30-08-2022
|
|
شرح حديث عائشة: "إني لست كهيئتكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني"
عن عائشة رضي الله عنها قالت: نهاهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمةً لهم، فقالوا:
إنك تُواصِلُ؟ قال: ((إني لستُ كهيئتكم؛ إني أَبِيتُ يطعمني ربي ويسقينى))؛ متفق عليه.
معناه يجعل فيَّ قوةَ مَن أكل وشرب.
قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
ومن ذلك أيضًا ما روَتْه عائشة رضي الله عنها: أنه نَهاهم عن الوصال رحمة بهم؛ يعني نهى الصحابةَ عن الوصال.
والوصال يعني أن يصل الإنسانُ يومين فأكثرَ في الصيام من غير فِطرٍ، يعني يصوم الليل والنهار يومين أو ثلاثة أو أكثر
فنهاهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولكنهم رضي الله عنهم فَهِموا أنه نَهاهم رحمةً بهم لا كراهة للعمل
فواصَلوا ثم واصَلوا حتى هلَّ شهر شوال، فقال صلى الله عليه وسلم: ((لو تأخَّرَ الهلال لَزِدتُكم))؛ يعني لأبقيتكم تُواصِلون
قال ذلك تنكيلًا لهم؛ حتى يعرِفوا ألمَ الجوع والعطش، ويكُفُّوا عن الوصال من أنفسهم.
الحاصل أنه نهاهم عن الوصال رحمة بهم، فقالوا: إنك تواصل ونحن نقتدي بك، فقال: ((إني لست كهيئتكم
إني يُطعمني ربي ويسقيني))؛ يعني أنه عليه الصلاة والسلام ليس كالأُمَّة، بل هو يَبيتُ عند ربِّه يُطعمه ويَسقيه، ومعنى ذلك
أنه عليه الصلاة والسلام يتهجَّد بالليل، ويخلو بالله عزَّ وجلَّ بذكره، وقراءة كلامه، وغير ذلك مما يُغنيهِ عن الأكل والشرب
لأن الإنسان إذا اشتغل بالشيء نَسِيَ الأكل والشرب، خصوصًا إذا كان الشيء مما يُحِبُّه ويرضاه؛ ولهذا قال الشاعر في محبوبته:
لها أحاديثُ مِن ذِكراكَ تَشغَلُها *** عن الشرابِ وتُلهيها عن الزادِ يعني أنها إذا قعَدتْ تتحدث عن هذا الرجلِ تُكثِر من ذِكرِه حتى يُلهيَها ذلك عن الطعام والشراب، وهو أمر واقع واضح
حتى إن الإنسان قد يكون في الأشغال يشتغل بها، فيلهو عن الأكل والشرب، مثل طالب العلم الذي يكون منهومًا بالعلم شغوفًا به
ربما يبقى في مكتبته يطالع من الصباح إلى المساء، فينسى الأكل والشرب، ينسى الغداء والعَشاء، وربما ينسى النوم
وكذلك طالب الدنيا منهومٌ لا يشبع، ربما يبقى في دفاتره وحساباته فينشغل عن الأكل والشرب.
ويُذكَر أن رجلًا غنيًّا كان يشتغل بحساباته وبكتاباته ومالِه، وله زوجة، وكان له جار فقير متزوِّج، وكانوا يشعُرون
بأن هذا الجار الفقير يعاشر زوجتَه بالمعروف، فغارت زوجة الغنيِّ؛ لأن الغني غافلٌ عنها، فقالت له: ألا تنظر إلى جارنا يعاشر زوجته بالمعروف
ويستأنس مع أهله، ففطن الرجل الغنيُّ لهذا، فدعا الرجل الفقير وقال له: إنك رجلٌ فقيرٌ تحتاج إلى المال، وأنا سأعطيك مالًا تتجر به
فأعطاه المال يتجر به، فانشغل به الفقير عن أهله، وصار لا يُعاشِرُهم ولا يؤنسهم، فصار مثل التاجر.
فالإنسان إذا انشغل بالشيء المحبوب إليه، أنساه كلَّ شيء؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((إني أَبيتُ عند ربي يطعمني ويسقيني))
فلستُ كهيئتِكم، وما زعَمَه بعض أهل العلم من أن المراد بالإطعام والإسقاءِ الإطعامُ من الجنة والإسقاء من الجنة، فليس بصحيح؛ لأنه لو طعم طعامًا
حسيًّا وشرب شرابًا حسيًّا، لم يكن واصلًا، وإنما المراد بالطعام والسقيِ ما يشتغل به صلى الله عليه وسلم من ذِكرِ الله بقلبه ولسانه وجوارحه.
الحاصل: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُواصِلُ ويَنهى أُمَّتَه على الوصال رحمةً بهم، فصلوات الله وسلامه عليه
وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (2/ 557- 560)
_ سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين.
avp p]de uhzam: "Ykd gsj ;idzj;lK Ykd Hfdj d'ulkd vfd ,dsrdkd" gfpe dp]e d'ulkd svn uhzam uhzam: Ykd gsj ;idzj;lK Ykd Hfdj d'ulkd vfd ,dsrdkd ,dsrdkd"
avp p]de uhzam: "Ykd gsj ;idzj;lK Ykd Hfdj d'ulkd vfd ,dsrdkd" gfpe dp]e svn uhzam Ykd gsj ;idzj;lK Ykd Hfdj d'ulkd vfd ,dsrdkd
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|