كثيراً ما نرى ونعايش في أنفسنا أو من هم حولنا أشخاصً يحاولون تغيير طبيعتهم أو طباعهم ليس قناعةً منهم بالطبع (فالأنسان جُبِل على كبرياء الذات) ولكن لإن الآخرين أنتقدوا تصرفاتهم أو طريقة حياتهم ، ولإجلهم هو يحاول أن يتغير لعلهم يغيرون نظرتهم إليه ، فحتى لو تغير أصلاً سيتغير للأسوء وليس كما يظن للأحسن،
هذا شخصٌ مبتسم وآخر عبوس وثالثٌ مثقف ورابعٌ متقلب المزاج وخامسً كتوم ..هم البشر
هكذا وكل واحد شخصيته مختلفة عن الآخر تميزه ، فلما البعض يحاول أن يتغير بعكس ما خُلق وتربى عليه ؟
هذه
شخصيتك فتقبلها كما هي (بحلوِها ومُرِها ..واضطراباتها وتعقيداتها) كل ما في شخصيتك جميلٌ يميزك عن غيرك،
الناس الذين يعرفونك وعايشوك تقبلوك هكذا ..وأحبوك بعيوبك التي أنتقدك البعض عليها ، فمن يطلب منك تغيير طبعك لتكون مثله لما لا يُغير هو طباعه ويكون مثلك؟
نعم ، هناك طباعاً سيئة في الأنسان (وغالباً ترى أنتقادات الآخرين تتركز فيها) كمثلاً شخص عصبي والكل ينتقد عصبيته ..وحتى هو نفسه يعترف بذلك ..وجميلٌ لو هو حاول أن يتغير رغم صعوبة الأمر ، ولكن القصد هنا تغيير طباعً متأصله متجذرة في تركيبة الأنسان وشخصيته المعقدة..
فمثلاً شخص انطوائي ، هو طبيعته هكذا لا يحب الاختلاط بالغير ويفضل العزلة ، وطالما أن انطوائيته لم تضر الناس ولم تعطل حياته فلا أحدٌ له الحق أن يطلب منه أن يتغير، لكن أن يأتي شخص متعجرف ويقول لك أنت أنطوائي وحياتك بلا فائدة ولا تنفع ..وأنت في المقابل تحاول أن تبرر له وتنكر أنعزاليتك لكي لا تتغير نظرته إليك أو تخشى أن تخسره فهذه تحسب عليك لا لك ..لإنك بدأت تجامل على حساب نفسك التي تعرف أنت أكثر من غيرك أنها صحيحة وهذه حقيقتك وصعب أن تبدلها بين ليلة وضحاها ،
ثم أن الأنسان جميل بطباعه تلك التي ينتقدها عليها البعض ، فلو قلنا بأنك شخصً لا يتكلمُ كثيراً فهذا ما يميزك عن غيرك (كثير الكلام وناقله) وقلة حديثك هو ما جذب الآخرين لك لإنهم يثقون بك أكثر من شخص ثرثرته لا تنتهي وما يقوله عندك ينقله لغيرك ، ومن الملاحظ أن الذي يطلب من الآخرين تغيير طباعهم غالباً شخص للتو جديد دخل في حياته ولم يعرفه جيداً والا لما انتقد طباعه ، فمن يعرفون الأنسان ويعيشون معه ويصادقونه يتقبلونه بكل عيوبه ومحاسنه ..وبالعكس تماماً (يرون ميزته في طباعه الجيدة والسيئة) ،
أساساً أنسياقك وراء كلامه سيظهر له ضعف شخصيتك لذا سيتمادى أكثر ، فحاول أن تلجمه منذ البداية..فهل أنت مثلاً لم تكتشف طبعك السيء الا اليوم بعدما أخبرك هو!
من يطلب منك تغيير شخصيتك في حقيقته يريد أن (يُفصل شخصيتك بمزاجه) ضارباً عرض الحائط بشخصك وشخصيتك وحقيقتك فلا يريد أن يتقبلك كما أنت وكما هي طبيعتك ، شخصٌ كهذا من الخطأ أصلاً أن يدخل حياتك لإنه منشغلً فيك يراقبك ولا يرى فيك أي حسنة ،
كن صريحاً مع ذاتك على الأقل ..تقبل نفسك هكذا كما هي..بكل طباعك جميلُها وقبيحها ..اعترف بما يزعجك وما الذي لا تحبه ..هذا شيئٌ لا يعيبك ..بل يريحك لكي لا تحمل طاقتك ما لا تطيق ..من يريدك هكذا بابك مفتوح ..ومن يبحث عليك الزلة أغلق الباب في وجهه ولا تفسح له المجال للدخول ، لإنه سينتقدك لمجرد النقد فقط وفي النهاية سيرحل ولن يتقبلك حتى لو صرت نسخةً ثانيةً منه ..وهكذا تكون خسرت نفسك وخسرت (صديقك المفترض) وتلاعبت في تركيبتك دون فائدة لمن لا يستحق، فكن على سجيتك ولا تتصنع،
زمان عن المقالات.. أنسان بسيط