30-12-2020
|
|
قال تعالى (وَبَشِّرِ المُخبِتينَ﴾
قال تعالى :
﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلنا مَنسَكًا لِيَذكُرُوا اسمَ اللَّهِ عَلى ما رَزَقَهُم مِن بَهيمَةِ الأَنعامِ فَإِلهُكُم إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسلِموا وَبَشِّرِ المُخبِتينَ﴾
[الحج: ٣٤]
بخير الدنيا والآخرة.
والمخبت: الخاضع لربه، المستسلم لأمره، المتواضع لعباده.
ثم ذكر صفات المخبتين فقال: { الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ }
أي: خوفا وتعظيما، فتركوا لذلك المحرمات، لخوفهم ووجلهم من الله وحده.
{ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ } من البأساء والضراء، وأنواع الأذى، فلا يجري منهم التسخط لشيء من ذلك، بل صبروا ابتغاء وجه ربهم، محتسبين ثوابه، مرتقبين أجره. { وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ }
أي: الذين جعلوها قائمة مستقيمة كاملة، بأن أدوا اللازم فيها والمستحب، وعبوديتها الظاهرة والباطنة. { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ }
وهذا يشمل جميع النفقات الواجبة، كالزكاة، والكفارة، والنفقة على الزوجات والمماليك، والأقارب، والنفقات المستحبة، كالصدقات بجميع وجوهها،
وأتي بـ { من } المفيدة للتبعيض، ليعلم سهولة ما أمر الله به ورغب فيه، وأنه جزء يسير مما رزق الله، ليس للعبد في تحصيله قدرة، لولا تيسير الله له ورزقه إياه. فيا أيها المرزوق من فضل الله، أنفق مما رزقك الله، ينفق الله عليك، ويزدك من فضله.
من تفسير السعدي رحمه الله. وقال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" [هود : 23]
قول تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا } بقلوبهم،
أي: صدقوا واعترفوا، لما أمر الله بالإيمان به، من أصول الدين وقواعده. { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } المشتملة على أعمال القلوب والجوارح، وأقوال اللسان. { وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ } أي: خضعوا له، واستكانوا لعظمته، وذلوا لسلطانه، وأنابوا إليه بمحبته، وخوفه، ورجائه، والتضرع إليه. { أُولَئِكَ } الذين جمعوا تلك الصفات { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } لأنهم لم يتركوا من الخير مطلبا، إلا أدركوه، ولا خيرا، إلا سبقوا إليه. من تفسير السعدي (1 / 380)
وذكر ابن القيم رحمه الله من منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة الإخبات.
فقال: الخبت في أصل اللغة : المكان المنخفض من الأرض وبه فسر ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة لفظ المخبتين
وقالا : هم المتواضعون وقال مجاهد : المخبت المطمئن إلى الله عز و جل قال : والخبت : المكان المطمئن من الأرض وقال الأخفش : الخاشعون
وقال إبراهيم النخعي : المصلون المخلصون
وقال الكلبي : هم الرقيقة قلوبهم وقال عمرو بن أوس : هم الذين لا يظلمون وإذا ظلموا لم ينتصروا وهذه الأقوال تدور على معنيين : التواضع والسكون إلى الله عز وجل ولذلك عدي بإلى تضمينا لمعنى الطمأنينة والإنابة والسكون إلى الله تعالى .
قال صاحب المنازل : هو من أول مقامات الطمأنينة يعني بمقامات الطمأنينة كالسكينة واليقين والثقة بالله ونحوها. فالإخبات : مقدمتها ومبدؤها قال : وهو ورود المأمن من الرجوع والتردد. لما كان الإخبات أول مقام يتخلص فيه السالك من التردد الذي هو نوع غفلة وإعراض والسالك مسافر إلى ربه سائر إليه على مدى أنفاسه لا ينتهي مسيره إليه ما دام نفسه يصحبه شبه حصول الإخبات له بالماء العذب الذي يرده المسافر على ظمأ وحاجة فى أول مناهله فيرويه مورده ويزيل عنه خواطر تردده في إتمام سفره أو رجوعه إلى وطنه لمشقة السفر فإذا ورد ذلك الماء : زال عنه التردد وخاطر الرجوع كذلك السالك إذا ورد مورد الإخبات تخلص من التردد والرجوع ونزل أول منازل الطمأنينة بسفره وجد في السير. قال وهو على ثلاث درجات: الدرجة الأولى : أن تستغرق العصمة الشهوة وتستدرك الإرادة الغفلة ويستهوي الطلب السلوة.
المريد السالك : تعرض له غفلة عن مراده تضعف إرادته وشهوة تعارض إرادته فتصده عن مراده ورجوع عن مراده وسلوة عنه فهذه الدرجة من الإخبات تحميه عن هذه الثلاثة فتستغرق عصمته شهوته والعصمة هي الحماية والحفظ و الشهوة الميل إلى مطالب النفس و الاستغراق للشيء الاحتواء عليه والإحاطة به يقول : تغلب عصمته شهوته وتقهرها وتستوفي جميع أجزائها فإذا استوفت العصمة جميع أجزاء الشهوة : فذلك دليل على إخباته ودخوله في مقام الطمأنينة ونزوله أول منازلها وخلاصه في هذا المنزل من تردد الخواطر بين الإقبال والإدبار والرجوع والعزم إلى الاستقامة والعزم الجازم والجد في السير وذلك علامة السكينة.
rhg juhgn (,QfQa~AvA hglEofAjdkQ﴾ hglEofAjdkQ hglEofAjdkQ﴾ juhg[ ,QfQa~AvA
rhg juhgn (,QfQa~AvA hglEofAjdkQ﴾ hglEofAjdkQ juhg[ ,QfQa~AvA
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|