لو كان يعلم أن الموت أجل محتوم لكبح جماح نفسه قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ . تأملْ قَولَ اللَّهِ
تأملْ قَولَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾، وانظر إلى حال أكثر، وتعجَّب كيف انصرف أكثرهم عن الآخرة!
ففريق منهم معاقرة الملذات كلُّ هَمه، والانغماس في الشهوات مبلغُ علمه؛ قال الله تعالى: ﴿أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [الأعراف: 179].
وفريق منهم جمع المال غاية مراده، ومنتهى أمله، لا يعرف لله فيه حقًّا، ولا يصله به رحمًا، ولا يبالي أمن جمعه أم مِن حرام، ونسي أنه وسيلة، فعبده من دون الله، فشقي به في الدنيا، وشقي به في الآخرة، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ، وَالقَطِيفَةِ، وَالخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ»[1].
وفريق منهم الشهرةُ أمنيته، وحديثُ الناسِ عنه هدفه الأسمى، ولا يبالي أكان ذلك بالخير أم بالشر، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ»[2].
وفريق منهم لا يرى لوجوده غاية إلا لتحقيق مكانة دنيوية ومنزلة بين الناس، ومنصب مرموق، وشرف مزعوم، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ المَرْءِ عَلَى المَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ»[3].
ولو كان يعلم هؤلاء جميعًا أن الموت أجل محتوم، وأن ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 185]، ولقلَّل كلُّ واحد منهم مِن غُلَوائه، وكبَح جماح نفسه، وقصَر سعيَه على آخرته، وبادر إلى مرضاة ربه، فإن الموت يطلبه حثيثًا، ويوشك أن يدركه.
فيا أَمَةَ اللهِ ويا عبدَ اللهِ اجعَل همَّك الآخرة، وغاية مطلوبك رضا الله تعالى، تَهُنْ الدنيا في عينيك.