وإذا كان الأمر كذلك فحري بالعبد أن يسعى في
اكتساب محاسن الأخلاق وأن يتخلى عن مساوئ الأخلاق.
وإذا كان مستقرا في نفوس بني آدم أن تغيير الأخلاق التي طبعت عليها النفس من أشق وأصعب الأمور، لكن ذلك ليس متعذرا ولا مستحيلا.
بل إن العبد إذا أخذ بالأسباب وجاهد واجتهد وفقه الله تعالى لاكتساب محاسن الأخلاق.
ومن هذه الأسباب:
أولا: سلامة العقيدة:
فشأن العقيدة عظيم، وأمرها جلل؛ فالسلوك- في الغالب- ثمرة لما يحمله الإنسان من فكر، وما يعتقده من معتقد، وما يدين به من دين.
والانحراف في السلوك إنما هو ناتج – في الغالب - عن خلل في المعتقد.
ولا شك أن هناك ارتباطا وثيقا بين الأخلاق والإيمان، فأكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا؛ فالعقيدة الصحيحة تحمل صاحبها على مكارم الأخلاق من صدق، وكرم، وحلم، وشجاعة، ونحو ذلك. وهذه العقيدة الصحيحة تمنعه من كثير من مساوئ الأخلاق من طغيان وكذب وكبر وجهل وظلم، وغيرها.
ثانيا: الدعاء:
فالدعاء باب عظيم، فإذا فتح للعبد تتابعت عليه الخيرات، وانهالت عليه البركات.
فمن رغب بالتحلي بمكارم الأخلاق، ورغب بالتخلي عن مساوئ الأخلاق- فليلجأ إلى ربه، وليرفع إليه أكف الضراعة ليرزقه حسن الخلق، ويصرف عنه سيئه.
ولهذا كان النبي- عليه الصلاة والسلام- كثير الضراعة إلى ربه يسأله أن يرزقه حسن الخلق، وكان يقول في دعائه: "اللهم اهدني لأحسن الأخلاق؛ لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها؛ لا يصرف عني سيئها إلا أنت"رواه مسلم.
وكان من دعائه: "اللهم جنبني منكرات الأخلاق، والأهواء، والأعمال، والأدواء"رواه الترمذي.