الدنيا والموت
الدنيا والموت جعل اللهُ الدنيا دارَ ممر لا مقر، وطريقَ عبور لا منزلَ إقامة، فهي مؤقتة، وكلُّ ما فيها مؤقت، وشبحُ النهاية والزوال يُلاحِق العقلاءَ فيها دائمًا فلا
|
|
27-02-2022
|
|
الدنيا والموت
الدنيا والموت
جعل اللهُ الدنيا دارَ ممر لا مقر، وطريقَ عبور لا منزلَ إقامة، فهي مؤقتة، وكلُّ ما فيها مؤقت، وشبحُ النهاية والزوال يُلاحِق العقلاءَ فيها دائمًا فلا يطمئنون إليها، ولا إلى مُتعها ونعيمها، قال الحسنُ البصري: "فضح الموتُ الدنيا فلم يتركْ فيها لذي لبٍّ فرحًا"[1].
ومن هنا كان فرحُهم بقول الله تعالى عن الجنة: ﴿ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 25] فرحًا لا يُوصف.
قال الرازي: "اعلمْ أنَّ مجامعَ اللذات:
إما المسكن
أو المطعم
أو المنكح.
فوصف اللهُ تعالى المسكنَ بقوله: ﴿ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [البقرة: 25].
والمطعمَ بقوله: ﴿ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ ﴾ [البقرة: 25].
والمنكحَ بقوله: ﴿ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ ﴾ [البقرة: 25].
ثم إنَّ هذه الأشياء إذا حصلتْ وقارنها خوفُ الزوال كان التنعُّم مُنغّصًا، فبيَّن تعالى أنَّ هذا الخوفَ زائلٌ عنهم فقال: ﴿ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 25] فصارت الآيةُ دالةً على كمال التنعُّم والسرور"[2].
قال الشيخ مرعي الكرمي بعد أنْ أورد قولَ الرازي هذا معللًا: "لأَّنَّ الخلود هنا هو البقاء الدائم الذي لا انقطاع له، ولا غاية لمنتهاه"[3].
وقال الخفاجي: "إنَّ قوله: ﴿ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 25] تكميلٌ في غاية الحسن، ونهاية الكمال، لأنَّ النعم وإنْ جلَّتْ، والترفه وإنْ عظم، لا يتمُّ ولا يكملُ إذا تُصُوِّرَ زوالُه وانقطاعُه"[4].
قلت: وقد عبَّر الشعراء عن هذا المعنى - وهو تنغُّص لذات الدنيا بشبح النهاية والزوال - كثيرًا، فقال الشاعر امرؤ القيس (ت سنة 80 ق هـ):
وهل يَعِمَنْ إلا سعيدٌ مُخلدٌ * قليلُ الهمومِ ما يبيتُ بأوجالِ[5] وقال عدي بن زيد (ت نحو 35 ق هـ):
لا أرى الموتَ يسبقُ الموتَ شيءٌ نغَّصَ الموتُ ذا الغنى والفقيرا[6] وقال بشار بن برد (ت: 167هـ):
وما خيرُ عيشٍ لا يزالُ مُفجَّعًا * بموتِ نعيمٍ أو فراقِ حبيبِ[7] وقال أبو العتاهية (ت: 211هـ):
ما عيشُ مَنْ آفتُهُ بقاؤُهْ * نغَّصَ عيشًا طيباً فناؤُهْ[8] وقال:
إنَّ عيشًا يكونُ آخرَه المو تُ لعيشٌ مُعجّلُ التنغيصِ[9] وقال محمود الورّاق (ت نحو 225هـ):
إنَّ عيشًا إلى المماتِ مصيرُهْ * لحقيقٌ ألا يدومَ سرورُهْ وسرورٌ يكونُ آخرَه المو * تُ سواءٌ قليلُهُ وكثيرُهْ[10] وقال ابنُ المعتز (ت: 296هـ):
يا طِيبَ ذلك عيشًا * لو صالحتني المَنيّه[11] وقال المتنبي (ت: 354هـ):
أشدُّ الغمِّ عندي في سرورٍ * تيقَّنَ عنهُ صاحبُهُ انتقالا[12] وقال آخر[13]:
لا طِيبَ للعيش ما دامتْ مُنغَّصةً لذاتُهُ بادّكار الموتِ والهرَمِ[14]
[1] حلية الأولياء (2/ 149).
