معظم الحاصلين على جائزة نوبل كانوا غير استثنائيين في طفولتهم، فمثلًا كان آينشتاين بطيئًا في الحديث، وفشل في الجزء العام من اختبار القبول في كلية الفنون التطبيقية في زيوريخ..
معظم الحاصلين على جائزة نوبل كانوا غير استثنائيين في طفولتهم، فمثلًا كان آينشتاين بطيئًا في الحديث، وفشل في الجزء العام من اختبار القبول في كلية الفنون التطبيقية في زيوريخ..
كانت كثير من البدهيات التربوية تشير إلى أن الطفل الموهوب هو من يتمتع بالقدرة العقلية العامة في عدد من الجوانب، مثل القدرة اللفظية والميكانيكية والتخيلية والموسيقية، والقدرة العالية على التفكير، وأشكال أخرى من الأداء المميز، إضافة إلى قدرته العقلية العامة. كما اتفقت عدد من المعجمات العربية والإنجليزية على أن الموهبة تعتبر قدرة أو استعدادًا فطريًا لدى الفرد، تؤهله للإنجاز المرتفع في بعض المهارات والوظائف، وتجعله متفردًا وممتلكًا لخصائص وسمات يحتمل ألا يمتلكها الآخَرون.
ولكن مقال نشرته صحيفة الغارديان البريطانية مؤخرًا يعارض هذا التوجه بعنوان (لماذا لا يوجد شيء اسمه الطفل الموهوب؟) مما ينقض كثيرًا من النظريات الخاصة بالموهبة والطفل الموهوب.
يتحدث المقال عن امرأة عبقرية اسمها (مريم مرزخاني) توفيت في سن الأربعين بشكل مأساوي عام 2017؛ حيث كانت هذه الأكاديمية الإيرانية المولد هي الوحيدة التي تفوز بميدالية فيلدز - المكافئ الرياضي لجائزة نوبل - وأستاذة في ستانفورد منذ كان عمرها 31 عامًا، وكانت قد بدأت الفوز بالميداليات الذهبية في أولمبياد الرياضيات في سن المراهقة.
ويشير المقال إلى أن مرزخاني ولدت في أسرة من الطبقة المتوسطة، ولم تكن تهتم كثيرًا بالرياضيات، فقد كان أداؤها ضعيفًا خلال السنتين الأوليين في مدرستها المتوسطة، لكنها أصبحت مهتمة عندما أخبرها شقيقها الأكبر عما تعلمه في الرياضيات، وشاركت معه في حل قضية مسألة رياضية مشهورة، فافتتنت بها منذ ذلك الوقت.
ويواصل المقال الحديث عن أن معظم الحاصلين على جائزة نوبل كانوا غير استثنائيين في طفولتهم، فمثلاً كان آينشتاين بطيئًا في الحديث، وفشل في الجزء العام من اختبار القبول في كلية الفنون التطبيقية في زيوريخ، وفشل في الحصول على وظيفة أكاديمية، وتم نقله إلى المكتب السويسري للبراءات؛ لأنه لم يكن جيدًا بدرجة كافية في تكنولوجيا الآلات، لكنه ظل يبتعد عن العمل، ثم أعاد كتابة قوانين الميكانيكا النيوتونية بنظرية النسبية. كان لآينشتاين، مثال عبقري، فضول وشخصية وتصميم. كافح ضد الرفض في الحياة المبكرة لكنه لم يردع. هل اعتقد أنه كان عبقريًا أو حتى من الموهوبين؟ لا، لقد كتب ذات مرة: "ليس الأمر أني ذكي للغاية، بل أظل مع المشكلات فترة أطول. يقول معظم الناس إن الفكر هو الذي يصنع عالمًا عظيمًا. إنهم مخطئون.
كما أن لويس تيرمان، عالم النفس التربوي الأميركي الرائد قام بدراسة عام 1921 على 1470 من سكان كاليفورنيا الذين تميزوا في اختبارات الذكاء طيلة حياتهم. ولم ينتهِ المطاف بهؤلاء كمفكرين رائعين في عصرهم، لكنه افتقد اثنين من الفائزين بجائزة نوبل في المستقبل -لويس الفاريز وويليام شوكلي، وكلاهما من الفيزيائيين الذين طردهم من الدراسة؛ لأن نتائج اختباراتهم لم تكن عالية بما فيه الكفاية.
ويؤكد المقال أن الفضول والمثابرة والعمل الجاد، والدعم الصحيح والمستمر من المنزل والمدرسة، من أهم الأسباب للوصول إلى الطفل الموهوب، فالبروفيسور أندرس إريكسون، وهو عالم نفسي بارز في مجال التعليم بجامعة ولاية فلوريدا، لا يعتقد أن المواهب الفطرية هي جوهر الأداء، ولكن الممارسة المستمرة التي تمدك في كل خطوة على الطريق هي ما ينتج الخبير، لكن ربما يكون عمل بنيامين بلوم، وهو خبير تعليمي أميركي بارز عمل في الثمانينيات من القرن الماضي، هو الأكثر أهمية؛ حيث يؤكد فكرة أن الأسرة مهمة في جوهرها لمفهوم الأداء العالي، فقد نظر فريق بلوم إلى مجموعة من الأشخاص الذين حققوا نتائج عالية بشكل غير عادي في تخصصات متنوعة، وأجرى مقابلات معهم ليس فقط الأفراد ولكن آباؤهم أيضًا. وجد نمطًا من الآباء يشجعون أطفالهم ويدعمونهم.
وهذه الأبحاث جميعًا تنقض فكرة أن الموهبة فطرية، فالسلوكيات المرتبطة بمستويات عالية من الأداء والقابلة للتكرار مع الفضول الكبير تشير إلى كيف يتعلم فنانون الأداء العالي، مع مساعدة ودعم الأسر لهم. ثم يعود المقال ليشير إلى أن الأبحاث في بريطانيا تظهر الفرق الذي يحدثه الآباء إذا شاركوا في أنشطة بسيطة مع أبنائهم قبل المدرسة في المنزل، وقد وجدت بحوث أجراها فريق من جامعتي أكسفورد ولندن على مدار 15 عامًا، وبحثت بالتفصيل في 24 من بين 3000 من الأفراد الذين خضعوا للدراسة، والذين نجحوا في مواجهة الصعاب، شيئًا رائعًا حول ما يجري في المنزل، مع أن نصفهم كانوا يتناولون وجبات مدرسية مجانية بسبب الفقر، وأكثر من نصفهم يعيشون مع أحد الوالدين، وكان أربعة من كل خمسة يعيشون في مناطق محرومة، فلقد كشفت المقابلات عن دليل قوي على وجود شخص بالغ في حياة الطفل يقدر التعليم ويدعمه.
هذا المقال بتفاصيله الذي ينقض نظرية أن الموهبة فطرية.. مطلوب من مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) أن تبحث فيه فعليًا، وربما تتغير كثير من القناعات في تعريف الطفل الموهوب، ومن تجارب شخصية كثيرة، فإن التفوق الدراسي ليس بالضرورة هو الذي يدعم الموهبة، ولكن هناك عوامل أخرى أكثر أهمية، وهي الفضول المباشر للفرد، ورعاية الأسرة، والاستمرار في المحاولة هي ما يمكن أن يوجِد الموهوب الذي نحتاج إليه جميعًا
إنتسابي ♡
الفضول ورعاية الأسرة.. أساسا بناء الموهبة
العرض الشجري
