إعراب مفردات الآية [1]:
(أولاء) اسم إشارة مبنيّ على الكسر في محل رفع مبتدأ و(الكاف) حرف خطاب (الذين) اسم موصول في محلّ رفع خبر.
(اشتروا) فعل ماضي مبنيّ على الضمّ المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين و(الواو) ضمير متّصل فاعل في محل رفع. (الضلالة) مفعول به منصوب (بالهدى) جارّ ومجرور متعلّق بفعل اشتروا بتضمينه معنى استبدلوا، وعلامة الجرّ والكسر المقدّرة على الألف للتعذّر. (الفاء) عاطفة وهي لربط السبب بالمسبّب (ما) نافية (ربح) فعل ماض و(التاء) للتأنيث (تجارة) فاعل مرفوع و(هم) ضمير متّصل في محلّ جرّ مضاف إليه (الواو) عاطفة (كانوا) فعل ماض ناقص مع اسمه (مهتدين) خبر كان منصوب وعلامة النصب الياء. اهـ
روائع البيان والتفسير
﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى ﴾ قال أبو جعفر الطبري ما مختصره:
"والذي هو أولى عندي بتأويل الآية، ما روينا عن ابن عباس وابن مسعود من تأويلهما قوله: ﴿ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى ﴾: أخذوا الضلالة وتركوا الهدى. وذلك أن كل كافر بالله فإنه مستبدلٌ بالإيمان كفرًا، باكتسابه الكفرَ الذي وُجد منه، بدلا من الإيمان الذي أمر به.
أوَمَا تسمعُ الله جل ثناؤه يقول فيمن اكتسب كفرًا به مكان الإيمان به وبرسوله: ﴿ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [سورة البقرة: 108]؟ وذلك هو معنى الشراء، لأن كلّ مشترٍ شيئًا فإنما يستبدل مكانَ الذي يُؤخذ منه من البدل آخرَ بديلا منه. فكذلك المنافقُ والكافر، استبدلا بالهدى الضلالةَ والنفاق، فأضلهما الله، وسلبهما نورَ الهدى، فترك جميعَهم في ظلمات لا يبصرون. اهـ[2]
وقال القرطبي في تفسيره:
"واشتروا: من الشراء. والشراء هنا مستعار. والمعنى استحبوا الكفر على الايمان، كما قال: ﴿ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى ﴾ [فصلت: 17] فعبر عنه بالشراء، لان الشراء إنما يكون فيما يحبه مشتريه. فأما أن يكون معنى شراء المعاوضة فلا، لان المنافقين لم يكونوا مؤمنين فيبيعون إيمانهم. وقال ابن عباس: أخذوا الضلالة وتركوا الهدى. ومعناه استبدلوا واختاروا الكفر على الايمان. وإنما أخرجه بلفظ الشراء توسعا، لان الشراء والتجارة راجعان إلى الاستبدال، والعرب تستعمل ذلك في كل من استبدل شيئا بشيء.
ثم قال:
وأصل الضلالة: الحيرة. ويسمى النسيان ضلالة لما فيه من الحيرة، قال عز وجل: ﴿ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [الشعراء: 20] أي الناسين. ويسمى الهلاك ضلالة، كما قال عز وجل: ﴿ وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ ﴾ [السجدة: 10]. قوله تعالى: ﴿ فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ ﴾ أسند تعالى الربح إلى التجارة على عادة العرب في قولهم: ربح بيعك، وخسرت صفقتك، وقولهم: ليل قائم، ونهار صائم، والمعنى: ربحت وخسرت في بيعك، وقمت في ليلك وصمت في نهارك، أي فما ربحوا في تجارتهم" اهـ[3]
﴿ فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ قال الحافظ ابن كثير في بيانها -رحمه الله-: أي: ما ربحت صفقتهم في هذه البيعة، ﴿ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ أي: راشدين في صنيعهم ذلك.[4]
[1] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبدالرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان – دمشق ( 1/58 ).
[2] جامع البيان في تأويل القرآن لأبي جعفر الطبري، تحقيق أحمد محمد شاكر- الناشر: مؤسسة الرسالة (1 / 315 / 384 ).
[3] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي- الناشر: دار الكتب المصرية – القاهرة(1 / 210 ).
[4] تفسير القرآن العظيم لأبن كثير- الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع ( 1 /60 ).