[2] تفسير الرازي (2/ 117).
[3] الكلمات السنيات في قوله تعالى: وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات ص 80 (ضمن مجلة الأحمدية العدد: 6)
[4] عناية القاضي 1/ 79.
[5] الديوان: ص١٢٢
[6] شرح الحماسة للمرزوقي ص ١١٨، وتفسير القرطبي (4/ 62).
[7] الديوان ص١١٥.
[8] الديوان ص ٤٩٥.
[9] تاريخ دمشق (7/ 59) وانظر: "شرح حديث: لبيك اللهم لبيك" لابن رجب ص74.
[10] الديوان ص١٣٠.
[11]الديوان ص ٤٦٦.
[12]الديوان بشرح البرقوقي (3/ 341)، وروح المعاني (1/ 205).
[13] لم يُعرف مَنْ يكون.
[14] هو مِنْ شواهد كتب النحو، انظر منها: "شرح ابن عقيل على الألفية" (1/ 153).
hg]kdh ,hgl,j
hg]kdh ,hgl,j
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
3 أعضاء قالوا شكراً لـ غيمہّ فرٌح على المشاركة المفيدة:
|
|
27-02-2022
|
#2
|
الشكر ع الموضوع الممتع القيّم
جزاك ربي الخير
أرق التحايا وباقة ورد
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
27-02-2022
|
#3
|
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
27-02-2022
|
#4
|
-
جزاك الله الفردوس الأعلى
وَ نفع بطرحك الجميع ولا حرمك الأجر
لكِ من الشكر أجزله.
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
27-02-2022
|
#5
|
.
.
جَزآك آلمولٍى خٍيُرٍ " .. آلجزآء .. "
و ألٍبًسِك لٍبًآسَ
" آلتًقُوِىَ " وً " آلغفرآنَ "
وً جَعُلك مِمَنً يٍظَلُهمَ آلله فٍي يٍومَ لآ ظلً إلاٍ ظله .~
وً عٍمرً آلله قًلٍبًك بآلآيمٍآنَ .~
علًىَ طرٍحًك آلًمَحِمًلٍ بنًفُحآتٍ إيمآنٍيهً .!
للهَ درِك
..||**
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
27-02-2022
|
#6
|
جزاك الله كل خير
جعلها في موازين حسناتك
يعطيك العافيه لطرحك القيم
احترامي وتقديري
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
28-02-2022
|
#7
|
جزاك الله خير
وجعله في موازين حسناتك
وانارالله دربك بالايمان
ماننحرم من جديدك المميز
امنياتي لك بدوام التألق والابداع
دمـت بحفظ الله ورعايته
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
28-02-2022
|
#8
|
جزاك الله خيراً
وجعله في ميزان حسناتك
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-03-2022
|
#9
|
-
,
طَرْحٌ مُعَطَّرٌ بِرُوحَانِيَّاتٍ قِيمَةٍ
جُزِيَتْ خَيْرَ اَلْجَزَاءِ ... :ff1 (90):
وَرَفْعِ اَللَّهِ قَدْرَكَ , وَجَعْلُهُ فِي مَوَازِينِ حَسَنَاتِكَ :ff1 (210):
حَفِظَكَ اَلْمَوْلَى
~
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-03-2022
|
#10
|
جزاك الله خير الجزاء
بارك الله فيك ع الموضوع القيم
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
المواضيع المتشابهه
|
الموضوع |
كاتب الموضوع |
المنتدى |
مشاركات |
آخر مشاركة |
ها هى الدنيا
|
غيمہّ فرٌح |
❀ انفاس ضفاف حره ❀ |
19 |
04-06-2024 06:25 AM |
حال الدنيا
|
- وَرد. |
۩۞۩ انفاس الركن الإسلامي ۩۞۩ |
23 |
25-09-2023 01:02 PM |
الدنيا زائلة
|
ابو الملكات |
۩۞۩ انفاس الركن الإسلامي ۩۞۩ |
45 |
21-09-2023 07:22 AM |
الضمائر.... بين الحياة.... والموت
|
- سِيمَــا. |
❀ انفاس ضفاف حره ❀ |
14 |
08-08-2023 03:31 AM |
لاتامن الدنيا
|
أميرة أميري |
❀ انفاس نبـض الخفوق و عذب الكلام المنقول ❀ |
8 |
08-06-2021 12:09 PM |
| | | | | | | | | |