تفسير قوله تعالى: { وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا }
قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾ قوله: ﴿ لَوْ
|
|
27-10-2022
|
|
تفسير قوله تعالى: { وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا }
قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ
أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾[البقرة: 167]
قوله: ﴿ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً ﴾ أي: قال الأتباع المضلَّلون.
﴿ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً ﴾ "لو" هنا للتمني، أي: ليت لنا كرة.
والكرة: الرجعة، أي: ليت لنا رجعة وعودة إلى الدنيا نحن وإياهم.
﴿ فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ ﴾ الفاء: للسببية، "ونتبرأ": مضارع منصوب بـ"أن" مضمرة بعد الفاء
كما في قوله تعالى: ﴿ فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 102]، والمعنى: فنتخلى عنهم
وعن عبادتهم إذا رجعنا إلى الدنيا، ونعبد الله وحده، وهم في هذا كاذبون.
﴿ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا ﴾ الكاف للتشبيه، بمعنى "مثل" صفة لمصدر محذوف، أي: تبرؤ مثل تبرئهم منا
أي: مثل ما تبرءوا منا وتخلوا عنا في الآخرة فنجازيهم بمثل صنيعهم.
وهيهات وأنى لهم الرجوع إلى الدنيا!
وأيضاً فإنهم لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه كما قال تعالى:
﴿ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ
مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [الأنعام: 27، 28].
﴿ كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ ﴾ الكاف كسابقتها للتشبيه بمعنى "مثل". والإشارة بـ "ذلك" إلى إراءتهم
العذاب وتلك الأهوال، والتقدير: مثل إراءتهم الأهوال يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم.
﴿ يُرِيهِمُ ﴾ من "أَرى يُري"؛ لهذا نصبت ثلاثة مفاعيل، الأول: الضمير "هم"، والثاني: "أعمالهم"، والثالث: "حسرات"
وهذا على اعتبار الرؤية علمية، وعلى اعتبار الرؤية بصرية وهو أقرب يكون ﴿ حَسَرَاتٍ ﴾ منصوباً على الحال من أعمالهم.
و﴿ حَسَرَاتٍ ﴾ جمع حسرة، وهي شدة الندم والأسى والحزن، لما مُنوا به من حبوط أعمالهم والخيبة والخسران
فلا تكاد تتصور مدى ما يعتلج في صدور هؤلاء الأتباع من الحسرات والندم والحزن والأسى والآهات على أعمال اجتهدوا فيها
تحبط وتبطل وتذهب سدى، ويعترفون بما كانوا عليه من الضلال بعد فوات الأوان، ويقولون كما ذكر الله تعالى عنهم:
﴿ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الشعراء: 97، 98].
ويحتمل عود الضمير في قولهم: ﴿ يُرِيهِمُ ﴾ إلى الفريقين المتبوعين والأتباع لاجتماعهم في الكفر والضلال كما قال تعالى:
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ [الفرقان: 23]، وقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ
اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ ﴾ [إبراهيم: 18]
وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً ﴾ [النور: 39].
وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا
لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ
وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا
النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [سبأ: 31- 33].
وهذا بخلاف من كانوا أتباعاً على الحق ومحبتهم في الله ولله فإنها تبقى ولا تزول، كما قال تعالى:
﴿ لْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف: 67].
﴿ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾ أي: أنهم خالدون فيها؛ لأن النار لا تفنى ولا يفنى عذابها ولا يموت
أهلها، وفي هذا تيئيس لهم من الرجعة إلى الدنيا كما يتمنون.
المصدر: « عون الرحمن في تفسير القرآن »
_ الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم.
jtsdv r,gi juhgn: V ,rhg hg`dk hjfu,h g, Hk gkh ;vm tkjfvH lkil ;lh jfvx,h lkh C l, Hkh Hkil hfjy,h juhg[
jtsdv r,gi juhgn: V ,rhg hg`dk hjfu,h g, Hk gkh ;vm tkjfvH lkil ;lh jfvx,h lkh C l, Hkh Hkil hg`dk hfjy,h jfvx,h juhg[ juhgn: jtsdv tkjfvH ,rhg r,gi ;lh ;vm
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ - وَرد. على المشاركة المفيدة:
|
|
27-10-2022
|
#2
|
/
تسلم ايدك ع الطرح
يعتيك العافية
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
27-10-2022
|
#3
|
جَزاك الله جنّةٌ عَرضهَا السموَاتِ والأَرض
وَ لا حَرمك الأجر يَارب.
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
28-10-2022
|
#4
|
جُزاكّ الله خُير علىّ مُـا قُدمتّ
ورزُقكّ بُكُل حَرف خّطتهَ أناملكّ جُزيل الحُسناتّ
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
28-10-2022
|
#5
|
-
إزدان مُتصفحي بتشريفكم
لكم جنائن الورد.
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
28-10-2022
|
#6
|
.،
جزاك الله خير
وجعله في موازين حسناتك
وانارالله دربك بالايمان
ماننحرم من جديدك المميز
امنياتي لك بدوام التألق والابداع
دمـت بحفظ الله ورعايته
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
29-10-2022
|
#7
|
-
إزدان مُتصفحي بتشريفكم
لكم جنائن الورد.
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
30-10-2022
|
#8
|
30-10-2022
|
#9
|
-
إزدان مُتصفحي بتشريفكم
لكم جنائن الورد.
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
31-10-2022
|
#10
|
_
،
جَزَاكَ اَللَّهُ خَيْر . . .
وَأَحْسَنَ إِلَيْكَ فِيمَا قَدَّمَتْ
دُمْتُ بِرِضَى اَللَّهِ وَإِحْسَانِهِ وَفَضْلِهِ
~
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
الكلمات الدلالية (Tags)
|
مو, أنا, أنهم, الذين, ابتغوا, تبرءوا, تعالج, تعالى:, تفسير, فنتبرأ, وقال, قوله, كما, كرة |
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
| | | | | | | | | |