تخيل معى لو لم يكتشف الفيزيائى (سالفينو دويلي أرماتي) أن بمقدوره تصحيح بصره باستخدام قطعتي زجاج مقوستين أو محدبتين لهما قياس معين عام 1280، كيف كان سيرى ملايين البشر؟ وهل
تخيل معى لو لم يكتشف الفيزيائى (سالفينو دويلي أرماتي) أن بمقدوره تصحيح بصره باستخدام قطعتي زجاج مقوستين أو محدبتين لهما قياس معين عام 1280، كيف كان سيرى ملايين البشر؟
وهل كان المصاب بقصر النظر أو الاستيجماتيزم سيستطيع أن يعيش الحياة بشكل طبيعى، وترتدى السيدات العدسات الملونة وتعتبر هذا الجهاز المساعد وسيلة من وسائل الزينة؟
هل كانت بيوت الأزياء العالمية ستصمم آلاف التصاميم للنظارات الطبية والشمسية لتناسب الأذواق المختلفة؟ تخيل مرة أخرى معى لو لم تجد قياس حذائك كلما كبر قياس قدمك؟
هل كنت ستسير مرتدياً حذاء اصغر بدون أن تتألم قدمك؟
هل كنت ستستغنى عن ارتداء الحذاء من الأساس؟ أم كنت ستلازم بيتك؟
هل كان سيرى المجتمع أنك متطلب لأنك تريد قياس محدد؟
هل المشكلة فى هذه الحالة فى قدمك الذى تغير أم فى المجتمع الذى لا يوفر قياسك لمجرد أنك تختلف عن الغالبية؟
.هذا بالضبط هو الوضع عند ذوى الإحتياجات الخاصة فى مصر
فكما لا يمكن لبعضنا الرؤية بدون النظارة الطبية أو العدسات اللاصقة، فالبعض لا يمكنه التنقل دون كرسى متحرك والبعض الآخر لا يمكنه القراءة إلا بطريقة برايل والاسترشاد بالعلامات البارزة وآخرين لا يمكنهم الحديث إلا بلغة الإشارة
ولأنه شئ ليس بجديد ولا عجيب فكل دول العالم المتحضر تهتم بتوفير وسائل الإتاحة فى كل شىء، بداية من تأهيل المبانى والطرق والأرصفة الى المطاعم و المحال التجارية والأماكن الترفيهية والسياحية إلى دورات المياه وغرف قياس الملابس فى المحال التجارية !
آه والله .. غرف القياس !!
و كذلك وسائل المواصلات التى نناقش الآن أن يجد مستخدم الكرسى مكاناً له بها، أو منحدر ليتمكن من الصعود إليها فى حين أن مثيله فى دول أخرى يشكو ان هذه المنحدرات فى بعض الأماكن مجهدة على القلب والذراعين وخطرة أحياناً أخرى، وهو ما تم استعراضه فى تقرير أعده مذيع جلس على كرسى متحرك وتنقل فى الأماكن المخصصة ليعايش التجربة ويختبرها بنفسه ووجد نفسه يطالب بتعديلها للمواطنين وليس المطالبة أصلاً بوجودها كما هو الحال هنا فى مصر .
أيضاً فاقد البصر فى أى دولة تحترم مواطنيها على اختلاف احتياجاتهم يمكنه أن يتحرك داخل محطة المترو مثلا دون مساعدة ودون أن يستعلم عن الرصيف الذى يريده لأنه ببساطة يسترشد بالعلامات البارزة على الأرض والتى يمكنه قراءتها بالعصا الرفيعة التى معه ! غير مضطر لأن يستعلم من أحد مثل المبصرين !
تخيل دور الإعلام فى هذه الدول وكيفية التناول لذوى الإحتياجات ومشكلاتهم.
تخيل التأهيل النفسى للمجتمع و تفهمه وتقبله للإختلاف والتعامل المتحضر واحترام الحقوق ونشر الوعى بالمتطلبات التى قد يعتبرها البعض رفاهية ولكنها تعتبر أساسية عند الأشخاص من ذوى الإحتياجات.
تخيل توفير وسائل الإتاحة فى كل مكان والحق فى التعليم المدرسى والجامعى المتساوى مع باقى الطلبة
تخيل تكافؤ فرص العمل والتطوير والترقى ومراعاة المرونة فى ظروف العمل بما يتناسب مع الإعاقة
“اطلق لخيالك العنان أكثر ولا تقل: “يا لسوء حظنا” ولكن قل : ” ارزقنا يا رب.