كوب قهوة .. كوب قهوة يأتي على حين غِرَّة، يُوقِظُ فينا أشياءَ، وترحَلُ عنَّا أشياءُ أُخرى، يهمِسُ لنا دونَ أن يسمعَه أحدٌ، يُهاتِفُ أشخاصًا بهم جمال الجلسة تكتمِلُ،
كوب قهوة يأتي على حين غِرَّة، يُوقِظُ فينا أشياءَ، وترحَلُ عنَّا أشياءُ أُخرى، يهمِسُ لنا دونَ أن يسمعَه أحدٌ، يُهاتِفُ أشخاصًا بهم جمال الجلسة تكتمِلُ، يستحوذ علينا ويَنتشلنا دون أن يرانا مَنْ هم حولَنا، ويقطع امتدادَ جيوش التفكير شخصٌ يُنادي من مكان بعيدٍ، رأى ابتسامة لا مناسبة أُقيمتْ لها إلَّا في خيال مَنْ يَرتشِفُ منها بكل إمعانٍ ودِقَّة؛ ليعلم مَنْ يشعُر بأن كوب القهوة أحيانًا بمثابة تذكرة عبور إلى قصور وصلِ مَنْ يتعذَّر عليه الحضور لإعادة ذات الشعور.
كوب القهوة لا يَحمِلُ اللبن والماء الساخن فقط، بل يحمِل ما هو أكثر، حين نغليها تفوحُ منها رائحةُ المناسبات الجميلة لتقتبس مذاقَها، وتكون بنكهة الذكريات التي نظنُّها أحيانًا أنها قد أصبحتْ عتيقةً، لا تستغرب أبدًا لمن يجتاحُه الملَلُ أو يتعكَّر مزاجُه فجأةً، فيهرع مُسرِعًا لتلك العُزْلة.
وكأن ركوة القهوة شاشةٌ نستعرض من خلالها أبطال قصَّتِنا التي هي مَنْ كانت شاهدةً على تلك اللحظة وموثقة لها.
فكم أنتِ أيتها القهوة محظوظة أكثر من كونِكِ معشوقة!