علّموا أبناءكم الإقتداء برموز ناجحة لتحموهم من التقليد المرضي
حوار ميم مع الأخصائي النفسي د. عبد الباسط الفقيه
يرى الأخصائي النفسي عبد الباسط الفقيه
أن التقليد والمحاكاة هي المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الإنسان اللغة والمشي والحركات الأساسية،
التي تعبر عن انتمائه للجنسي،
إلى درجة أن الأطفال الذين تربوا مع الحيوانات يكتسبون سلوكيات الحيوانات،
فحتى في المشي نجدهم يمشون على أطرافهم الأربعة.
وأضاف عبد الباسط الفقيه من الطبيعي أن يتعلم الإنسان من خلال
التقليد
ولكن المشكلة الأساسية هي التقليد الأعمى، بما معناه ماذا نقلد؟ ومن نقلد؟
ازدواجية الغالب والمغلوب
وتابع الفقيه أن العلاقة عندما تنحصر بين “الغالب والمغلوب”، تتحول إلى نوع من السلوك القهري، فالمغلوب مولع بتقليد الغالب…
لكن لماذا يقلد-أي المغلوب- الغالب، ولماذا يعتقد أن الغالب توصل بغلبته إلى هاته المنزلة، وكيف اكتسب مثل هذه المهارات و السلوكيات؟”
ويشر الفقيه إلى أنه عندما يتمكن المغلوب في اللاوعي من جملة المهارات والسلوكيات التي يُظهرها الغالب، يتساوى معه، وعندما يجد الإنسان قدوة له في حياته يحاول أن يقلده في مختلف حركاته وسكناته، إلى أن يصل به الأمر إلى درجة “التقليد المرضي”، فتجد المغلوب يقلد الغالب في شكله ولباسه وتقليده حتى فيما يُخالف الفطرة الانسانية.
“وأكثر الفئات التي تتأثر بالصور الوافدة من العالم المفتوح بسبب الثورة التي يشهدها عالم التكنولوجيا- من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها- هم الشباب، الذين تصل بهم الأمور إلى تقليد أشياء تثير السخرية والشفقة..
ولا يمكن هنا أن نتغافل عن الشباب الذي تخلص من آفة التقليد المرضي، واقتدى بالنماذج الإيجابية، فالإشكال ليس في التقليد في حد ذاته، بل في موضوع التقليد” على حد تعبير الفقيه.
المجتمع يصفق للفتاة التي تتعلم الرقص عوضا عن الفتاة التي تقرأ سلسلة من الكتب أو تحفظ القرآن، أي الفتاة التي تجتهد في المجالات غير المنتشرة والرائجة الجالبة للشهرة
عالم مفتوح يُبيح التقليد الأعمى
يواصل الأخصائي النفسي “العالم أصبح شاشة مفتوحة، لذلك لا يمكن أن نمنع شبابنا الذي تربى مع الشاشات، من أن يقلد من يشاهدهم ويتابعهم، فهو يرى الصور الغالبة الوافدة عليه من خلال الأفلام والمسلسلات والقصص المختلفة سواء كانت قصص نجاح أو فشل، ليجد نفسه كالخفاش: لا هو من سلالة الفئران ولا من الطيور، يتأرجح بين مجموعة من الصور الوافدة عليه وبين عاداته وتقاليده التي بدأ يتخلى عنها شيئا فشيئا ويكون عالما جديدا وغالبا يشكل صورته من عالم التكنولوجيا المفتوح.
التقليد إذا أمر طبيعي والإشكال يكمن “في المؤسسات الحاضنة التي تبدأ بالعائلة ثم المدرسة فالثقافة السائدة في المجتمع وصولا إلى المجتمع في حد ذاته فالنمط السائد الرسمي هو النمط الغربي والمجتمع في وقتنا الحاضر يصفق للفتاة التي تتعلم الرقص عوضا عن الفتاة التي تقرأ سلسلة من الكتب أو تحفظ القرآن، أي الفتاة التي تجتهد في المجالات الغير مشهور والغير منتشرة بين الناس، و الفتى المولع بالكرة بات أكثر شعبية من ذاك الذي ينشغل بدراسته وتحصيله العلمي”.
ووضح الفقيه سبب التقليد الأعمى بوجود صورة مجتمعية انساقت وراء نمط دخيل على عاداتها وتقاليدها لتنسلخ عنها وترتدي جبة الآخر: “الشخص الذي يتمسك بعاداته وتقاليده يُصبح في المجتمع مجلبة للسخرية ورمزا للتأخر ومعاداة لتحضر والتقدم”.
وعبر الفقيه عن أسفه من عدم اتباع المجتمع لنموذج ايجابي للتقدم والتطور، ف”المجتمع ونتيجة للصور التي تفد عليه، لا يقتدي بمن ينتجون الحل بل من ينتجون المشكل”.
الإبداع يبدأ بالتقليد
ولاحظ الفقيه أن مفهوم التقليد يتناقض تماما مع مفهوم الإبداع، لكن الإبداع يبدأ بالتقليد، مشيرا إلى أن الصناعة الصينية كانت في البداية مجرد استنساخ رديء، إلى درجة أن المنتجات والمصنوعات التي أنتجت لم تجد مكانا لها في الأسواق العالمية بسبب عدم جودتها. أما في وقتنا الراهن فعندما نلاحظ رواج المصنوعات الصينية في الأسواق، ندرك جيدا التقدم الذي أحرزته في عدة مجالات.
غياب النموذج والقدوة
وعن أسباب انتشار التقليد المرضي، يقول الفقيه إن النموذج والقائد الذي يُحتذى به في المجتمع الذي يكون رمزا يتبعه الآخرون، غائب تماما حاليا. فالمعلم والأستاذ والسياسي وغيرهم من الفاعلين لم تعد لهم القيمة التي كانوا يحضون بها في الماضي، “حتى الكلمات المسؤولة البرمجة اللغوية العصبية التي تؤهله لتقبل أفكار إيجابية أو سلبية، لم تعد لها قيمة بالكم الهائل من الأغاني التي يستمع إليها الأطفال اليوم.
علموا أبناءكم الإقتداء بشخصيات ناجحة وفاعلة في مجتمعاتها، وابعدوهم عن الإنحطاط الأخلاقي والفكري الذي تعيش على وقعه المجتمعات بسبب انتشار الأغاني الهابطة والمسلسلات التي تجعل من شخصيات خارجة عن القانون رموزا تقتدي بها الناشئة
وحث الفقيه على تربية الأطفال على الأساسيات الصحيحة سواء في التعليم أو تربيته على سماع الأغاني الراقية التي تُقوي زاده اللغوي والحسي، بدل تعويده على سماع الأغاني المنحطة كأغاني الراب وغيرها التي تُحدث له فوضى سمعية وفكرية.
وشدد الأخصائي النفسي، على ضرورة وجود حاضنة اجتماعية، متمثلة في مؤسسات تربوية أو أسرية أو ثقافية أو إعلامية تخلق قناة يمكن من خلالها تمرير القيم الأخلاقية والدينية والثقافية والذوقية والوطنية.
p,hv ldl lu hgHowhzd hgktsd ]> uf] hgfhs' hgtrdi p /fd
p,hv ldl lu hgHowhzd hgktsd ]> uf] hgfhs' hgtrdi lu hgHowhzd hgfhs' hgtrdi hgktsd p p,hv