قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
لما ذكَرَ المؤلِّف رحمه الله أحكامَ برِّ الوالدين وصلة الأرحام، ذكَرَ أيضًا أحكام صلة من يصل الوالدين والأرحام؛ وذلك للعلاقة التي بينهم وبين أقاربه، أو بينهم وبين والديه، ثم ذكر حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وهي قصة غريبة.
كان ابن عمر رضي الله عنه إذا خرج إلى مكة حاجًّا، يكون معه حمار يتروَّح عليه إذا ملَّ الركوب على الراحلة - أي: البعير - فيستريح على هذا الحمار، ثم يركب الراحلة.
وفي يوم من الأيام لَقِيَهُ أعرابيٌّ، فسأله ابن عمر: أنت فلان بن فلان؟ قال: نعم، فنزل عن الحمار وقال: خُذْ هذا اركب عليه، وأعطاه عمامة كان قد شدَّ بها رأسه، وقال لهذا الأعرابي: اشدُدْ رأسك بهذا.
فقيل لعبدالله بن عمر: أصلَحَك الله أو غفر الله لك! إنهم الأعراب، والأعراب يرضَوْن بدون ذلك، يَعْنون: كيف تنزل أنت عن الحمار تمشي على قدميك، وتعطيه عمامتك التي تشُدُّ بها رأسك، وهو أعرابي يرضى بأقلَّ من ذلك؟
فقال: إني سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أبَرَّ البرِّ صلةُ الرجلِ أهلَ وُدِّ أبيه))؛ يعني أن أبَرَّ البرِّ إذا مات أبو الرجل أو أمُّه أو أحدٌ من أقاربه: أن تَبَرَّ أهلَ وُدِّه، يعني ليس صديقه فقط، بل حتى أقارب صديقه.
وإن أبا هذا كان صديقًا لعمرَ؛ أي: لعمر بن الخطاب أبيه، فلما كان صديقًا لأبيه؛ أكرَمَه برًّا بأبيه عمرَ رضي الله عنه.
وفي هذا الحديث دليلٌ على امتثال الصحابة، ورغبتِهم في الخير، ومسارعتهم إليه؛ لأن ابن عمر استفاد من هذا الحديث فائدةً عظيمة، فإنه فعل هذا الإكرامَ بهذا الأعرابيِّ من أجل أن أباه كان صديقًا لعمر، فما ظنُّك لو رأى الرجل الذي كان صديقًا لعمر؟ لأكرَمَه أكثرَ وأكثر.
فيستفاد من هذا الحديث أنه إذا كان لأبيك أو أمِّك أحدٌ بينهم وبينه وُدٌّ فأَكرِمْه، كذلك إذا كان هناك نسوة صديقاتٌ لأمِّك؛ فأَكرِمْ هؤلاء النسوة، وإذا كان رجال أصدقاء لأبيك؛ فأَكرِم هؤلاء الرجال، فإن هذا من البرِّ.
وفي هذا الحديث أيضًا: سَعةُ رحمة الله عز وجل؛ حيث إن البرَّ بابه واسع لا يختص بالوالد والأم فقط؛ بل حتى أصدقاء الوالد وأصدقاء الأم، إذا أحسنتَ إليهم فإنما بررتَ والديك، فتُثاب ثوابَ البارِّ بوالديه.
وهذه من نعمة الله عز وجل، أنْ وسَّع لعباده أبواب الخير وكثَّرها لهم؛ حتى يَلِجُوا فيها من كل جانب، نسأل الله تعالى أن يجعلنا والمسلمين من البررة، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 214- 216)
avp p]de uf]hggi fk ulv: "Yk Hfv hgfv Hk dwg hgv[g ,] Hfdi" hgjv hgvdl dp]e svn ulv Yk Hfv hgfv Hk dwg hgv[g ,] Hfdi
avp p]de uf]hggi fk ulv: "Yk Hfv hgfv Hk dwg hgv[g ,] Hfdi" Hfdi" hgjv hgvdl fk dp]e svn ulv ulv: uf]hggi