خَرجَ قومٌ للصيدِ فَطرَدوا ضَبعاً حتى ألجؤوها إلى خباءِ أعرابي ..
فخرجَ إليهم الأعرابي وقال:
ما شأنكم؟ فقالوا: صيدنا وطريدتنا ،
فقال: كلا والذي نفسي بيده لا تصِلون اليها ما ثبت سيفي بيدي ،
ومن أخلاق العرب أنهم إذا استجارَ بهمُ أحدٍ لا يخذلونهُ ،
فرجعَ الصيادونّ وتركوهُ .
فأجارها ثمّ قامَ الأعرابي الى شاةٍ عنده فَحلبها و قربهُ إلى الضبعِ ..
وجعلَ يُطعمها ...
و قرّبَ إليها إناءَ ماءٍ فأقبلتْ تشربُ مرةً من هذا ومرة من ذاكَ ..
حتى ارتوت واستراحت وعادت لها الحياة و نامت
فبينما الأعرابي نائمٌ في جوفِ الليلِ إذ وثبت عليهِ ..
فَبقرتْ بطنهُ وشربتْ دمهُ وأكلتْ لحمهُ ثم تركتهُ
فجاءَ ابن عمٍ لهُ يزورهُ في الصباحِ و إذ بهِ مجندلٌ ..
وقد بُقر بطنه و أُكِل قلبه فالتفت إلى موضع الضبع فلم يرها ..
فقال: هيّ والله التي أجارها بالأمس ،
فأخذَ قوسهُ وكنانتهُ وتبِعها ..فلم يزل يبحثُ عنها حتى أدركها ..
فقتلها ثم بكى على ابن عمهُ عند جثتها وانشأ يقول:
ومَنْ يصنعُ المعروفَ في غَيرِ أهلهِ ** يُلاقي الْذي لاقى مجيرٌ "أم عامرِ"
أعدّ لهــا لمّا اسْتَـــجارت ببيتــهِ ** أحاليــبُ ألبــانّ اللقَــاحِ الدرائـــرِ
وأسْمنَهـا حتى إذا ما تمكـنَــت ** فرتــهُ بأنيـــابٍ لهـــا وأظـــافــــرِ
فقلَ لذوي المعروف هذا جزاءُ مَنْ ** يجودُ بمعروفٍ على غيرِ شاكــر