلمية والعملية.
وكذلك يحقق التكامل في نظم التقويم التكويني والنهائي للمتعلمين و المدرسين، ويثري خبرات الطالب كما يعزز فرص التعليم لديهم، ويوفر الانتقال من التعليم الجماعي إلى التعليم المتمحور حول الطالب، مما يؤدي بالضرورة إلى زيادة التفاعل. وبما أنه يصعب تلقين بعض المواد الكترونيا، كان نظام التعليم المدمج حلا مناسبا لجميع هذه العوائق، بما يتميز به من مرونة في تنفيذ البرامج التعليمية وطرق تلقينها وزيادة فرصة تعميمها وتدويلها.
عوائق التعليم المدمج
إن من أهم العوائق التي تواجه التعليم المدمج هو عدم توفر الخبرة الكافية لدى البعض من المتمدرسين والمدرسين أيضا في استخدام الأجهزة والمعدات والتطبيقات الالكترونية وعدم إتقان استعمال الشبكات التي يتم عليها تلقين وتبادل المناهج التربوية. ليس هذا فقط ، بل إن عدم توفر جهاز متكافئ ومطابق لذلك المستعمل في المنزل مع نظريه في الفصول الدراسية والتباين الذي قد يكون في الخصائص المختلفة مثل سرعة الجهاز وقوته والتكنولوجيا الحديثة المتوفرة فيه.
ولا يغيب عننا ، أن تطبيق هذا النوع من النظم التعليمية ، يحتاج إلى مؤطرين مؤهلين وذوي كفاءة عالية مدربين بشكل خاص على تلقين المناهج وفقا لنظم وتقنيات التعليم المدمج ، وهو مالا يتوفر حاليا لحداثة هذا النظام. كما أن إحداث تغيرات جذرية في التعليم التقليدي يتطلب جهدا كبيرا موارد كثيرة وتغير ثقافة وعادات الطلاب والمدرسين بشكل أخص.