, “اخرس !يا حيوان!” “يا حيوان! “ أعتذر منك أيها/أيتها القارئ/ة الكريم/ة على هذه الفظاظة والتي قد توصف كذلك بالحيوانية فلست المقصود وحاشاك. “يا حيوان” أو “حيوان” مجردة قد
أعتذر منك أيها/أيتها القارئ/ة الكريم/ة على هذه الفظاظة والتي قد توصف كذلك بالحيوانية فلست المقصود وحاشاك.
“يا حيوان” أو “حيوان” مجردة
قد تخرج منك أو لا تخرج هذا يتوقف على أخلاقك وربما صلابة أعصابك وقد تسمعها من أحدهم على سبيل الاستحقار وقد تلقيها في وجه أحدهم على سبيل الغلبة والانتقام وفي كلتا الحالين فالصيغة المستعملة هي النداء، وبالتالي فعلامة إعرابها الرفع لقبضة اليد بعد ضم الأصابع مع احتمال النصب الظاهر نصبه على الوجه وهي تسمع أو كسر أنف كذلك... وقد تُلقى بضمير الغائب المستتر وغير المستتر كأن تتحدث أنت و”سين“ عن ”صاد“ ثم يُنعت بالحيوان.
لنتوقف قليلا ونتساءل، يا ترى ما علاقة الإنسان بالحيوان؟
وكيف يمكن أن يتحول/ يمسخ الإنسان حيوانا عكس ما يراه التطوريون من تطور الانسان من الحيوان أو حتى قبل الحيوان من وحيدة الخلية ...لكنه ممكن فيمن حولهم الله سبحانه "قردة وخنازير"، في مناسبة خاصة لاتكرر ولا تعمم إلا رمزيا حين يوصف أعقابهم بذلك نتيجة ما يقترفون ...
لكن الحق يقال فقد يحصل أن تكون مناداتك لبعضهم بصنف معين من الحيوانات مقبولة على سبيل التحبب أو التغزل في قاموس الغراميات: يا بطة، يا قطتي، يا عصفورتي، يا غزالة
ولتلاحظ أنها بصيغة المؤنث حتى إن قالت الحبيبة للحبيب يابطة.
فهنا لا إشكال أن يصير المحبون والعشاق حيوانات ذات امتيازات عن البقية غير المحظوظة،
بينما القدحية تطلق بصيغتيها المذكرة والمؤنثة فنحصل على ثنائيات : يا تيس/ياعنزة، يابقرة/ياثور، ياكلب/ياكلبة أعزكم الله
وقد يحصل أن يستحيل البعض،في منزلة بين المنزلتين، في حديث مرموز إلى فحل أو فرسة أوناقة أو ديك قرية...
ولربما تكون أنت من تشبه نفسك بحيوان حينما تجري كالحصان أو حينما تقوم من نقاهة "زي الحصان" مما يشعرك بالفخر والقوة.
لا بأس، لكنك ستشعر بالمهانة وتأنف لا محالة من أن تصف نفسك بقسوة بالحمار إلا إذا كنت غاضبا منها جدا فتشير إلى ذلك كناية عن غبائك الشديد. أرجو أن لا تنسى وصف حمار الرحى وهو ما لا أتمناه لي ولك.
لكن رغم ذلك فالحمار من بين الحيوانات النادرة التي دخلت القاموس في إطلاق الصفة على بني الانسان، فاشتق منه الفعل” يستحمر“ والمصدر "استحمار” للإشارة إلى الاستغباء و يشاركه في ذلك الأسد إذ يستأسد أحدهم ثم يليه الخروف في العامية حين “يُخرفَنُ” بعضهم،
ولتلاحظ أنها كلها قدحية.
علميا فالانسان يشترك مع الحيوانات في كثير من الخصائص الحسية والمادية غالبا ويصنفه المتخصصون ضمن مملكة الحيوانات، وسيكون هناك من يعترض لاستعصاء الفهم عليه، “ليست قضيتنا الآن”
كما تتميز علاقة الانسان بالحيوان بالعداء أو الخوف أو التدجين أوالرفقة أو الحب أحيانا ولكن أغلبها يدور حول السخرة والتسخير أي إعلان فوقية الانسان وسيطرته، لذا فحين تقول لأحدهم أو يصرخ في وجهك “يا حيوان “ فهذا دليل على الدونية والاحتقار والاستهجان:
كأن تعاكس فتاة لا تستلطفك فتصفعك ب "ياحيوان" دليلا على قلة أدبك، ربما.
واستعمل ماشئت من قاموس الانتقاص والاستصغار والتجريد من الإنسانية والحط من الكرامة حتى لو تعلق الأمر بحيوان جميل كالطاووس >> فلا تفرح بذلك إن وُصِفت به أو شُبِّهت لأنه كناية عن التكبر والغرور والفراغ.
وعموما نقول بأن هذه الكائنات الحية المسكينة بريئة من كل ذلك فهي تتصرف حسب مقتضى الغريزة وفق ناموس الله في كونه ولا ذنب لها سوى أن وجودها على هذا الكوكب، وهي السباقة إليه، تزامن مع هذا الكائن/الإنسان الذي يرى نفسه (إن طغى) فوق كل الكائنات بل فوق بني جنسه من المستضعفين، فلا يجد غضاضة من أن يقول "أنا ربكم الأعلى" عياذا بالله
وختاما لا تنس أن وصف أحدهم بالحيوان هو حيوانية أو “حيونة”
كيف لا وقد رد جحا بإفحام على الذي أراد أن يسخر منه ويستحمره : "الحمير يعرف بعضها بعضا"
...
وإلى اللقاء إن شاء الله في تحولات أخرى.